الخط العربي والتكنولوجيا.. جماليات بصرية وإبداع لا نهائي

يحلّق الخط العربي في فضاءات جديدة، معتمداً على التقنيات الحديثة، الأمر الذي أعطى بعداً جديداً لهذا الفن العريق المرتبط بالثقافة الإسلامية، ومع انبثاق ثورة الذكاء الاصطناعي اتسعت مجالات الجمال في الخط؛ إذ غدت وسائل وأدوات مساندة في خدمة الموهبة البشرية التي تفيض بالإبداع.

وخلال معارض فنية متنوعة في دبي، كان لهذا الجمال الذي تضفيه التكنولوجيا على الحروف العربية حضوره المتميز، وذلك عبر فعاليات حافلة، أبرزها: «بينالي دبي للخط» الذي تستضيفه هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، ومعرض دبي الدولي للخط العربي، إلى جانب العديد من المعارض التي تحتضنها مؤسسات متعددة، مثل مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، وندوة الثقافة والعلوم بدبي.

تقنية «الفيكتور»

وأوضح الخطاط السوداني تاج السر حسن، في تصريح لـ«البيان»، أن التقنيات الحديثة أتاحت أبعاداً لا نهائية لتنفيذ أعمال الخط في العصر الراهن بواسطة «الفيكتور» الذي يسمح بتكبير الحروف العربية إلى أحجام متفاوتة دون تعرضها للتكسير أو ضعف الصورة نتيجة قلة الجودة، واصفاً تلك الأساليب المتطورة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، بأنها أدوات مساعدة لليد البشرية التي لا يعدلها شيء.

وأكد أن لليد البشرية تحولاتها وتحوراتها الطبيعية التي تعكس حالة الخطاط النفسية أثناء الكتابة ورسم الحروف بإتقان شديد، وأن الخط العربي يُعَدُّ من أصعب الفنون أداءً؛ لما يشتمل عليه من غزارة في أشكال الحرف وطرائق كتابتها، مشيراً إلى أن للميم مثلاً 12 شكلاً في الثلث الجلي، وأن خبرة الخطاط الماهر هي التي تمكِّنه من تحديد الاختيار المناسب ضمن كل الاحتمالات الممكنة القابلة للبرمجة.

وقال: «بالرغم من هذا التطور الهائل الذي اعترى مجال الخط، فإن القرار لا يزال بيد الخطاط لكي يعيِّن الشكل اللازم من وجهة نظره، ولا شك في أن الذكاء الاصطناعي أضاف أموراً جديدة في هذا الجانب، إلا أنه لا يمثل خطورة، بل يشكل أبعاداً إيجابية تثري الإبداع وتعزز دوره»، لافتاً إلى أن القيِّمين وذوي الخبرة في الخط يستطيعون التمييز بين العمل الأصيل والنماذج التجارية المقتبسة والمقلَّدة.

علامة خاصة

ل.وتحدَّث تاج السر عن تجربته الإبداعية في العمل على الدوائر التاجية التي تميَّز بها وشرع فيها عام 1977، حتى باتت علامة خاصة به، وتزايدت إلى أن تجاوزت 40 عملاً فنياً، مبيناً أنها جميعاً عبارة عن آيات قرآنية، وأن أي خطاط في العالم بإمكانه التعرف إليها واكتشاف أنها من إبداعاته الفريدة، حتى إن تعرَّضت للسرقة والانتحال.

وأضاف: «كنت أول عربي ينال جائزة دولية في خط الثلث الجلي، وذلك خلال أكبر مسابقة في تركيا عام 1993»، منوهاً بأن أعمال الخط الفنية لا تخلو من رسالة هادفة قابلة للتحليل من جهة المتلقي المرتبط بعلاقة مباشرة مع الخط العربي الذي تطور على صفحات القرآن الكريم وجدران المساجد؛ وذلك لأن أي عمل منها هو في حقيقته نص يسعى الخطاط إلى صياغته وتشكيل محتواه في صور شتى وفقاً لموهبته.