مشهد جديد تطل من خلاله الثقافة العربية على الجمهور المحب للإبداع والفكر والفن، متخذةً من المنصات الرقمية منابر افتراضية، لكنها واقعية في ملامح أصالتها وتمسكها بعناصر التراث العريق، يلتحم فيها الجيل المخضرم بالأجيال الناشئة لصياغة رؤية تتكامل من خلالها الجهود.
وفي دبي، كان لهذا التطور في الرسالة الثقافية على مستوى المضمون والأسلوب حضوره المتألق عبر منصة «منطق»، التي انطلقت من الإمارة لتعكس سمات العمق والتنوع والثراء والانفتاح، وهو ما أكده نخبة من نجوم المنصة، في حديثهم لـ«البيان»، إذ رأوا أن توظيف تلك التقنية ثقافياً يبشر بخطاب واعٍ وعابر للحدود.
وقد استضافت مكتبة محمد بن راشد مؤخراً حفل إطلاق منصة «منطق» التابعة لدار «كتّاب» للنشر، تحت شعار «اصنع كلماتك» في خطوة لتعزيز المحتوى الرقمي الإماراتي وذلك بحضور نخبة من الكتاب والإعلاميين الإماراتيين.
وتضم المنصة أكثر من 20 بودكاست لمثقفين وإعلاميين إماراتيين.
حراك متجدد
ويؤكد الكاتب الإماراتي جمال الشحي، عضو مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد، ومؤسس منصة «منطق» الثقافية الشاملة، أن الخطاب الإعلامي لا بد أن يكون متغيراً ومتجدداً بفعل تطور المشهد الثقافي، مشيراً إلى ضرورة مواكبة الأحداث التي تتسم بالسرعة وعدم الثبات من خلال توظيف المنصات الرقمية في توصيل الرسالة الثقافية.
ولفت الشحي، الذي يقدِّم محتوى ثقافياً بعنوان «بمعنى»، إلى أن دبي تحفل دوماً بفعاليات ثقافية متنوعة وجوائز مهمة تصنع ربيعاً إبداعياً متميزاً، ما يفرض على المنخرطين في العمل الثقافي أن يتجاوبوا مع هذا الحراك ويسهموا في عكس صورته المتألقة، موضحاً أن الإمارة هي عاصمة تجذب العديد من الإعلاميين وصنَّاع المحتوى الذين استحقوا أن تكون منصة «منطق» منبراً لبث إبداعاتهم.
أرشيف أدبي
رأت الشاعرة شيخة المطيري، أمين السر العام لاتحاد كتَّاب وأدباء الإمارات، ورئيسة قسم الثقافة الوطنية والوثائق في مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، أن من الذكاء استثمار الثورة الرقمية المشهودة في خدمة الأدب وتعزيز حضوره في العصر الراهن، مؤكدةً أن من الضروري التفكير برؤية مستقبلية للاستفادة ثقافياً من المنصات الرقمية التي تسهم في تكوين أرشيف كامل للأدب العربي، والإماراتي على وجه الخصوص.
وقالت شيخة، التي تقدِّم محتوى عبر منصة «منطق» بعنوان «يحضرني الغايب»: «كثيراً ما نشتكي من فكرة عدم وجود المحتوى العربي، ولكن علينا أن نتساءل: ماذا قدَّمنا بشكل عملي لهذا المحتوى؟»، منوهةً بما حدث من خطوات إيجابية خلال المرحلة الأخيرة، بإطلاق دبي منصة «منطق» التي تحتضن برامج تنهض بدور مهم في إيصال الخطاب الثقافي إلى الجمهور على نحو يُحدث تفاعلاً حقيقياً.
رسالة عالمية
توقع عبدالعزيز البلوشي، أحد نجوم منصة «منطق» الثقافية، الذي يقدِّم مع زميله حمدان محمد محتوى بعنوان «ما عندك سالفة»، أن يشهد المستقبل القريب تطوراً ملحوظاً في نمو المنصات الرقمية ذات المضامين الثقافية، لافتاً إلى أن الوصول إلى العالم بات أسهل وأسرع في ظل تلك التقنيات التي صنعت مجالاً واسعاً لنشر الرسالة الثقافية لم يكن معروفاً من قبل.
وأوضح البلوشي أنه في السابق كان النشاط الثقافي مقتصراً على بعض الصحف والمجلات التي لا يتعدى صوتها النطاق المحلي المحدود داخل الدولة أو المدينة الواحدة، لكنَّ المنصات الرقمية صيَّرت العالم بشرقه وغربه مجتمعاً واحداً يتمتع بالقدرة على النقاش والتحاور، مشيداً بالجهود البارزة في التحوُّل اللاورقي التي تتبنَّاها دبي.
فرصة جيدة
ووصف حمدان محمد المنصات الرقمية بأنها «فرصة جيدة» لتوصيل الفكرة الثقافية والموروث الأصيل إلى أكبر فئة من جماهير الوطن العربي المتعطشين إلى هذا النوع من المحتويات الإبداعية المدعومة بتقنيات الإعلام الحديث، مبيناً أن ثمة برامج عربية عديدة اجتذبت طائفة عريضة من المتابعين من المحيط إلى الخليج بفضل توظيف هذه التكنولوجيا المتطورة في مصلحة الفكر والإبداع.
وقال حمدان: «شخصياً، أتابع صنَّاع محتوى من خارج الإمارات مؤثرين ولهم برامج ثقافية جديرة بالاهتمام تستضيف شخصيات مبدعة»، مشيراً إلى أن ما يميز منصة «منطق»، التي يطلُّ من خلالها، تنوع محتوياتها الثقافية الحافلة بما هو سياسي وفني وترفيهي وإنساني، ومن ثم قدرتها على استقطاب أكبر عدد من المتابعين بحسب المجالات المختلفة.