لطالما ارتبطت فكرة السفر بسرعة تفوق سرعة الضوء بعالم الخيال العلمي، كما في أفلام "ستار تريك" و"حرب النجوم"، وظلت لسنوات حلمًا بعيد المنال، غير أن مجموعة من الباحثين، بقيادة الدكتور جاريد فوكس، تطرح اليوم رؤية جديدة قد تُحوّل هذا الحلم إلى واقع، دون الحاجة إلى خرق قوانين الفيزياء. فكرتهم؟ ببساطة، ثني الفضاء بدلاً من التنقل عبره.
الدكتور فوكس وفريقه من الفيزيائيين في جامعة ألاباما في هانتسفيل (UAH) يعملون على مفهوم يُعرف بـ"محرك الانحناء"، والذي لا يتطلب تجاوز سرعة الضوء فعليًا، بل يعتمد على التلاعب بالزمكان – أي النسيج الذي يجمع بين الفضاء والزمن. ووفقًا لما نشرته الجامعة، فإن هذا النموذج قائم على حسابات علمية دقيقة، لا تُخالف النظرية النسبية لأينشتاين.
الانحناء لا الكسر: نحو مفهوم جديد للسفر الكوني
تعتمد النظرية النسبية على مبدأ أن لا شيء يمكنه السفر أسرع من الضوء داخل الفضاء. لكن ماذا لو لم نسافر عبر الفضاء أصلاً؟ تخيّل أنك على سجادة تتحرك ليس باندفاعها للأمام، بل بطيّ المساحة أمامها وتوسيعها خلفها – هذه هي الفكرة الأساسية لمحرك الانحناء.
وفي محاكاة رقمية أجراها فريق جامعة ألاباما، أظهرت النتائج أنه من الممكن تحقيق شروط الطاقة المطلوبة لتشغيل محرك الانحناء في ظل ظروف معينة. المشكلة الحقيقية لا تكمن في الفيزياء، بل في التكنولوجيا المتاحة حاليًا.
محرك الالتواء: الفكرة التي بدأت منذ التسعينات وتطوّرت اليوم
يعود أصل مفهوم محرك الالتواء إلى عام 1994، عندما طُرح كمقترح لنقل مركبة عبر "فقاعة" تُحدث انحناءً في الفضاء باستخدام طاقة سالبة، إلا أن فريق فوكس طوّر هذا المفهوم، متجاوزًا الحاجة للطاقة السالبة تمامًا، ومستخدمًا بدلاً منها طاقة موجبة في تلاعب أكثر دقة بالزمكان.
وفقًا للتفسير الجديد، فإن الفضاء لا يتمدد أو يتقلص، بل يتم تدوير كميات ضخمة من الطاقة حول المركبة، بطريقة تُشبه تأثير "حزام ناقل"، ينقل الركاب عبر الزمكان وكأنهم داخل حلقة من الدخان، تُحرّكهم الجاذبية.
بين النظرية والتطبيق: الطريق لا يزال طويلاً
ورغم أن هذه الفكرة لا تزال في طور النموذج النظري، ولم تُنفذ على أرض الواقع بعد، إلا أن الأمل يظل قائمًا، فالعقبات التكنولوجية والهندسية ما زالت كبيرة، والتصميم المقترح يحتاج إلى دقة وتعقيد كبيرين في توزيع المادة والطاقة، ومع ذلك، فإن مجرد التفكير في لفّ الفضاء للتنقل خلاله يُظهر مدى طموح الإنسان ورغبته في تجاوز حدود الممكن.
فقد لا نكون قريبين من السفر بين النجوم بعد، لكن العلماء يواصلون العمل على الاقتراب من هذا الحلم – خطوة بخطوة، وانحناءً بعد الآخر.