«فتى الجبل» على «شاشة» مكتبة محمد بن راشد

زينب شاهين وناصر المصعبي خلال الجلسة
زينب شاهين وناصر المصعبي خلال الجلسة

ضمن برنامج السينما والمسرح نظمت مكتبة محمد بن راشد فعالية ثقافية، تضمنت جلسة حوارية، وعرضاً سينمائياً للفيلم الإماراتي «فتى الجبل»، المستوحى من رواية «الفتى الذي عرف الجبال» للكاتبة ميشيل زيولكوفسكي، بمشاركة المخرجة الإماراتية زينب شاهين، وبطل الفيلم ناصر المصعبي، إذ شهدت حضوراً واسعاً من الجمهور من مختلف الأعمار، وتفاعلاً لافتاً مع النقاشات والعرض البصري.

واستعرضت الجلسة مسيرة تحويل الكلمة المكتوبة إلى صورة سينمائية نابضة بالحياة، من خلال فيلم «فتى الجبل»، مسلّطة الضوء على أبرز التحديات التي واجهت صنّاع العمل، وفي مقدمها العثور على مواقع تصوير تعبّر عن طبيعة الإمارات في خمسينيات القرن الماضي.

وفي هذا السياق، ذكرت المخرجة زينب شاهين، أن من أبرز أهداف الفيلم، تقديم صورة حقيقية عن طبيعة الإمارات وعاداتها وتقاليدها للمشاهد الأجنبي، مشيرة إلى أن إيجاد مواقع تخلو من مظاهر الحياة الحديثة، مثل أعمدة الكهرباء والسيارات، شكّل تحدياً كبيراً، نظراً لاختلاف المرحلة الزمنية التي تدور فيها أحداث الفيلم.

وبينت أنه، وكونها من إمارة الفجيرة، ساعدها هذا الأمر كثيراً في تحديد المواقع الطبيعية التي تعكس روح القصة، موضحة أن التصوير استغرق 35 يوماً، وخلال هذه الفترة، نشأت بينها وبين الممثل ناصر المصعبي علاقة إنسانية وفنية مميزة، فقد كان تجاوبه كبيراً، وهو ما ساعد على تقديم أداء صادق ومؤثر لشخصية «سهيل».

وأكدت المخرجة زينب شاهين لـ «البيان»، أن العمل في مجال الأفلام، يمتد أثر نجاحه لمدة طويلة، فعلى الرغم من أن الفيلم عرض قبل سنتين، إلا أن أصداء نجاحه ما زالت مستمرة إلى اليوم.

وقالت: «لم يكن التحدي الوحيد هو إيجاد موقع مناسب للتصوير فقط، بل التعامل مع طفل يبلغ 12 عاماً، مصاب بالتوحد، وهو ناصر المصعبي، الذي قدم شخصية سهيل، حيث جلست معه مطولاً، أشرح له كيف يفصل بين حقيقة شخصية ناصر، وشخصية سهيل في الفيلم، وكنت أؤكد عليه دائماً أن بإمكانه أن يخطئ ويعيد المشهد كيفما يريد، حتى يكون بالشكل المطلوب، وأن يعتمد على وجودي في التواصل والتعبير عما إذا كان بحاجة لأي مساعدة كانت، وبالفعل، تمكنا من إنجاز هذا الفيلم، بدور مميز للبطل سهيل».

وأشارت إلى أنه تم إخضاع البطل ناصر المصعبي للعديد من التدريبات، من قبل الجهات الخاصة بتعليم أطفال التوحد، ليتمكن من التعامل مع الكاميرات والمعدات، وكثرة الأشخاص، وتأدية الدور، وغيرها.

وأضافت شاهين: «تعلمت الكثير من شخصية ناصر، الذي أثر بي، وبكل العاملين في الفيلم، فقد أعدت كل حساباتي عن الحياة والعلاقات والصبر، وتقدير النعم التي أنعم الله بها علينا جميعاً، والمعرفة أكثر عن مرض التوحد الذي أغلبنا لا يعرف حقيقته».

من جانبه، أعرب بطل الفيلم الإماراتي، ناصر المصعبي، عن سعادته بالمشاركة في هذا العمل السينمائي، وتجسيده شخصية «سهيل»، مؤكداً أن هذه التجربة كانت بداية مميزة له في عالم التمثيل.

وقال: «استمتعت كثيراً بخوض هذه التجربة، وأطمح لمواصلة مشواري الفني، والمشاركة في أعمال جديدة، وربما يكون هناك فيلم آخر قريباً».

وأكد المصعبي لـ «البيان»، أنه كان معجباً منذ البداية بهذه القصة، وتحققت أمنيته بالمشاركة في قصته المفضلة، موضحاً أنه لا يملك حالياً أي فكرة أخرى مفضلة لدور ما جديد، لكنه لن يترك التمثيل.

وأشاد المصعبي بدور والده، الذي كان يتنقل معه بين مواقع التصوير، وسانده كثيراً، وما زال يرافقه في كافة الفعاليات المختلفة، إضافة إلى تشجيع والدته، ومساندة كافة فريق العمل له بشكل كبير، واحتضانه كابن لهم، ما عزز من أدائه.

يروي فيلم «فتى الجبل» قصة «سهيل»، الطفل الذي يواجه تحديات الحياة في جبال الفجيرة، وسط إهمال والده، لتبرز الأحداث صلابته وعزيمته، في تجسيد لقيم المجتمع الإماراتي في الدعم والدمج والتمكين.

وينسجم الفيلم مع أهداف «عام المجتمع 2025» في دولة الإمارات، من خلال تسليط الضوء على قيم التضامن والشمول، وطرح تساؤلات عميقة حول الهوية والعزلة والاختلاف، خاصة في سياق التعايش مع التوحّد.

وقد شكّل الفيلم نقلة نوعية في السينما الإماراتية، وترك أثراً كبيراً في قلوب المشاهدين، حيث عالج جوانب إنسانية واجتماعية نادراً ما تُطرح، وشكّل جسراً يربط بين الرواية البصرية والصورة السينمائية، بلمسات إماراتية، تطلق الفن السابع الإماراتي للجمهور المحلي والعالمي.