الإعلام.. معركة يومية بين «الترند» و«المهنية»

علي جابر
علي جابر
راشد الخرجي
راشد الخرجي
 عبدالله الشامسي
عبدالله الشامسي
سند الدوسري
سند الدوسري
 غادة عبيدو
غادة عبيدو
حامد عبدالرحيم
حامد عبدالرحيم
طارق عبدالحميد
طارق عبدالحميد
 أمل المغازي
أمل المغازي

في عصر تتسارع فيه الأخبار، وتتلاشى فيه المسافات بين المعلومة والمتلقي، وجدت المؤسسات الإعلامية نفسها أمام تحدٍ كبير، يتمثل في اللحاق بركب «الترندات» حفاظاً على نسب المشاهدة والتفاعل، أو تتمسك بمسؤوليتها في نقل الحقائق وتنوير الرأي العام، ما يعد معركة يومية بين «الترند» و«المهنية».

وأكد عدد من الأكاديميين والمختصين، أن ظاهرة «الترندات» أفرزت ظاهرة جديدة، وهي الرقابة الذاتية للعمل الإعلامي، مشيرين إلى أنه في السابق، كانت الرقابة تفرض من قبل الجهات المعنية، أما اليوم، فالمجتمع نفسه هو من يفرض نوعاً من الرقابة الجماعية.

وأشاروا إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي خلقت بيئة جديدة تحكمها «الترندات»، وهي عبارة عن مواضيع شديدة الانتشار، غالباً ما ترتبط بقضايا آنية، سواء سياسية، أو اجتماعية، أو رياضية، أو حتى فنية، وهذه الترندات غالباً ما تأتي محملة بمشاعر مختلفة، مثل الغضب، أو التضامن، أو غير ذلك.

يرى علي جابر عميد كلية محمد بن راشد للإعلام، أن الصحافي أو الإعلامي يجب ألا يتخلى أبداً عن البحث عن الحقيقة وتوثيقها، لأن العمل الصحافي يمثل نسخة أولى في كتابة التاريخ، مشيراً إلى أن العمل الصحافي الحقيقي يجب أن يستمر، وأن نحافظ عليه مهما طغت التكنولوجيا، كونه يمثل المصداقية في الحصول على المعلومة الخبرية.

وأضاف أن ظاهرة «الترندات»، يجب الوقوف عندها ودراستها بشكل جيد، باعتبار أن المشاهد أو القارئ يرغب في الحصول على بعض الترفيه، مؤكداً أنها تختلف عن العمل الصحافي الحقيقي، والمتمثل في البحث عن الحقيقة، وتسليط الضوء على القضايا التي تهم شرائح المجتمع.

من ناحيتها، ترى الدكتورة غادة عبيدو أستاذ الإعلام بجامعة عين شمس بالقاهرة، أن «الترندات» أصبحت تفرض واقعاً إعلامياً موازياً، يملي على الصحافي ما يجب تناوله، وطريقة التناول، وإلى أي جانب يجب أن يستند إليه في بحثه عن الحقيقة.

وأضافت أن الواقع حالياً يشير إلى ضغط جماهيري كبير، يفرض نفسه بقوة على العمل الصحافي والإعلامي بشكل عام، تسمى بـ«مجموعات الضغط»، والتي من الممكن أن تفرض حرباً إلكترونية شرسة على أي صحافي أو مؤسسة إعلامية، إذا خالفت توقعات الجمهور.

وأردفت قائلةً: إن بعض المؤسسات الإعلامية في بعض البلدان، تلهث وراء الترند وجذب القراء، وتفاعلات الجمهور مع مقالاتهم وموضوعاتهم ما يدق ناقوس الخطر على المهنة بكاملها.

بدورها، تقول أمل المغازي عضو جمعية الفلسفة السعودية، اختصاصية إرشاد نفسي وأسري بجامعة عين شمس، إن الصحافي أو الإعلامي بشكل عام، لا سيما الذي ينتمي لمؤسسة إعلامية مرموقة، تحكمه ضوابط وقواعد لنشر الأخبار.

ونوهت بأن تسليط الضوء على الخبر وإعادة نشره عدة مرات، قد يحوله إلى ترند، لذا، يجب توعية الجمهور بأهمية الرقابة الذاتية، وتقصي الحقائق.

وحول التحديات التي تواجه العمل الصحافي أو الإعلامي، أوضحت مغازي أنها تتمثل في 9 نقاط أساسية، وهي التحدي المعرفي، والمهني، والقانوني، والتقيد بأخلاقيات المهنة، والكم الهائل من المعلومات، وصعوبة التحقق من صحتها، فضلاً عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، والضغوطات الناتجة عن ضيق وقت النشر، والتنافسية، وأخيراً حقوق النشر.

من ناحيته، يقول الدكتور حامد عطا حسن عبدالرحيم مدير مركز التعليم المستمر والتطوير بالجامعة القاسمية في الشارقة، إن الانسياق وراء «الترند»، لا سيما المضلل، يعد من الأخطاء الجسيمة التي قد يقع فيها العمل الإعلامي، مشيراً إلى أن الترندات المضللة، يقصد بها قيام عدد من الحسابات الوهمية الموجهة بشكل مخطط وممنهج ومتزامن للترويج لقضة معينة، والتلاعب بخوارزميات منصات التواصل الاجتماعي، لتصنف هذه القضية من الأكثر تداولاً.

سلاح ذو حدين

ويرى الإعلامي راشد الخرجي مقدم برنامج البث المباشر على إذاعة نور دبي، أن الترند سلاح ذو حدين، مشيراً إلى أن الترندات تعرف بأنها المواضيع التي تحظى باهتمام كبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتصبح محط أنظار الجمهور، وفي حين أن مواكبتها تمنح الإعلام حضوراً أكبر، إلا أن التركيز المفرط عليها، يؤدي إلى تهميش القضايا الجوهرية.

بدوره، يؤكد الإعلامي طارق عبدالحميد مقدم برنامج «مع الناس»، أنه رغم التحديات، إلا أن هناك مؤسسات إعلامية تمكنت من الجمع بين مواكبة الترند، والتمسك بالتحقق من المعلومات، من خلال فرق تقصي الحقائق، وتقديم التحليل بدل الاكتفاء بالنقل السريع.

ويؤكد عبدالله الشامسي صانع محتوى إماراتي، أنه يسعى دائماً للبحث عن مصادر متعددة قبل تصديق أي خبر، مشيراً إلى أن التوازن بين الترند والحقيقة، يعتبر مسؤولية مشتركة بين الإعلام والجمهور.

ويرى سند الدوسري ناشط اجتماعي، أن الترندات ليست كلها سلبية، وأنها ستظل حاضرة، إلا أنها قد تعتبر سيفاً ذا حدين.