سلسلة المحاضرات في دبي ليست إعادة سرد الماضي بل استخلاص العِبر التي تنير طريق المستقبل
رداً على ذلك، دمرت الجيوش المغولية الإمبراطورية الخوارزمية، ما مهّد الطريق لتوسعهم نحو الشرق الأوسط، حيث بلغوا بغداد وأسقطوا الخلافة العباسية عام 1258م. وما قاد لاحقاً إلى هزيمة المغول للمرة الأولى في معركة «عين جالوت» على يد المماليك بقيادة «سيف الدين قطز».
الفكرة المحورية للسلسلة ليست إعادة سرد الماضي فقط، بل استخلاص العِبر التي يمكن أن تنير طريق المستقبل، مشدداً على أن «التاريخ هو الأساس الذي نقف عليه لفهم واقعنا، وهو بمثابة تحذير: لا تكرر الأخطاء ذاتها».
القيادة هي الأساس
وهنا، القيادة هي الأساس، وكل شيء يتمحور حول القيادة. وفي مجال العلوم السياسية، لطالما كان هناك سؤال مطروح: ما هو الأهم، المؤسسات أم القادة؟ وأعتقد أنه مع مرور الزمن، أصبح الجواب أوضح؛ فالقرارات التي يتخذها القادة هي التي تُشكّل ملامح الدول والمجتمعات.
فالإمارات هي ثمرة مشروع متعدد الأجيال يتطلع إلى المستقبل. إنها دولة تهتم بكل شيء.
نموذج حضاري
من الصعب اختزالها في أمر واحد أو اثنين، لكنني سأحاول. من بين الأمور التي أحبها في دبي هو تنوعها الثقافي. هناك أناس من أماكن عديدة وتجارب حياتية متنوعة، وهذا شيء أراه رائعاً.
كما إنني أشعر وكأنني أعيش في مدينة دولية محاطة بأصوات ولهجات وسير ذاتية متعددة. ومن الأسباب الأخرى التي تدفعني إلى حب دبي، وأرى أن متحف المستقبل يجسدها، هي أنها أصبحت مركزاً للابتكار.
دبي من نواحٍ كثيرة، تقف في مقدمة ما أعتبره نهضة جديدة. ومجرد أن أكون جزءاً بسيطاً من هذه الحركة هو أمر مثير جداً. هذه منطقة تمثل التغيير، والإمارات كلها تجسّد الأمل والإمكانية والابتكار.
دور فريد
لا كماضٍ ساكن، بل كقوة معرفية وثقافية حيّة قادرة على الإسهام في تشكيل المستقبل.
وقد شبّه كاساغراندا مكانة الإمارات المعاصرة بجمهورية البندقية الهادئة -المركز التجاري والثقافي الأهم في أوروبا في العصور الوسطى- قائلاً إن الإمارات تشبهها من حيث الحجم الجغرافي، لكنها ضخمة من حيث التأثير، إذ تلعب دوراً استراتيجياً، وتبني مشروعاً حضارياً يرتكز على الابتكار والتاريخ معاً.
هذه هي المعادلة: أن تكون مركزاً عالمياً للابتكار، وفي الوقت ذاته جسراً ثقافياً يربط العالم العربي والإسلامي بسياق حضاري معاصر.
نصيحة ذهبية
لا يجب أن يكون التاريخ في الماضي فقط، بل يجب أن يكون حاضراً في تفكيرنا ومشاريعنا وتطلعاتنا.
وأكد أن الماضي لا يجب أن يُترك خلفنا.. بل يجب أن ندرسه من أجل المستقبل، لافتاً إلى أن كل قصة إنسانية، سواء كانت سياسية أو ثقافية أو اجتماعية هي قصة مشاعر، وقصة قرار، وقصة مصير.
وذكر الدكتور كاساغراندا أنه نشأ على يد والد روى له التاريخ قصصاً، ما جعله يُدرّس التاريخ كـ«حكاية»، وليس كمادة جامدة.
وهذه بحد ذاتها رسالة للشباب: لكي تصنع مستقبلاً حقيقياً، لا تكتفِ بالمعرفة، بل اجعلها قصة.. قصة تؤمن بها وترويها وتبني بها العالم من جديد.