قصة خبرية.. «الصخور الأليفة» تربح 30 مليون دولار في أقل من سنة

وأنت على الشاطئ كم من الصخور والأحجار داستها قدماك، فهل فكرت يوماً في استثمارها وتحويلها إلى أموال؟.. السؤال غريب، وقد تقول إنه غير منطقي، لكن الأمريكي جاري دال لم يعتبره كذلك، بل بدأ على الفور جمع هذه الصخور بمجرد أن خطرت له الفكرة، وبدأ تغليفها وبيعها للجمهور، بديلاً عن القطط والكلاب التي تربى في البيوت، ليحقق من ورائها ملايين الدولارات.. تعال نعرف القصة.

فكرة مجنونة

نشأ جاري دال في نورث داكوتا بالولايات المتحدة الأمريكية، في عائلة بسيطة متواضعة المستوى، الأب يعمل في صناعة الأخشاب، والأم تعمل في مطعم.

تحمل الظروف الصعبة للعائلة، التي بالكاد استطاعت الصمود معه حتى بلغ من العمر 18 سنة، والتحق بجامعة واشنطن ليدرس الإعلان، وبعد التخرج عمل بشركة في كاليفورنيا متخصصة في دفع الفواتير، ثم تركها إلى وظائف أخرى تقليدية كثيرة لم يجد نفسه في أيٍ منها.

لم يكن متزوجاً ولا يعرف معنى مسؤوليات الأولاد وطلباتهم الغريبة؛ حين سهر ذات ليلة مع أصدقاء له متزوجين، ولاحظ منهم شكوى واحدة وهي كيفية إرضاء الطفل واتقاء إزعاجه بلعبة جديدة مسلية، وتطوع أحدهم بسؤاله: هل يمكنك أن تجلب لأطفالنا حيواناً أليفاً لا يأكل ولا يشرب ولا يحتاج إلى مجهود من أجل تربيته والاعتناء به؟ وجاءته الفكرة في التو، قال لهم: اتركوهم يربوا الصخور الأليفة!.. ضحك أصدقاؤه وطلبوا منهم الكف عن العبث والسخرية منهم.

لكن دال كان جاداً، ولم يستغرق وقتاً طويلاً في الكلام والشرح، بل بدأ تنفيذ فكرته المجنونة على الفور.

صخور لا حيوانات

كان ذلك في سنة 1975 حين بدأ جاري دال مؤلف كتاب «الدعاية للمبتدئين»، الذي أصدره بعد ذلك، في سنة 2001 بالتحديد، جمع الصخور، ولكنه كان ينتقي الأشكال المميزة منها، وبدأ تسويقها القائم على روح الدعابة، مخاطباً «الآباء الذين لا يريدون تكبد عناء تربية جرو أو قطة من أجل أطفال مميزين».

كان يستورد الصخور البيضاوية الشكل من شواطئ المكسيك، ويضع كل صخرة منها في صندوق صغير من الورق المقوى، مليء بالقش، وبه فتحة صغيرة للتهوية، وكأن به حيواناً صغيراً، وسماها «الصخور الأليفة» Pet Rocks أو «الصخور المدللة المثالية»، وضمن دعايته كان يكتب في ملحق الإرشادات المرفق بها عبارات طريفة جداً موجهة للآباء مثل «إنها ليست بحاجة إلى تناول الطعام أو الاغتسال، ولا تكلفك عناء اصطحابها للتنزه، ولن تقلق بشأنها عند السفر في رحلات» وعبارات أخرى موجهة إلى الأطفال مثل «يسهل تدريب صخورك الأليفة عن الكلاب والقطط، ستجدها تتعلم بسرعة، ولن تحتاج إلى الوقت الذي تقضيه مع حيوانك الأليف لتعلمه الجلوس والأكل.. إنها لا تعرف السباحة وسوف تغوص منك في القاع، لكن لا بأس من غسلها».

ومن العبارات الدعائية الطريفة أيضاً التي زادت كثيراً من مبيعات صخور دال، صاحب الشخصية المرحة «احترس.. إنها كسولة للغاية وعنيدة؛ لن تأتي إليك عندما تستدعيها، ولكنها تستمتع بالذهاب معك في إجازاتك، وتفضل السفر وهي في جيبك».

انتشار وهوس

بدأ الطلب على صخور دال الأليفة يتزايد، ووصفتها وسائل الإعلام آنذاك بأنها «هوس انتشر في عائلات أمريكا، وطريقة جديدة وطريفة لكسر الملل والرتابة في البيوت التي تضم أطفالاً»، وفي غضون أشهر قليلة حقق مبيعات كبيرة بلغت 1.5 مليون صخرة شهرياً، وكان يبيع الصندوق الواحد بـ 3 دولارات، ولم يصرح في حينها بحجم أرباحه، لكن المتابعين للفكرة قدروها بنحو 30 مليون دولار.

وكتبت عنه صحيفة «نيويورك تايمز» قائلة: «لقد جعلته الصخور الأليفة قادراً على تغيير سيارته وشراء أخرى مرسيدس، وانتقل إلى منزل به حمام سباحة أكبر بكثير من المقصورة التي كان يعيش فيها».

روح الفكاهة

وفي تصريح له لمجلة «بيبول» قال دال: «كانت فكرة مجنونة بدأت بدعابة، ولكنها جعلت مني مليونيراً.. وجدت الناس يشعرون بالملل الشديد من مشكلاتهم الاجتماعية، فأردت لهم أن يعيشوا في رحلة خيالية.. نستطيع القول إننا نعبئ لهم روح الفكاهة في هذه الصناديق الصغيرة».

كما روى تجربته الطريفة هذه في كتابه «الدعاية للمبتدئين»، وذكر تجربة أخرى مشابهة لصخوره الأليفة، بدأها سنة 1978، وهي بيع مكعبات الأكريليك المعبأة بالأتربة، وكان ثمن المكعب الواحد 6 دولارات، وكانت تُهرَّب إليه من الصين، وعن تلك التجربة قال مازحاً لمجلة «تايم» الأمريكية المعروفة «لو اشترى كل مواطن أمريكي بوصة مربعة من تراب الصين فسوف نستورد كل أرضهم خلال فترة وجيزة».

وكان دال قد حاول في سنة 1976 تقديم فكرة أخرى طريفة، كانت عبارة عن بيع مجموعات من الرمال للأطفال، وسماها «تكاثر الرمال»، لكن الفكرة باءت بالفشل الذريع.