رسومات الكتب.. صور تنطق بالكلمات وتحلق بمخيلة القارئ

 مريم الغفلي
مريم الغفلي
فاطمة بوخمسين
فاطمة بوخمسين

ما إن يتناول قارئ كتاباً زُيّنت أوراقه برسومات من إبداع ريشة فنان ماهر، ويبدأ في تقليب صفحاته، حتى تسحره الصور بخيالاتها المحلّقة، وتصحبه في رحلة لا تكاد تنتهي عجائبها، وتوحي إليه بما تنطق به الكلمات البليغة التي خطَّها الكاتب.

ومع تنوع أنماط الكتب خلال السنوات القليلة الماضية، اجتذبت الإصدارات ذات الصور المعبّرة، والقصص الحافلة بالعناصر المرئية، طائفة من القرّاء الأطفال والشباب، وأصبحت هي النماذج المحببة إليهم في عالم الكتب، الأمر الذي يثير جدلاً حول مستقبل خيال القارئ الواعد، بعدما اعتاد على نوع من القراءة يخاطبه بلغة الألوان بدلاً من الكلمات.

وأكدت الكاتبة الإماراتية مريم الغفلي، لـ«البيان»، أهمية الصورة في العصر الحالي ودورها المؤثر في تعزيز الكلمة المكتوبة الموجَّهة إلى الأطفال والشباب، مشيرةً إلى أن استعمال الصور عنصراً داعماً في الكتب التي يقرأها هذا الجيل يساعد على توصيل الفكرة إلى الذهن بطريقة أشد وضوحاً؛ وذلك بسبب اعتماد الفئات العمرية الصغيرة على تفعيل حواسها جميعاً أثناء القراءة.

واستبعدت أن تكون الصورة عاملاً سلبياً يؤدي إلى تضييق خيال المتلقي ومحدوديته، موضحةً أن وجود الصورة الفنية المشكّلة بالألوان، إلى جانب الكلمة البليغة المكتوبة يدعم مخيلة الطفل على وجه الخصوص، بحيث يتدرج في ربط المعلومات واستيعابها، ثم تتطور قدرته فيما بعد على الفهم والاكتشاف، ويصبح مؤهلاً لقراءة كتاب من الكلمات دون الصور.

ورأت أن الطريقة المثلى لتوظيف الصورة في الكتاب مع الحفاظ على أثر الكلمة في النفوس تتحقق من خلال ربط الصورة بالكلمة على نحو يحول دون طغيان أحد العنصرين على الآخر، مؤكدةً أنه بتلك الآلية يمكننا إيصال ما نودّ إيصاله إلى المتلقي، لكن لا بد من دراسات نفسية يجريها ذوو الاختصاص لتحديد ما ينبغي على الناشر القيام به في هذا الشأن.

من جانبها، أوضحت الكاتبة السعودية فاطمة بوخمسين أن الكلمة البليغة والصورة الفنية كلتاهما قادرتان على تنمية خيال المتلقي، سواء الطفل أو الشاب، إلا أن قرّاء القصص المصوّرة يتمتعون بمخيلة أوسع، لافتةً إلى أن تعامل المتلقي مع الصورة يُكسبه مهارة التحليل الفني الذي تتعدّد معه الرؤى والأفكار تبعاً للأبعاد النفسية والتجارب الحياتية.

وسيلة

وأوضحت أن الصورة تثري خيال القارئ وتمكّنه من التعبير عن مشاعره الدفينة وتفريغ عواطفه الكامنة، نافيةً أن يتسبب استعمال الصور وسيلة تعزيز للكلمات داخل الكتب الموجّهة إلى الأطفال والشباب في تحديد قدراتهم العالية على التخيّل؛ إذ إن القارئ يتفاعل مع الشخصيات المرسومة ويحاكي أداءها في وصف ما يدور في عقله.

وقالت: «ربما من الصعب على الكاتب والرسام في الكتب المصورة أن يوجد طريقة مثالية تحقق الاستفادة الكبرى من الصورة دون أن يخسر أثر الكلمة في نفس المتلقي»، مؤكدةً أن مثل تلك التحديات تواجه رسامي القصص المصوَّرة الذين هم مؤلفوها في الوقت ذاته؛ إذ يُضطرون إلى تعلُّم فنون عديدة، كالإخراج والتصوير، لتأدية المعنى المتكامل للصورة.