ديبي فيلدز.. من صناعة الحلوى المنزلية إلى 2300 فرع حول العالم

«ليس عيباً أن تسقط، فالجميع معرّضون للسقوط والفشل، لكن لا تجعل العيب فيك أنت وتستسلم».. بهذه الحكمة آمنت ديبي فيلدز؛ صاحبة أشهر سلسلة متاجر حلوى ومخبوزات في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم، التي بدأت رحلة تحقيق حلمها بعربة صغيرة مكشوفة تجوب بها شوارع أمريكا لبيع الحلوى التي تصنعها بيديها، إلى أن تجاوزت فروع محلاتها الشهيرة 2300 فرع حول العالم، وتجاوزت أرباحها في سنوات عملها الأولى 45 مليون دولار.

وُلدت ديبي في الـ18 من سبتمبر عام 1956، في أوكلاند، كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية لعائلة فقيرة، الأب عامل لحام حديد في ورشة صغيرة، والأم فضلت أن تبقى في البيت لرعاية أولادها.

عندما بلغت ديبي سن الـ13 قررت ترك الدراسة والبحث عن عمل تستطيع به مساعدة أسرتها.

كانت شغوفة بصنع الكعك «الطري، الدافئ، والكبير الحجم»، في وقت كان الكعك المقرمش هو السائد، ولكنها كانت تؤمن بأن الناس سيدفعون ثمناً مقابل «حلوى لذيذة حقاً» كما كانت تصف منتجاتها دائماً.

لم يكن ينقص ديبي الذكاء لتكون ناجحة في دراستها، بل ما أثر في تركيزها وتسبب في حصولها على درجات متدنية أو متوسطة أحياناً، هو شغفها بالطهو وصنع الحلوى، ولذلك لم يعترض والداها على قرارها ترك المدرسة والتركيز على صنع الحلوى للجيران والأصدقاء، ولكنهما في الوقت نفسه لم يستطيعا مساعدتها حين واجهت أزمة التمويل لتوفير مقادير الطبخ، وبعد سنتين، وحين كانت في سن الـ 15 عاماً، توصلت إلى حل وهو البحث عن عمل إضافي ليكون مصدراً لتمويل مشروعها الصغير، فلم تجد غير وظيفة «جامعة الكرات» في أحد ملاعب البيسبول مقابل 5 دولارات فقط في الأسبوع، واستمرت في هذه الوظيفة لمدة 3 سنوات، حتى تمكنت من توفير ثمن سيارة صغيرة، لتستخدمها منفذاً متجولاً لبيع منتجاتها، حتى بلغت من العمر 19 سنة، معتمدةً على نصيحة والدها حين قررت ترك الدراسة «مهما يكن ما ستفعلينه في حياتك، ابحثي عن شيء تحبينه بقوة وبشغف»، وعلى عقيدة شخصية كثيراً ما رددتها «تعلمتُ أن أجتهد لأكون في مستوى أي شخص أقابله».

في عام 1975 تزوجت زميلها راندي فيلدز، واضطرتها مسؤوليات الحياة الزوجية إلى أن توقف السعي وراء تحقيق حلمها لمدة سنتين، وعندما عرضت على زوجها فكرة العودة إلى تحقيق هذا الحلم، لم تجد منه دعماً ولا حتى ترحيباً بالفكرة، بل قال لها ببرود شديد «فكرتك غبية»، فلم تستسلم، وافتتحت متجرها الأول لبيع الحلويات «ميسز فيلدز» في عام 1977، بمدينة بالو ألتو بعد عرض المشروع على البنوك من أجل الحصول على قرض لتمويل المتجر، متحديةً عدم اكتراث المقربين منها، ولا سيما زوجها وأسرتها.

في اليوم الأول من افتتاح المتجر تحداها زوجها مؤكداً لها أنها لن تبيع حتى ولو بخمسين دولاراً، فكيف تبيع كعكاً طرياً والناس تعودوا أن يكون جافاً و«مقرمشاً»، وإضافة إلى ذلك يبلغ سعر الواحدة ثلاثة أضعاف الحلوى المعروفة؟ وبالفعل لم تبع ديبي شيئاً في الساعات الأولى من اليوم، فقررت حل المشكلة بـ«نظرية تسويق غير مسبوقة» وهي أن تحمل طبق الحلوى وتدور به بين الناس ليتذوقوا حلواها مجاناً وتلفت انتباههم إلى متجرها، فباعت في اليوم الأول بـ75 دولاراً، لكن بفضل هذه النظرية المبتكرة، إضافة إلى جودة الحلوى وطعمها المميز، اشتهر المتجر مع مضي الأيام، وصار له فروع عدة، وفي خلال سبع سنوات، صار له 2300 فرع حول العالم، منها 160 فرعاً في أمريكا، برأس مال 45 مليون دولار.

وفي عام 1993 قررت بيع الشركة لإحدى الشركات الاستثمارية، لكي تتفرغ لتربية بناتها الخمس، ولكنها اشترطت أن تكون هي المستشارة لهذه الشركة والمتحدثة الرسمية لها.

تردد ديبي فيلدز دائماً أن هناك عوائق عدة سوف تجدها أمامك عندما تواجهك أزمة، ولكن هناك استراتيجية يجب أن تتعلمها لتتخطى أي أزمة أو مشكلة؛ وهذه العوائق هي: أولاً، الصدمة؛ حيث تغرق في مشكلتك لأنك لم تتوقع حدوثها أو لأنك تعودت تقزيم نفسك.

ثانياً: الاجتياح؛ وهي أن تجتاح مشكلة ما في العمل مثلاً بقية جوانب حياتك فتؤثر فيها سلباً، في حين يجب عليك محاصرة المشكلة في مجالها فقط.

ثالثاً: لا تتوقع أن تدوم المشكلة، فلكل مشكلة حل، وثق بأن المشكلة في الأحداث وليس فيك أنت، ولكن في الوقت نفسه لا تُلقِ اللوم على الآخرين وتتهرب من السعي إلى حلها.

وتقول ديبي: في اليوم الأول من افتتاح متجري، كان الناس يمرون بالمتجر، يتوقفون أمامه ويتطلعون إلى الحلوى، ثم يمضون من دون أن يشتروا، وبدأت المخاوف تنتابني من شماتة زوجي وأهلي، ولكني لم أستسلم للخوف، ولو فعلت لأعلنت إفلاسي من اليوم الأول، وما كانت فروع متاجري الشهيرة غزت العالم كما هي الآن.

لقد قررت يومها حمل صينية فوقها حلوى دافئة طازجة، وبدأ المارة يتذوقون العينات المجانية، ويثنون عليها، ثم يدخلون المتجر، ويتوافدون علينا بالمئات.