فن التوقيع يرسم ملامح بديعة في مؤلفات أدباء الإمارات

التوقيع يقرّب الكتاب إلى روح القارئ
التوقيع يقرّب الكتاب إلى روح القارئ

يتفنَّن كثير من المؤلفين في توقيع كتبهم المهداة إلى القرَّاء، بعبارات ذات ملامح فنية بديعة، ويجتهدون في صُنع حالة من الشغف، تغري المتلقي بالاطلاع على ما أنجزوه من إصدارات، ومع تنامي الاهتمام بثقافة التوقيع، وتزايد حفلاتها التي تكتظ بالجماهير في معارض الكتب المتنوعة، وغيرها من الفعاليات، أصبح للتوقيع سمة خاصة، تجعله جديراً بأن يكون فناً ذا نسَق مميز.

ويعيدنا هذا الفن إلى جذور قديمة في التراث الأدبي، حينما شاعت فكرة التوقيعات قبل العصر الأموي، إذ كان الخلفاء والأمراء والوزراء يعتنون بتذييل رسائلهم بجُمل بليغة، تتسم بالإيجاز والدلالة على معانٍ مكثفة ومقنعة.

وامتد تاريخ ذلك اللون الإبداعي، لنراه بارزاً في توقيعات بعض الأدباء في العصر الحديث، كما هو ظاهر، على سبيل المثال، في دواوين الشاعر نزار قباني، المحفوظة في مكتبة مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث في دبي، المزيَّنة بإهداءاته الشاعرية.

وفي الإمارات، لم يكن الوسط الثقافي بمنأى عن ذلك الموروث الأدبي الغني بمفردات الجمال، فأخذت ملامح الإبداع ترتسم من جديد، في توقيعات عدد من المبدعين المعاصرين على الصفحات الأولى من إصداراتهم، لتؤكد ارتباطهم بثقافة أمتهم الخالدة، وتتخذ مسارات فريدة من الروعة التي لا تنتهي.

طلال الجنيبي
طلال الجنيبي

وأوضح الشاعر الإماراتي الدكتور طلال الجنيبي، في تصريح لـ «البيان»، أن توقيع الكتب تعبير عن موهبة المبدع وخصوصيته، وأنه متى ما كان التوقيع مختلفاً في شكله ومضمونه ودلالاته.

فإنه يعكس صورة تفرُّد المبدع، في سياق يؤكد أن للإبداع حضوراً بأشكاله كافة، وما يحيط بها من مكملات، مشيراً إلى أن ذلك التصوُّر هو ما يدفعه إلى أن يكون مختلفاً في هذا المجال، ومستثمراً التعامل مع الخط العربي بطريقة تتضمن بعض الجماليات.

ولفت الجنيبي إلى أن ثمة فرصة لأن يكون التوقيع مدخلاً لشكل إبداعي مختلف، وأن هناك اختيارات تخصصية متعلقة بالفنون، ولذا، فإن التوقيع المميز يمكن أن يكون هو أيضاً في قادم الأيام معبِّراً عن شكل إبداعي.

مؤكداً أن التوقيع الذي يراعي ملامح الإبداع والتفرُّد، يثير انتباه المتلقي في أغلب الأحيان، ما يجعله يشكِّل عتبة مهمة لتقديم الإصدار، وتقريبه لروح القارئ، الذي يشعر بوجود عناية في أدق تفاصيل العمل الإبداعي.

وبيَّن أن شكل التوقيع ومضمونه، يكمِّل بعضهما بعضاً، فالشكل هو تعبير مرئي عن المضمون الكامن في التوقيع، كما أن المضمون هو قلب الشكل، موضحاً أن كل عنصر منهما يحتاج إلى الآخر، حتى يأخذ التوقيع صورته النهائية.

سعيد معتوق
سعيد معتوق

ورأى الشاعر الإماراتي سعيد معتوق، أن أكثر التوقيعات التي يزيِّن بها الكتَّاب والمؤلفون إصداراتهم عند الإهداء، تتسم بالاختصار، وذلك نظراً لأنه في معظم لحظات توقيع الكتب، يكون المبدع متعجلاً.

مشيراً إلى أن ضيق الوقت ووقوف الجماهير في طوابير التوقيعات التي تشهدها معارض الكتب، أو ختام الأمسيات الشعرية، من أهم الأسباب التي تحول دون صناعة توقيع أدبي يتصف بالإبداع. واستبعد معتوق أن تتحوَّل فكرة توقيع الإصدارات فناً مستقلاً بذاته، لافتاً إلى أن مضمون التوقيع يشكِّل أهمية أكبر، مقارنةً بشكله، لأن الكلمات المكتوبة، هي التي تعني القارئ الذي يُهدي إليه المؤلف كتابه.