دبي تبني جيلاً مبدعاً عبر مراكزها الصيفية الثقافية

عالم من المعرفة والمهارات يحظى به الأطفال في مراكز دبي الصيفية
عالم من المعرفة والمهارات يحظى به الأطفال في مراكز دبي الصيفية
إيمان الحمادي
إيمان الحمادي
شما النعيمي
شما النعيمي
 مزنة المعمري
مزنة المعمري
 أحمد لوتاه
أحمد لوتاه
 سلامه سليمان
سلامه سليمان

تواصل دبي ترسيخ حضورها الثقافي والتربوي من خلال دعمها للمراكز الصيفية التي باتت محطة سنوية ينتظرها الأطفال بشغف، لما تقدمه من أنشطة تجمع بين التعلم والمتعة، في بيئة تفاعلية تنمي المهارات وتعزز الانتماء.

وفي إطار حرصها على تسليط الضوء على التجارب الثقافية والتعليمية الهادفة، أجرت «البيان» استطلاعاً ميدانياً داخل أحد المراكز الصيفية التي تنظمها هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، لرصد انطباعات الأطفال واليافعين حول الأنشطة التي يخوضونها، ومدى تأثير هذه البرامج في تطوير مهاراتهم وتعزيز ارتباطهم بالهوية الوطنية.

ملامح التراث

إيمان الحمادي، مدير قسم شؤون المكتبات في «دبي للثقافة»، تؤكد أن المخيمات الصيفية تهدف إلى «توفير بيئة تعليمية ملهمة وممتعة تتيح للأطفال واليافعين فرصة استكشاف قدراتهم وتطوير مهاراتهم في مجالات متعددة، تشمل الثقافة والفنون والابتكار، إلى جانب غرس قيم الانتماء وتعزيز الهوية الوطنية من خلال أنشطة مصممة بعناية توازن بين الترفيه والتعليم».

وتضيف أن تفاعل الأطفال كان لافتاً، خصوصاً في الأنشطة التي تعتمد على التفاعل العملي والتجريب، حيث أظهر المشاركون فضولاً معرفياً ورغبة في الاكتشاف، ما يعكس نجاح البرنامج في تحفيزهم على التعلم بأساليب غير تقليدية.

وترى الحمادي أن أثر هذه الفعاليات يتعدى نطاق المهارات الفردية، ليطال تعزيز الهوية الوطنية، موضحة: «يتعرف الأطفال على ملامح التراث الإماراتي من خلال ورش وتجارب غنية، وفي الوقت نفسه يشجعون على التعبير الحر والإبداع، ما يسهم في بناء جيل أكثر ارتباطاً بجذوره وأكثر استعداداً للمستقبل».

صناعة السيارات

وفي الميدان تعكس شهادات الطلبة مدى القيمة التي يجدونها في هذه المراكز، فشما النعيمي، طالبة في الصف الثامن، عبّرت عن إعجابها بالتجربة قائلة: «أعجبني كثيراً تعاوننا أثناء صنع السيارة، خاصة حين تعاملنا مع الأسلاك وكيف قمنا بتركيب الأجزاء معاً.

تعلمت كيف تعمل البطارية على تشغيل السيارة، ورأيت كيف أن كل قطعة ترتبط بالأخرى لتكتمل الفكرة».

وتؤكد: كانت التجربة تبدو سهلة، وشعرت أن بإمكاني جمع القطع من السوق وصنع سيارة بنفسي، بل أظن أنني أستطيع تنفيذها مرة أخرى وحدي دون مساعدة.

أما أكثر ما استمتعت به فهو الأعمال التي صنعناها من الطين؛ صمّمت لعبة «الجحيف» وابتكرنا مجسمات مستوحاة من التراث الإماراتي، مثل النخلة، والدلّة، وبرج خليفة، والقصر، لكن أكثر تجربة أحببتها كانت تركيب الراديو، فقد رأيت كيف يعمل وكيف يمكنه بث الأخبار، وتلاوة القرآن الكريم، والأغاني.

وتضيف: سأشارك في المخيم الصيفي مرة أخرى، فقد كان مكاناً ممتعاً، وتعلمت فيه الكثير من الأشياء الجديدة، كما أن المشاركة في المراكز الصيفية تساعدني على تنظيم وقتي وتعديل نظام نومي.

تجربة شيقة

أما مزنة المعمري، من الصف الخامس، فتقول: «تعلمت في المركز كيف أصنع راديو خلال يوم واحد، وكان تركيبه سهلاً وممتعاً.

كما أحببت كثيراً تجربة صناعة السيارات، فقد كانت تجربة شيقة».

وتضيف: من أكثر الأنشطة التي استمتعت بها تصميم لعبة إلكترونية على الكمبيوتر، ثم لعبتها مع صديقاتي في المركز، وكان ذلك من أجمل اللحظات، أحب أيضاً أن أصنع أشياء بيدي وأصطحبها معي إلى المنزل، وهناك وقت مخصص للقراءة، ما يجعلني أشعر بالسعادة.

وتؤكد: «أحب أن أبدأ يومي في هذا المكان الجميل كل صباح، لأنه يمنحني الفرح والمعرفة معاً».

اللعب والتعلم

أحمد لوتاه، طالب في الصف الثالث، يجد في هذه المراكز مساحة تجمع بين اللعب والتعلم، فيقول: «أحب لعبة التوازن التي تعتمد على تجنب لمس الحدود، لأنها تضيء عند الخطأ ويخسر اللاعب، وأنا دائماً الأول فيها ونادراً ما أخسر.

كما أستمتع بتصميم الألعاب الإلكترونية وصناعتها، وأطمح أن أصبح مبتكراً في هذا المجال، أنا أيضاً لاعب جوجيتسو، وأعتبر نفسي ماهراً، وأتمنى المشاركة والفوز في البطولات العالمية عندما أكبر.

ويضيف: في هذا المركز أتعرف على أصدقاء جدد وأستمتع بالأنشطة، وأحرص على تنظيم وقتي بين الترفيه والتعلّم، وأخصص أحياناً وقتاً للذهاب إلى مركز تحفيظ القرآن، ما يجعل يومي متوازناً ومثمراً.

رموز تراثية

وتقول سلامه سليمان، من الصف الخامس: تعلمت في المركز كيفية تصميم الألعاب وصناعة السيارات، وكانت التجربة سهلة وممتعة.

قمنا بصناعة سيارة تعمل بالطاقة الشمسية، كما صممنا ألعاباً إلكترونية عن التراث، أضفنا فيها معلومات عن أماكن يمكن زيارتها في دولة الإمارات.

كذلك أنجزنا أعمالاً فنية باستخدام الطين، منها البرقع وبعض الرموز التراثية.

وصنعت قارباً إماراتياً من الخشب، وثبتناه بالصمغ ورفعت عليه علم الدولة. كما قمت بصناعة لعبة «القحيف» باستخدام الطين، وعندما عدت إلى المنزل رسمت اللعبة بالطباشير على الأرض، ولعبت بها مع أصدقائي، فقد بدأت بنموذج صغير من الطين، ثم حولته إلى لعبة حقيقية على الأرض.

وتؤكد: «أحب المشاركة في المراكز الصيفية، فقد التحقت بها منذ سنتين، وأحرص على الحضور كل عام لأنها مليئة بالفائدة، وتمكنني من تعلّم أشياء جديدة والتعرّف على أصدقاء جدد».

هكذا تبرز تجربة «دبي للثقافة» في إقامة المراكز الصيفية نموذجاً فعالاً في تمكين النشء، وتوسيع مداركهم، وربطهم بتراثهم، عبر مساحات من الإبداع والمعرفة.