غلاف الكتاب.. سردية فنية نابضة بعصارة فكر المؤلف

أسماء المطوع
أسماء المطوع
يوسف حطيني
يوسف حطيني

ينحصر عمل كثير من المبدعين في صياغة نصوصهم الأدبية دون الالتفات إلى عملية التصميم والإخراج الفني، التي يوكلون أعباءها إلى جهات الطباعة والنشر، معتقدين أن مسؤوليتهم مقصورة على ما خطته أقلامهم من الجمل البديعة، والصور المحلقة في سماوات المجاز، ليأتي دور القارئ، الذي ربما يكون الغلاف هو الداعي الحقيقي له إلى قراءة الكتاب، مفترضاً أن ذلك الثوب الذي يكتسي به العمل الأدبي إنما هو انعكاس رؤية الكاتب وعصارة فكره، ويزيد الأمر دهشة عندما يحين عمل الناقد، فيضع الغلاف تحت عدسة النقد.

توافق إبداعي

الكاتبة الإماراتية أسماء صدِّيق المطوع، رئيسة ومؤسِّسة «صالون الملتقى الأدبي»، أكدت لـ«البيان» أن غلاف الكتاب يشكِّل جزءاً لا يتجزأ من العمل الأدبي، وأنه لا بد من إيجاد توافق إبداعي ينسجم به الغلاف مع المحتوى الذي أبدعه الكاتب، داعية إلى طرح جوائز ثقافية لتتويج المؤلفين الذين يراعون التحام تصميمات الكتب مع أفكارها.

وقالت: «كانت لنا تجربة سابقة نفذناها من خلال صالوننا الأدبي؛ إذ غلَّفنا بعض الإصدارات بغير أغلفتها الحقيقية، وناقشنا محتويات الكتب بصورة منفصلة، لندرك مدى أهمية الغلاف إبداعياً»، مشيرة إلى أن بعض دور النشر قد لا تعبأ بهذا الجانب الإبداعي للغلاف، وتحصر ضوابط تصميمه في مدى الجاذبية، التي تحقق الربح المالي.

وأضافت: «ربما يمثل التعاون بين المؤلف والفنان التشكيلي الذي يرسم لوحة الغلاف أمراً مجهداً يتحاشاه كثير من المبدعين، إضافة إلى ما تكلفه طباعة الكتب من نفقات باهظة، ترهق الناشرين والمؤلفين معاً»، لافتة إلى أن تلك العوامل تحول دون الاهتمام بالغلاف الذي ترى أن الحكم عليه فرع من الحكم على العمل الأدبي.

مظهر فني

من جانبه، رأى الناقد الدكتور يوسف حطيني، المحاضر في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة الإمارات، أن غلاف العمل الأدبي يعد مظهراً فنياً جمالياً يحمل قيمة دلالية معبرة، ما يؤهله لأن يكون أحد عناصر الإبداع، التي يحكم بها على الأديب، مشدداً على ضرورة أن يتدخل المبدع في اختيار غلاف كتابه وإبداء ملاحظاته عليه.

وقال حطيني: «تناول قضية غلاف الكتاب يشكل نقطة مهمة جداً في حديثنا عن الأدب والنقد؛ ولذا من الضروري أن يطلع الكاتب على تصميم الغلاف الخاص بعمله قبل أن يرى النور»، مؤكداً أهمية موافقة المبدع على هذا الجزء الأصيل من إصداره،الذي يمثل نصاً موازياً للنص الأدبي، الذي يتضمنه الكتاب.

وأضاف: «في مجتمعاتنا العربية لا يتدخل الكاتب غالباً في صناعة غلاف كتابه، بل قد يطبع الإصدار في كثير من الأحيان دون أن يطلع المبدع على غلافه»، منوهاً بأن الأوروبيين يولون هذا الجانب الإبداعي اهتماماً بالغاً؛ لكونه أول ما تقع عليه عين القارئ.