تحولت دبي إلى منصة عالمية نابضة بالفنون البصرية، وخاصة فن الرسم على الجدران، الذي بات جزءاً من هوية المدينة الحديثة والمتنوعة. بفضل دعمها المتواصل للفنانين وتوفيرها مساحات حضرية مفتوحة تعكس نبض المجتمع، أصبحت جداريات دبي مرآة ثقافية تعكس التراث والانفتاح والابتكار في آنٍ واحد.
ومن هذا المنطلق، أجرت «البيان» استطلاعاً مع مجموعة من الفنانين الذين أبدعوا في رسم ملامح دبي على جدرانها، لينقلوا من خلالها رسائل بصرية تعبّر عن روح المكان.
ترى الفنانة التشكيلية إلهام العوضي أن جدارياتها في دبي ليست مجرد رسوم، بل لوحات مفتوحة للمدينة وللناس، تختار ألوانها بعناية لتعكس الطاقة المتجددة والحيوية التي تشعر بها في دبي.
تقول: ألوان قوية أحياناً وهادئة أحياناً، لكن دائماً فيها رسالة. تستمد أفكارها من التنوع الثقافي والحياة النابضة، وتحرص على أن تبثّ في كل عمل فني شعوراً أو كلمة تلهم المارة ولو للحظة.
وتقول: أستمد إلهامي من دبي بما تحمله من تنوع ثقافي فريد. هي مدينة تلتقي فيها الحضارات، وتتناغم فيها الألوان، وتزدهر فيها الأحلام، وهذا التنوع يفتح أمامي آفاقاً لا حصر لها في اختيار موضوعات رسومي. أحياناً أستلهم فكرة من مشهد في سوق قديم، وأحياناً من برج يلامس السحاب، أو من ملامح وجوه عابرة تحمل قصصاً لا تُروى.
وتتابع: تنعكس ملامح دبي في أعمالي من خلال المزج بين الحداثة والتراث؛ بين الخطوط العصرية الجريئة والزخارف التي تهمس بروح الماضي. كل جدارية هي محاولة لالتقاط لحظة من هوية المدينة...
نوافذ القصص
أما فنان الجداريات رامي الزغوي فيصف ألوان أعماله بأنها تنبض بروح المكان وتجمع بين جرأة التعبير ودفء الانتماء، فتروي حكايات تليق بمدينة تحتضن الإبداع وتؤمن بقوة الفن. بالنسبة له، الجدار يصبح نافذة تطل على عالم من الأفكار، ودبي تمد الجسور للفنانين ليتركوا بصمة تحاكي الحاضر وتلهم المستقبل.
ويضيف : أستلهمها من جملة مصادر. من: أفق معماري يلامس السحاب، تراث يرسخ في الوجدان، وتنوع إنساني يمنح كل لون وكل خط معنى أعمق. ويرى أن دبي تمنح فن الجدارية طاقة خاصة حيث تمزج بين الماضي والمستقبل، ما يجعل كل عمل يحمل بصمتها الفريدة.
صوت المدينة
من جهته، يصف الفنان الإماراتي أحمد محمد المهري المختص في الفن الرقمي والتصميم والخط العربي الحر ورسام جداريات بأن الواجهة الثقافية الحقيقية لأي مدينة، هي تعكس ثقافة أهلها وتفكيرهم وتوجهاتهم.
ويؤكد أن دبي رغم احتضانها جميع ثقافات العالم، ما زالت متمسكة بأصالتها، ولهذا فإن أعماله تعتمد على أفكار مفهومة عالمياً لكن بلمسة أهلها، من خلال ألوان مبهجة تعبّر عن رؤيتهم وتأصيلهم الثقافي.
ويتابع المهري: الحاضر بالنسبة إلى دبي هو ماضٍ، فهي تعيش المستقبل في الوقت الحاضر. وينعكس هذا المفهوم في اختياراتي اللونية، وفي الخط العربي الحر الذي أقدمه بمنهج مختلف يحمل روح الماضي وجمال الحاضر المستقبلي.
هكذا تنبض جدران دبي برسائل فنية لا تنطق بها الكلمات، بل تُرى وتُشعر. وتبقى المدينة، بمنصّاتها الثقافية المفتوحة، حاضنة للإبداع، وشاهداً على فن يتجدّد مع كل لون وكل فكرة.





