شكّلت الجوانب الفكرية والاجتماعية بمفرداتها المتنوعة في الإمارات مَعيناً غنياً يستلهم منه الأدب أفكاره، ونجح كتّاب الأعمال السردية في توظيف المستجدات المشهودة في الدولة والنجاحات التي أحرزتها على شتى الصُّعُد، وغدت صفحات الروايات والقصص القصيرة التي سطَّرتها أقلام الأدب الإماراتي من الجيل الرائد والأجيال الصاعدة صورة معبِّرة بصدق عن مناحي الحياة وتفاصيلها المتداخلة.
وأكدت الكاتبة الإماراتية شيخة الناخي، لـ«البيان»، أن الأعمال السردية الإماراتية استطاعت بالفعل أن تستفيد من واقع الحياة الفكرية والاجتماعية في الإمارات، حيث عكست التحولات المجتمعية والثقافية التي شهدتها الدولة في الفترة الأخيرة، مشيرة إلى أن كثيراً من الروايات والقصص الإماراتية تناولت قضايا الهوية، والتغير الاجتماعي، وصراع الأجيال، إضافة إلى إبراز ملامح الحياة اليومية والتقاليد المحلية، ما جعل السرد الإماراتي مرآة صادقة للمجتمع وتحولاته.
وقالت: «تتجلى الجوانب الاجتماعية في الإبداعات القصصية والروايات الإماراتية عبر موضوعات مثل العلاقات الأسرية، ودور المرأة، والتحولات الاقتصادية، وقضايا الشباب، إضافة إلى التفاعل مع قضايا الحداثة والتكنولوجيا، وكذلك الحضور الواضح لموضوعات التراث والبيئة المحلية، ما يمنح السرد الإماراتي خصوصيته وفرادته».
ورأت أن هناك إمكانات كبيرة فيما يتعلق بمدى قدرة الكاتب الإماراتي على استلهام القضايا العلمية وتحويلها إلى إبداع ممتع ومشوّق، خاصة مع تزايد الاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا في المجتمع الإماراتي، موضحة أن الكاتب الإماراتي يمتلك أدوات التعبير والخيال التي تمكِّنه من تناول القضايا العلمية بطريقة سردية جذابة، سواء من خلال أدب الخيال العلمي أو عبر دمج العناصر العلمية في سياق اجتماعي وإنساني، ما يثري المشهد الأدبي، ويواكب تطلعات المجتمع نحو المستقبل.
طفرات سردية
من جانبه، أوضح الكاتب الإماراتي محسن سليمان، أن القصة القصيرة استمدت نضجها وقوتها من واقع الحياة، وطبيعة تكوينها الفكري والاجتماعي، ومن خلال معايشة كتَّاب القصة الأوائل في الإمارات الحياة على طبيعتها، والظروف التي تطورت أمام أعينهم مثل: عبدالله صقر في قصة «الخشبة»، وعبدالحميد أحمد في «البيدار»، ومريم جمعة فرج في «فيروز»، لافتاً إلى أنه في رواية «شاهندة» لراشد عبدالله ظهر تطوّر واضح للشخصية الرئيسة.
وقال سليمان: «برأيي أن أكثر الجوانب الاجتماعية ظهوراً علاقة الفرد مع الأسرة والمجتمع، ويظهر ذلك جلياً في أكثر الأعمال السردية، ومنها تتشابك الأحداث، من طلاق وهجر وغربة وجريمة، وقد أُدرجت قصة «أنامل على الأسلاك» لشيخة الناخي، رائدة القصة القصيرة في الإمارات، في منهاج وزارة التربية التعليم في تسعينيات القرن الماضي، لما تحمله من معانٍ نبيلة في تسليط الضوء على مشكلة اجتماعية كانت حديث المجتمع، وقصص أخرى مماثلة».
وأكد أن ثمة مبادرات عديدة أطلقتها حكومة الإمارات وشارك فيها المجتمع من شأنها أن تستنهض قريحة المبدع، مثل «عام القراءة» و«عام التسامح» و«عام الابتكار»، منوهاً بأن السنوات القليلة الماضية شهدت مشروع «مسبار الأمل»، وصعود الرائدين الإماراتيين سلطان النيادي وهزاع المنصوري إلى الفضاء، وظهرت في الآونة الأخيرة قصص من الخيال العلمي قائمة على استشراف المستقبل، وخلق عوالم موازية.


