يرى الناقد والمترجم السوري الدكتور نايف الياسين أن الترجمة حاجة حضارية، معرفية وتنموية، مشيراً في حواره مع «البيان»، إلى أنه على الرغم من حركة الترجمة النشطة نسبياً في العالم العربي، إلا أنها غير كافية، لافتاً إلى أن المبادرات الخيّرة لدولة الإمارات في هذا الميدان تسهم في تنشيط حركة الترجمة، وفي نشر المعارف متنوعة المصادر، ويعول عليها القراء والمترجمون على حد سواء.
وعن واقع الترجمة في البلاد العربية حالياً، قال: وجود مجموعات بشرية مختلفة تتحدث لغات مختلفة يجعل الترجمة أمراً ضرورياً.
الترجمة أداة أساسية في جميع أنواع التبادل بين الشعوب والحضارات، بداية بتبادل السلع والمنتجات، وانتهاء بتبادل وتفاعل الأفكار والآداب والفنون.
وأضاف: أما واقع الترجمة في العالم العربي فيتباين بين بلد وآخر، حسب الإمكانات البشرية والمادية المتاحة في كلٍ من هذه البلدان.
ونرى أن مراكز النشاط الترجمي تغيّرت وتفاوتت وتنوعت وفقاً لتغيُّر الأوضاع في هذه البلدان، من حيث عدد الكتب المترجمة ونوعيتها وانتشارها.
وأردف: على الرغم من أن ثمة حركة ترجمية نشطة نسبياً في العالم العربي، لكنها بالتأكيد غير كافية وغير مرضية، والإحصائيات تبعث على الكآبة، ولذلك لن أورد إلّا مثالاً واحداً: السويد، التي يبلغ عدد سكانها نحو عشرة ملايين نسمة تترجم نحو 2,500 عنوان سنوياً.
يصعب الوصول إلى إحصائيات دقيقة عن عدد الكتب المترجمة في العالم العربي، وعدد سكانه أكثر من 370 مليون نسمة.
وأكد أن وضع الترجمة في سوريا جزء من هذا الوضع العام.
وحول الضعف الذي ينتابُ حركة الترجمة من العربية إلى اللغات الأخرى، وتأثيره في محاولات الوصول بنتاجاتنا الفكرية إلى الآخرين، قال: لا أعتقد أن المسألة تكمن هنا في الترجمة، بل في قيمة وأهمية الإنتاج المعرفي المكتوب بالعربية.
عندما يكون هناك إنتاج معرفي مهم، سنرى العالم يتهافت على ترجمة ما نكتبه، أما والحال على ما هي عليه، فمن غير المجدي كثيراً قيامنا بترجمة ما نعتقد نحن أنه جدير بالقراءة إلى اللغات الأخرى، لأن الآخرين قد لا يشاطروننا الاعتقاد نفسه.
وثمة كثير من الأمثلة على أعمال أدبية وفكرية كتبت باللغة العربية وترجمها الناطقون باللغات الأخرى إلى لغاتهم، في أزمنة مختلفة، لأنهم وجدوا فيها فائدة ومتعة. أما ما يُترجَم حالياً إلى اللغات الأجنبية، فنجد أنه محكوم في كثير من الأحيان بعوامل أخرى ليس من بينها قيمة العمل.
وأكد الياسين أهمية المشاريع والمبادرات التي أطلقتها دولة الإمارات في مجال حركة الترجمة؛ ومنها مشروع «كلمة لإحياء حركة الترجمة في العالم العربي»، وجائزة الشيخ زايد للكتاب - فرع الترجمة، وبرنامج دبي الدولي للكتابة وما ينظمه من ورش تدريبية في مجال الترجمة، مشيراً إلى أن جميع هذه الجهود والمبادرات خيّرة وإيجابية وتسهم في تنشيط حركة الترجمة، وفي نشر المعارف متنوعة المصادر، حيث يعوِّل القراء والمترجمون على حد سواء على جهود الإمارات في هذا الميدان بالنظر إلى توفر الإرادة والرؤية الحضارية لديها، ولقدرتها على توفير الموارد المادية اللازمة لإنجاحها.

