عادات وطقوس رمضانية دمشقية توشيها العراقة وروح الألفة المجتمعية

«اللمة» تقليد اجتماعي تناقله الدمشقيون
«اللمة» تقليد اجتماعي تناقله الدمشقيون

تحفل أجواء رمضان في العاصمة السورية دمشق، بجماليات وطقوس خاصة، حيث ما زال الدمشقيون متمسكين بالكثير منها كجزء رئيسي من أجواء وتفاصيل الشهر الكريم وعاداته الاجتماعية.

وفي حديثه لـ«البيان»، يتحدث الباحث في التراث الشعبي الدمشقي هيثم طبّاخة، عن عادات أهالي دمشق الرمضانية العريقة، فيقول: كانت العائلات تبدأ الاستعداد لشهر رمضان قبل عدة أيام، بالتوجه إلى أسواق دمشق التقليدية، باب سريجة، الشاغور، الميدان، والشيخ محيي الدين؛ لشراء احتياجاتهم، والتي كانت تزدحم بالمتسوقين خلال هذه الفترة.

ويُضيف: يستقبل أهالي دمشق أول أيام رمضان بالأبيض عادة، أي بطهي الأطعمة ذات اللون الأبيض، مثل: «الكبّة بلبنية»، على سبيل المثال.

وفي شهر رمضان، تحضر «السِّكبة»، وهي تقليد اجتماعي محبب، إذ يتبادل الجيران الطعام الذي تم إعداده للإفطار، فترى الموائد وقد تزينت بألوان مختلفة من الأكلات. ويتابع طبّاخة: «كان المسحراتي يجول وابنه على منازل الحارة بعد الإفطار فيأخذ زوائد الطعام من الأهالي، يُرسل المميز منه إلى بيته مع ابنه، أما الباقي الذي لا يعجبه فيبيعه لـ«الدراويش» في ساحة باب الجابية مقابل قروش قليلة».

ويشير طبّاخة إلى أن الأمور اختلفت كثيراً بين الماضي والحاضر، وخاصة فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ؛ حيث كانت مبالغ صغيرة تكفي العائلة لتؤمن معظم متطلبات الشهر الكريم. أما اليوم فالوضع مختلف.

وتحدث طبّاخة عن الأيام التي تسبق حلول رمضان، وما يُعرف بـ«التكريزة»، حيث اعتاد الدمشقيون التوجه إلى المنتزهات، والغوطة، أو أراضي كيوان «حديقة تشرين»، والربّوة، وهي وداعية لشهر شعبان، واستقبال لرمضان، يحضرون معهم طعامهم وشرابهم، يحملونه في سلة و«سحّارة» و«سِك».

ويقول: «في العادة، عندما تحتاج عائلة إلى شيء ما فاتها إحضاره، فإنه من الطبيعي أن تقوم باستعارته من عائلة مجاورة، قليل من السكر، أو عدة أرغفة من الخبز، ما يعزّز روح الألفة والتعارف، لدرجة أن ذلك قد يثمر في بعض الأحيان عن خطبة وزواج بين أبناء العائلات». وحسب طبّاخة، فإن كلمة «تكريزة» هي في الأساس «تكريجة»، حيث يقول الأب لأسرته بلهجته الشامية عند بدء السيران «اكرجوا»، بمعنى انطلقوا.