فن الخط العربي في دبي.. فضاءات تألق وأطوار حضور «رقمي» مؤثّر

أثمرت مبادرات ومشروعات وبرامج دبي المتخصصة في ميادين فن الخط العربي وصون مكانته، تعزيز حضوره الفاعل، جمالياً وقيمياً وثقافياً، في ميادين الحياة العصرية والإبداعية المتنوعة، ومن بينها الفضاء الرقمي، إذ تقدم في الصدد نموذجاً لافتاً في التعامل مع تحديات استمرار تألق هذا الفن في ظل طغيان أدوات التكنولوجيا العصرية، بفعل مشروعاتها ومعارضها وبرامجها المستدامة في الشأن، والتي أفلحت حفظ مكانة الخط العربي وتميزه في عصر الحداثة والتطور التكنولوجي، فصانت بهذا رونقه، وبثته روح تفرد جديدة، معززة تأثيره وحضوره في منظومة الهوية والتصميم والرقمنة.

«البيان» أضاءت على أهمية وطبيعة نجاحات دبي في السياق، من خلال آراء مثقفين ومتخصصن. وأكد علي عبيد الهاملي، نائب رئيس مجلس ندوة الثقافة والعلوم بدبي، رئيس تحرير مجلة «حروف عربية»، أن دبي ودولة الإمارات عموماً، من أكثر الدول في العالم اهتماماً بالمحافظة على الخط العربي ونشر ثقافته، وفي دبي، هناك نشاط واسع يشمل الندوات السنوية، والمعارض، والإصدارات المهمة، مثل «حروف عربية».

كما أن مبادرات دبي تعزز الحضور العصري الفاعل للخط العربي في فضاءات الرقمنة، وتمكنه من استثمار إمكانات هذا الفضاء بشكل خلاق. وتابع: لا أعتقد أن هناك دولة أخرى تبذل الجهود نفسها التي تبذلها دولة الإمارات، وإمارة دبي على وجه الخصوص، في دعم الخط العربي والخطاطين.

«خط دبي»

وقال خالد الجلاف، نائب رئيس تحرير «حروف عربية»، إن خط دبي، الذي يمثل خطاً طباعياً رسمياً تبنته حكومة دبي للمراسلات، يعد من بين ألمع المبادرات المؤثرة والملهمة في ميادين صون ألق وقيمة الخط العربي في عصرنا الذي تطغى وتحضر فيه التكنولوجيا بمجالات الإبداع كافة. وكوني موظفاً حكومياً، أجد فيه وضوحاً ورشاقة وجمالاً. وأضاف: إن «خط دبي» خط وظيفي طباعي يختلف عن الخط الجمالي الفني المستخدم في اللوحات، ولكن لكل منهما مجاله ووظيفته، وهذا يعكس وعي دبي بالفصل بين الاستخدام الوظيفي والجمالي للخط العربي. وهو بالمجمل، يعزز ويكرس أهمية الخط العربي.

بدروه، قال الفنان والخطاط د.تاج السر حسن، إن دبي تعد نموذجاً متقدماً في بناء الهوية المؤسسية، حيث يظهر الوعي بالهوية البصرية بوضوح لدى الجهات الحكومية والإدارية.

وأضاف: والهوية في دبي لا تقتصر على الشعار، بل تشمل الحرف والخط، التصميم البصري للمطبوعات، اللغة البصرية الموحدة وحتى الفراغات والمساحات الداخلية.

وأوضح أن التحول الرقمي لم يؤدّ في دبي إلى تراجع حضور الخط العربي، بل أعيد توظيفه داخل المنصات الرقمية، في ضوء المبادرات الملهمة العديدة، ما عزز حضوره بوصفه عنصراً بصرياً معاصراً، قادراً على التكيف مع التقنيات الحديثة دون فقدان جذوره.

وفي السياق، أشار الخطاط د. نصار منصور، إلى قيمة وجوهرية دور دبي في تعزيز الخط العربي، حيث لم تقدم مدينة أو عاصمة عربية ما قدمته دبي من فعاليات وبرامج معنية بإثراء قيمة وتأثير هذا الفن، خصوصاً في عصرنا الحالي الذي طغت عليه الرقمنة وباتت فيه جميع الفنون تحتاج التكيف معها.

كما لفت منصور إلى أن المعارض والمهرجانات قد تكون مؤقتة، لكن مبادرات ومشروعات ثقافية ركيزة في دبي، مثل «مجلة حروف عربية»، تمثل منبراً مستمراً يربط الماضي بالحاضر ويقدمه إلى المستقبل، ويشجع الأجيال الجديدة على ممارسة الخط العربي والتجديد فيه ضمن مشروع ثقافي مؤسسي واسع.