جولة إعلامية في موقع الفاية للتعريف بأهميته الحضارية والتاريخية

نظم المكتب الإعلامي لحكومة إمارة الشارقة، وبالتنسيق مع هيئة الشارقة للآثار، صباح اليوم، جولة ضمت عدداً من الإعلاميين من مختلف وسائل الإعلام المحلية، لاستكشاف موقع الفاية المُدرج على لائحة التراث العالمي «اليونيسكو»، حيث حظيت «الفاية»، التي تقع في المنطقة الوسطى من إمارة الشارقة، بهذا الاعتراف، لما تتمتع به من «قيمة عالمية استثنائية»، كونها تحتفظ بأحد أقدم وأطول السجلات المتواصلة لوجود الإنسان في البيئات الصحراوية، والتي تعود إلى أكثر من 200 ألف عام. كما تضمنت الجولة الاستكشافية أيضاً، زيارة مركز مليحة للآثار، ومواقع أثرية أخرى.

وفي هذا الإطار، قال عيسى يوسف مدير عام هيئة الشارقة للآثار: «يعد موقع الفاية واحداً من أقدم الأماكن في الجزيرة العربية التي احتضنت الإنسان، ومكّنته من البقاء والتكيّف. ومن جانب آخر، يعد الموقع من أهم المشاهد الطبيعية الأثرية، حيث يحتفظ بأدلة نادرة على استيطان الإنسان الأول، وتكيّفه مع البيئات الصحراوية وشبه الصحراوية، عبر مئات الآلاف من السنين.

ويسهم الموقع في إعادة تشكيل الفهم العالمي لمسارات الهجرة البشرية، وتطور المجتمعات الأولى، وتكمن أهمية المواقع التاريخية، في وجود أدلة أثرية تعود إلى أكثر من 200 ألف عام، كما يوثّق مراحل متعددة من الاستيطان البشري المرتبط بالتغيرات المناخية، ويثبت أن شبه الجزيرة العربية كانت موطناً صالحاً للحياة، وليس مجرد ممر عبور مؤقت للإنسان الأوّل.

كما اكتشفنا في موقع الفاية أدوات حجرية تعود إلى الإنسان العاقل (Homo sapiens)، وتعكس الأدوات مستوى متقدماً من التطور التقني، مماثلاً لمواقع أفريقية معاصرة». مشيراً إلى أن الرؤية المستقبلية تتمثل في مواصلة البحث العلمي والتنقيب الأثري، وتطوير البرامج التعليمية والتفسيرية، ومشاركة قصة الفاية، باعتبارها جزءاً أصيلاً من التراث الإنساني المشترك.

وأوضح الدكتور أسامة جميل خليل خبير التراث العالمي في هيئة الشارقة للتراث، أن دراسة بحثية نشرتها مجلة «العلوم الأثرية والأنثروبولوجية»، التابعة لمؤسسة النشر العلمية الرائدة «سبرينغر نيتشر»، تبين أن البشر الأوائل عاشوا في «جبل الفاية» بالشارقة قبل 80 ألف عام، وتقدم الطبقة الأثرية التي تناولتها الدراسة للمرة الأولى في التاريخ، قيمة مضافة من الأدلة العلمية الحديثة على التاريخ البشري الممتد إلى أكثر من 210 آلاف عام في هذه المنطقة.

وتشدد نتائج الدراسة على أهمية «الفاية» كموقع محوري لفهم تحركات الإنسان العاقل المبكر، وتكيّفه، واستراتيجيات بقائه في بيئات صحراوية قاسية ومتغيرة في شبه الجزيرة العربية، مؤكدة أن المشهد الطبيعي في «الفاية»، لم يكن مجرد ممر عبور ضمن رحلة الهجرات البشرية، بل كان موقعاً مهماً ومستداماً للسكن والاستقرار والتقدم البشري.