عدسة أحمد بدوان المسكونة بروح جمال الإمارات تروي قصص المكان وتفاصيله

تبرع العدسة في التقاط ما تعجز عنه الكلمات، أحياناً، حين تكون بيدي مبدع رهيف الأحاسيس دقيق الرصد واسع الثقافة.. وهكذا تصبح، برفقة الضوء، أداة لرواية تفاصيل شيقة بأسلوب ساحر متقن، كما هي حال عدسة المصوّر الإماراتي أحمد بدوان، الذي تتبدى صوره نابضة بالجمال وقصص ووثائق روح المكان ببهائها وصدقها.

إذ إنه لا يكتفي بالتقاط المشهد، بل ينسج من عناصره حكاية بصرية تنبض بالهوية وتعبّر عن الإنسان والمكان، حسبما يؤكد في حواره مع «البيان». وبذا فإنه استحق، الفوز في قمة الإعلام العربي في دبي بدورة هذا العام 2025، حيث تتقاطع الرؤى والطموحات، حيث كرم ضمن جائزة «إبداع»، وذلك في لحظة عبّرت عن تتويج لنهج إبداعي اختار أن يجعل من الصورة مرآة للواقع وجسراً نحو الجمال.

وحول هذا الفوز والتتويج المهم، يقول بدوان: «كنت سعيداً جداً، فقد كان اسمي أول اسم يتم تكريمه في افتتاح قمة الإعلام العربي. إن حجم واسم المسابقة جعلا من هذا الفوز مصدر فخر واعتزاز كبيرين بالنسبة لي».

أعمال صحفية

وحول توقعه للفوز، أوضح أحمد بدوان أنه كان واثقاً إلى حد كبير من فرصته لتحقيق هذا لإنجاز، مؤكداً أن مشاركته بأعمال صحفية تعكس بيئة دولة الإمارات منحته ثقة كبيرة. وأضاف: «هذه الجائزة تعني لي الكثير على الصعيدين الشخصي والمهني؛ فهي بمثابة تتويج لمسيرتي وجهودي، ودافع للاستمرار والتطور».

وعن طبيعة العمل الذي أهّله للفوز، قال إنه شارك بثلاث صور التُقطت من ملامح ومكونات وتفاصيل مدينة أبوظبي، إذ قال: «أحرص دائماً في مشاركاتي على إبراز جمال وتنوع تضاريس الإمارات وبيئاتها. وقد قدّمت صورة من سباق المحامل الشراعية في جزيرة دلما، وصورة لصحراء الربع الخالي في ليوا، وصورة تعبّر عن التلاحم المجتمعي أثناء صلاة القيام في جامع الشيخ زايد الكبير بأبوظبي. والرسالة التي أردت إيصالها هي أن الجمال ثري ومتنوع في التفاصيل المجتمعية المحلية بالإمارات، وأن الصور قادرة على توثيق روح المكان والناس».

وأشار بدوان إلى أن التحديات في التصوير الصحفي كثيرة، لأنه لا يعتمد على إعداد مسبق، بل على التقاط اللحظة المناسبة. وقال: «هذا الأمر يتطلب من المصور أن يكون دائم الاستعداد، مترقباً للحظة التي يمكن أن ينقل من خلالها قصة مؤثرة أو حدثاً مهماً. لذلك، أحرص دائماً على اصطحاب كاميرتي معي، حتى عند ذهابي إلى المسجد، لأننا يومياً نمر بمواقف تستحق أن تُوثّق».

التعلم والنجاح

وحول ما يميّز أعماله عن غيرها، برأيه، أجاب: «التميّز أولاً وأخيراً توفيق من الله. لكن خبرتي في العمل الصحفي لعدة سنوات ساعدتني في معرفة كيفية تقديم الصورة الصحفية بشكل مهني، وإيصال فكرتها من خلال الرسالة التي تحملها».

وعن بداية شغفه بالتصوير، لفت إلى أنها تعود إلى مرحلة الدراسة الإعدادية، تحديداً في العام 2008، مشيراً إلى أن حبه للتوثيق بدأ مبكراً بدعم من عائلته، إذ اقتنى أول كاميرا في سن مبكرة. وأضاف: «دراستي للإعلام عززت هذا الشغف، لكنها لم تكن محطة البداية. وحتى اليوم، لا يزال حماسي للتعلم والنجاح في هذا المجال بنفس قوة أول يوم بدأت فيه».

وعن مصادر الإلهام لديه، قال بدوان: «لا يوجد مصور أو عمل معين ألهمني بشكل مباشر، لكنني دائم المتابعة للمواقع العالمية التي يعرض الفنانون من خلالها أعمالهم. أمارس ما يُعرف بالتشبع البصري، أي تنمية المهارة البصرية من خلال مشاهدة عدد كبير من الأعمال في مجال معين، وهو ما ساعدني على تطوير ذائقتي وفهمي للصورة».

وأما في شأن قصة نيله جائزة «إبداع» في قمة الإعلام العربي 2025، وطبيعة أثرها على مستقبله، فكشف أنه في البداية لم يكن متحمساً للمشاركة، نظراً لأن المسابقة على مستوى الوطن العربي، ولأنه لم يكن يملك مخزوناً كبيراً من الصور. إلا أن دعم وتشجيع الدكتورة رانية عبد الله، مديرة برنامج الاتصال والإعلام في جامعة العين، شكّلا دافعاً كبيراً له. وقال: «بعد الفوز، تلقيت إشادات من شخصيات كثيرة، وظهرت في لقاءات تلفزيونية، كما حظيت بتكريم من الإدارة العليا في الجامعة وزملائي الطلبة».

الأمل والثقة

وفي ما يتعلق بأهمية الجوائز الطلابية، أشار إلى أن الإنسان بطبعه يبحث عن الحافز، قائلاً: «تأتي مثل هذه الجوائز كداعم ومحفز أساسي لطلبة الإعلام. تمنحهم الأمل والثقة، وتمنحهم أيضاً خبرة في العمل المهني الحقيقي. نحن، ولله الحمد، نحظى في دولة الإمارات بدعم مستمر من جميع مؤسسات الدولة التي تشجع المواهب وتمنحها فرصاً حقيقية للنمو».

ووجه نصيحة لزملائه من طلبة الإعلام قائلاً: «الإعلام مجال واسع وجميل، ولا يرضى إلا بالمبدعين الذين لديهم شغف وحب لعملهم. فالإعلام ليس وظيفة روتينية، بل هو انعكاس لروح العصر الذي نعيشه. لذلك، أنصح زملائي بأن يكونوا شغوفين بالتعلم، حريصين على تطوير أنفسهم، والبحث دائماً عما يرفع من قدراتهم ويكسبهم مهارات جديدة».

وفي ختام حديثه، كشف عن مشاريعه القادمة، موضحاً أنه يعمل حالياً على إنهاء دراسة البكالوريوس، وفي الوقت نفسه يطوّر شركته الخاصة التي أسسها مؤخراً، وهي متخصصة في تقديم خدمات التصوير، والاستشارات الإعلامية، وتنظيم الورش التدريبية في مجال التصوير. وأضاف: «لدي خطط مستقبلية لتوسيع هذه الأنشطة بإذن الله».