أوضحت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا تفاصيل مذهلة حول تجربة السقوط في ثقب أسود، واحدة من أكثر الظواهر الكونية غموضاً في الكون. فالثقوب السوداء، التي تتشكل عندما تنهار نجوم ضخمة بعد نفاد وقودها النووي، تمثل مناطق في الفضاء تكون فيها الجاذبية شديدة لدرجة تمنع أي شيء، حتى الضوء، من الهروب، وهي أحياناً أكبر من الشمس بمئات المرات، لكنها تبقى غير مرئية للعين البشرية.
يتكون الثقب الأسود من التفرد في مركزه، وهي نقطة ذات كثافة لا نهائية حيث تنهار قوانين الفيزياء كما نعرفها، ويحيط بها أفق الحدث، الحد الفاصل الذي لا يمكن لأي جسم عبوره والعودة منه، عند عبور هذا الحد، يصبح السقوط نحو التفرد أمراً حتمياً، ويختفي كل شيء تقريباً من نطاق الرؤية، وفقا لموقع starsinsider.
تتعدد أنواع الثقوب السوداء فتشمل:
الثقوب السوداء النجمية: تنتج عن انهيار النجوم الهائلة بعد انفجارها كسوبرنوفا.
الثقوب السوداء فائقة الكتلة: توجد في مراكز المجرات، وتصل كتلتها إلى ملايين أو مليارات أضعاف كتلة الشمس، وتلعب دوراً محورياً في تطور المجرات.
الثقوب السوداء المتوسطة: يُعتقد أنها تتشكل من اندماج ثقوب أصغر أو انهيار تجمعات نجمية ضخمة، وتشكل حلقة وصل بين الثقوب النجمية وفائقة الكتلة.
ويطلق بعض الثقوب السوداء نفاثات قوية من الجسيمات والإشعاع تمتد لآلاف السنين الضوئية، مدفوعة بدوران الثقب والمجالات المغناطيسية. كما يمكن للثقوب السوداء، وفقاً للعالم ستيفن هوكينغ، إصدار إشعاع هوكينغ، ما قد يؤدي إلى تبخرها بمرور أزمنة طويلة.
عند اقتراب أي جسم من ثقب أسود، يزداد تأثير الجاذبية بشكل كبير، ما يشوه إدراك الزمن والمكان. المواد المحيطة بالثقب، المكونة القرص الدوراني، تصبح شديدة الحرارة وتصدر أشعة إكس وإشعاعات أخرى. ومع اقتراب الجسم، ستتعرض مستويات الإشعاع إلى درجات قاتلة، وسيتعرض الجسم لعملية تمدد طولية تسمى سباغيتي، حيث تكون قوة الجاذبية على القدمين أكبر بكثير من الرأس.
ومن منظور الراصد الخارجي، يبدو الجسم وكأنه يبطئ حركته تدريجياً عند أفق الحدث، حتى يتجمد ظاهرياً قبل عبوره، بينما يشعر هو بتتابع الزمن الطبيعي، لكنه يشاهد الكون الخارجي يتسارع بشكل مذهل. وبعد عبور أفق الحدث، تصبح العودة مستحيلة، وتتواصل السقوط نحو التفرد حيث تتوقف القوانين الفيزيائية التقليدية عن العمل، وقد توجد طاقات هائلة تحرق كل ما يصل إلى المركز وفق بعض النظريات العلمية.
في عام 2019، نجح تلسكوب أفق الحدث في التقاط أول صورة ظلية لثقب أسود في مجرة Messier 87، ما شكل إنجازاً هائلاً في دراسة الكون. كما أن ناسا أجرت مؤخرًا محاكاة لسقوط في ثقب أسود فائق الكتلة يعادل 4.3 ملايين ضعف كتلة الشمس، ما يعادل الثقب الأسود في مركز مجرتنا درب التبانة، باستخدام حاسوب خارق خلال خمسة أيام فقط، رغم أن الحاسوب استهلك 0.3% من طاقته.
تُعد دراسة الثقوب السوداء أحد أهم المجالات العلمية لاستكشاف حدود الفيزياء وفهم طبيعة الكون، وما زال العلماء يسعون لفهم أسرارها الغامضة والتأثيرات القصوى للجاذبية والزمن حولها.



