أسماء الأحمد ومحمد أهلي يستكشفان تاريخ الإمارات بـ«جذور الحجر»

«منحة الأبحاث» تدعم الدراسات المبتكرة المتعلقة باستكشاف التاريخ والثقافة الإماراتية |  من المصدر
«منحة الأبحاث» تدعم الدراسات المبتكرة المتعلقة باستكشاف التاريخ والثقافة الإماراتية | من المصدر

من وحي الطبيعة الإماراتية الساحرة، استلهم الثنائي الفنانة أسماء يوسف الأحمد والمصور والرحالة محمد أحمد أهلي فكرة مشروعهما الفائز بـ«منحة الأبحاث» الخاصة بمتحف الاتحاد، الهادفة إلى دعم الدراسات المبتكرة المتعلقة باستكشاف التاريخ والثقافة والهوية الإماراتية، ليوثِّقا أنواع النباتات الجبلية البرية عبر الجمع بين علم النبات والتاريخ الشفهي، والتصوير والتعبير الفني.

ومن خلال الدراسة التي تُبرز الأهمية البيئية والثقافية للطبيعة الوعرة في الإمارات، يسعى الباحثان إلى تقديم منظور جديد لتفاعل الجمهور مع التراث الطبيعي، ليتم تتويج المشروع في النهاية بإصدار موسوعة فنية متكاملة باللغتين العربية والإنجليزية.

علاقة صامتة

وكشفت الفنانة أسماء يوسف الأحمد، لـ«البيان»، عن سبب اختيارها موضوع «جذور الحجر: تأملات في مشاهد نبات جبال حجر الإمارات» الذي يرتبط بجذورها الشخصية ونشأتها بين الطبيعة الجبلية في دولة الإمارات، وتحديداً في رأس الخيمة، قائلةً: «لطالما جذبتني العلاقة الصامتة بين الإنسان والنبات، وكيف تتحول الجبال إلى خزان للذاكرة والمعرفة البيئية».

وأوضحت أسماء أن المشروع يمثل محاولة لإعادة قراءة هذه العلاقة من منظور بصري وإنساني، يسرد الحكاية النباتية للجبل، ويستحضر ما نسيه التوسع العمراني السريع، منوهةً بأن فوزها هي وزميلها في المشروع، المصور والرحالة محمد أحمد أهلي، بالمنحة شكَّل لهما دفعة معنوية ومؤسسية مهمة.

وأضافت: «أتاح لنا الفوز مساحة من الوقت والموارد للتركيز على البحث والتأمل والإنتاج الفني بشكل أكثر عمقاً»، مؤكدةً أن «الانضمام إلى مشروع وطني بإشراف متحف الاتحاد يعزز من قيمة ما نقدمه، ويمنح مسيرتنا الإبداعية بعداً بحثياً وتوثيقياً يعكس التزامنا تجاه البيئة والهوية والثقافة المحلية».

ووصفت المبادرة التي أطلقتها هيئة الثقافة والفنون في دبي بأنها تمثل خطوة جريئة ومُلهمة نحو دمج البحث العلمي بالإنتاج الثقافي والفني، موضحةً أن هذا التوجه مهم لبناء أرشيف حيّ ومعاصر يعكس تنوع الإمارات وثراءها البيئي والثقافي.

وأردفت: «رؤية هيئة الثقافة والفنون في دبي لتمكين الباحثين من خلفيات متعددة تفتح الباب أمام سرديات جديدة ومعمّقة، وتدفعنا للتفكير في البحث ليس كأداة أكاديمية فقط، بل كفعل إبداعي ومجتمعي يعكس واقعنا المحلي ويتجاوزه إلى حوارات عالمية».

من جانبه، أوضح المصور والرحالة محمد أحمد أهلي أن اختياره لموضوع البحث جاء من منطلق اهتمامه بجبال الحجر التي تحتضن نباتات نادرة وفريدة لا تُشاهد في مناطق أخرى من الإمارات، مشيراً إلى أنها بمثابة متحف طبيعي مفتوح للنباتات التي تكيفت مع تضاريس صعبة ومناخات قاسية.

وقال: «هذا القرب الجغرافي والمعرفي من جبال الحجر جعلها نقطة انطلاق طبيعية لمشروعنا البحثي، كما أن ارتباطي العميق بالطبيعة ورحلتي الطويلة في استكشافها جعلا هذا المجال يلامسني شخصياً ويحفزني على الغوص في تفاصيله».

ورأى أن الفوز بمنحة الأبحاث شكَّل نقطة تحول بالنسبة إليه، وأتاح له دمج الشغف بالمغامرة والتصوير مع البحث العلمي والتوثيق الثقافي، مضيفاً: «أنا متسلق جبال ومصور محترف منذ أكثر من 12 عاماً، وكثيراً ما تساءلت: ماذا لو تهت في الطبيعة؟ كيف يمكن أن تكون النباتات وسيلة للبقاء؟».

وأكد أن هذا المشروع لم يكن مجرد توثيق للنباتات، بل رحلة لفهم المعرفة الشفوية المتوارثة عن استخدامات النباتات في الغذاء والعلاج، وهو ما يضيف قيمة إنسانية وثقافية كبيرة له وللمجتمع الجبلي الذي يتفاعل معه، مشيداً بمبادرة «دبي للثقافة» التي يرى أنها ترسم ملامح مستقبل واعد للبحث الثقافي والعلمي في الدولة.

ولفت إلى أن هذه الخطوة الاستراتيجية تعكس وعياً عميقاً بأهمية التوثيق والحفاظ على الموروث، وتشكِّل دعماً حقيقياً للمبدعين والباحثين، مبيناً أن الاستثمار في مثل هذه المشاريع ضروري لترسيخ الهوية الوطنية، وتعزيز مكانة الإمارات بصفتها مركزاً للثقافة والابتكار على مستوى المنطقة.