المتاحف حجر زاوية رئيس في الحفاظ على التراث الإنساني، وفي هذا الخصوص تطرح تساؤلات كثيرة منها هل تقوم المتاحف العربية بدور ثقافي فعال، أم أنها أصبحت بعيدة عن حياة الناس، واقتصر دورها على كونها مجرد مكان للعرض؟
يرى البعض أهمية دور المتاحف في نشر الوعي الثقافي والتاريخي، جنباً إلى جنب مع الحفاظ على التراث.. وفي المقابل يؤكد آخرون أن دورها بات قاصراً على عرض المقتنيات الأثرية ولم تعد تتفاعل بشكل كافٍ مع الجمهور.
جمال عبدالرحيم: شهدت انتعاشة في تقديم الخدمات الثقافي
يرفض أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة الدكتور جمال عبدالرحيم، ما يقال عن تراجع المتاحف العربية عن تقديم دورها الثقافي، مؤكداً أنها في السنوات الأخيرة شهدت انتعاشة حقيقية في تقديم الخدمات الثقافية للجمهور في العديد من الدول العربية، وبخاصة مصر على وجه التحديد قائلاً: «مثلما تلعب المتاحف دوراً محورياً في الحفاظ على التراث والآثار، فهي تؤدي أيضاً دوراً ثقافياً كبيراً في نشر الوعي والمعرفة بين الجمهور بمختلف فئاته».
ويلفت إلى وجود قسم تعليمي، وقاعة للمحاضرات داخل كل المتاحف المصرية، موضحاً: «في كل متحف، يُخصص قسم للتعليم، حيث يتعلم الزوار، لا سيما الشباب والأطفال، أسس الرسم والنحت وغيرها من الفنون.
كذلك تقام دورات وندوات ثقافية متنوعة تغطي مختلف جوانب التاريخ والحضارة، بالإضافة لاستضافة نخبة من الخبراء لإلقاء محاضرات تثقيفية تلبي احتياجات الباحثين والهواة على حد سواء، هذا إلى جانب إقامة حفلات فنية لفرق الإنشاد الديني، وفرق التراث الشعبي».
ويؤكد أن هذه الأنشطة الثقافية المتنوعة التي تقيمها المتاحف تساعد الأجيال الشابة على فهم جذورهم التاريخية، وتسهم في تعزيز هويتهم الوطنية، وتنمية الجوانب المعرفية والفنية لديهم، كما تلعب دوراً مهماً في الترويج للسياحة الثقافية والتاريخية.
ويوضح عبدالرحيم أن إدارة المتاحف تتعاون بشكل وثيق مع الكليات المتخصصة مثل الآثار والتاريخ والحضارة والسياحة والفنادق، لا سيما أقسام الإرشاد السياحي قائلاً: «يتمثل هذا التعاون في تنظيم برامج تدريبية للطلاب، حيث يقوم الخبراء في المتاحف بتزويدهم بالمعرفة اللازمة حول تاريخ الآثار وطرق عرضها، ويتم تشجيع الطلاب على المشاركة في برامج التطوع خلال فصل الصيف».
خالد عزب: المتاحف لا تؤدي دورها على أكمل وجه
في المقابل، يؤكد الدكتور خالد عزب، خبير الآثار ومدير المشروعات بمكتبة الإسكندرية السابق، أن المتاحف العربية لا تؤدي دورها المنوط بها على أكمل وجه، قائلاً: «تكمن الأزمة الحقيقية التي تواجه متاحفنا في سوء فهم دورها الحقيقي..
فبينما تُعتبر المتاحف في العالم مؤسسات تعليمية وثقافية تسعى لنشر المعرفة والتوعية، إلا أنها في منطقتنا العربية تُنظر إليها بشكل أساسي كأماكن لحفظ الآثار واستقبال السياح.
هذا التصور الضيق لدور المتحف يؤدي إلى إهمال الجانب التعليمي والتثقيفي، ويحرم الزوار من تجربة غنية ومتكاملة». ويشير إلى أنه وفقاً للتعريف الذي وضعه المجلس الدولي للمتاحف فإن المتحف هو مؤسسة ثقافية فكرية غير هادفة للربح، مضيفاً:
«بالتالي يهدف المتحف إلى ربط القطع الأثرية بتاريخ وحضارة المجتمع، وتقديم تجربة تعليمية غنية للزوار، ولذلك، فإن دور المتاحف يتجاوز كونه مجرد مكان لجذب السياح».
ويلفت إلى عدة تحديات تواجه المتاحف في المنطقة العربية من بينها تحديات تصميمية عديدة تعيق قدرتها على جذب الجمهور وتحقيق أهدافها الثقافية والتعليمية.
ويردف: «غالباً ما يتم تصميم المتاحف دون دراسة كافية لاحتياجات الزوار، بالإضافة إلى ذلك، يعاني العديد من المتاحف من مشاكل في اختيار الموقع، وتوفير مداخل واسعة لاستقبال أعداد كبيرة من الزوار، وكذلك عدم توفير مواقف للسيارات، وسوء تنظيم الجولات الداخلية، وعدم دراسة آليات الجذب والتشويق في كتابة سيناريو العرض داخل المتحف».
ويؤكد أن الكثير من المتاحف لديها سيناريوهات عرض متحفي متشابهة ما يؤثر سلباً على تجربة الزائر. ومع ذلك يشير عزب إلى أن المتاحف الإقليمية في مصر تشهد تنوعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة من حيث الأنشطة والبرامج الثقافية.