ما هواتينج.. بدأ براتب 176 دولاراً وحقق ثروة 57 ملياراً

بدأ حياته العملية براتب قدره 176 دولاراً فقط في الشهر، ولكنه لم يستسلم للوظيفة، بل أسس شركة خاصة، واختار مجال الإنترنت والألعاب نشاطاً له، حتى صارت من أشهر وأكبر شركات قارة آسيا من حيث القيمة السوقية، وواحدة من أضخم شركات الإنترنت على مستوى العالم بفضل أسلوبه الهادئ والمنظم في الإدارة، وحقق ثروة قدّرتها «فوربس» هذا العام بـ 57 مليار دولار. إنه ما هواتينج، المعروف باسم «بوني ما»، وهو من رواد الأعمال البارزين في الصين والعالم كله، مؤسس وصاحب شركة «تينسنت» الصينية الشهيرة في مجال الإنترنت والتقنيات والألعاب.

مجال الإنترنت

وُلد بوني ما في 29 أكتوبر 1971، لأسرة متوسطة الحال، كان أبوه عاملاً في ميناء بمدينة «شنزن» الصينية، التابعة لهيئة الموانئ البحرية، بالقرب من هونغ كونغ، وبمجرد أن شب اصطحبه أبوه للعمل معه بالمهنة نفسها، وإلى جانب عمله لم يهمل بوني دراسته، حتى التحق بجامعة «شنزن» في عام 1989، حيث حصل منها على شهادته في مجال علوم الكمبيوتر، وبعد تخرجه في الجامعة، عمل في شركة China Motion Telecom Development، براتب شهري متواضع لم يتجاوز 176 دولاراً، وبالطبع لم يكن يكفيه، لا هو ولا أسرته، فاضطر إلى أن يجمع بين أكثر من وظيفة في وقت واحد، ومنها وظيفة مساعد في شركة بمدينة «شنزن»، اسمها «رنكسون المتحدة للاتصالات» وهي متخصصة في مجال الإنترنت، حيث تخصص في تطوير برامج استدعاء الأجهزة اللاسلكية «البيجرز»، واكتسب في تلك الفترة خبرة تقنية وتجارية كبيرة. وفي أثناء عمله تساءل: لماذا لا يفكر في تأسيس شركة مختصة في مجال الإنترنت والاتصال الرقمي، ليستثمر فيها خبراته؟ وقد كان، حيث نجح بالفعل في تأسيس شركة «تينسنت» الشهيرة عام 1998.

اتبع شغفك

يعترف بوني ما دائماً بأن الفضل في أنه رأى في الإنترنت مستقبلاً للعالم، أنه كان دائماً يقف إلى جانب عمالقة في مجال التفكير وريادة الأعمال، ولا يتوقف عن شكر الأقدار التي ساقته إلى وظيفة في مجال غير تقليدي، جعلته يفكر في تأسيس شركته، ليحقق من خلالها ثروة كبيرة وضعته في مصاف أثرياء العالم. ويقول عنه المقربون منه إنه «منذ سنواته الدراسية الأولى، أظهر شغفاً كبيراً بالبرمجيات، وكان من أوائل من تابعوا التطورات العالمية في الإنترنت عندما كانت الصين لا تزال في بدايات الدخول إلى العصر الرقمي».

خلف الكواليس

أسس بوني ما شركته الخاصة سنة 1998 وكان معه من الشركاء المؤسسين أربعة من زملائه، ونجحوا معاً في تقديم أول مشروع ناجح؛ وهو برنامج المراسلة الفورية QQ الذي استوحاه من البرنامج الأشهر ICQ وسرعان ما أصبح التطبيق الأشهر في الصين في أوائل الألفية الثالثة.

ولم تقف الشركة بقيادة بوني عند هذا الحد، فطورت تطبيق «WeChat» الذي غزا عالم الإنترنت في الصين، واستُخدم في عمليات الدفع الرقمي، والتجارة الإلكترونية، والألعاب. وسارت أحوال السوق بما اشتهاه بوني ورفاقه، وفي عام 2004 تم إدراج شركة «تينسنت» في بورصة هونغ كونغ، فتضاعفت قيمتها كما تضاعفت ثروة بوني بشكل لافت. لكنه توسع عالمياً مستثمراً في شركات مشهورة، مثل «إبيك غيمز» و«ريوت غيمز»، فارتفعت القيمة السوقية للشركة.

اتجه بوني إلى استثمار آخر، وهو الأعمال الخيرية، فتبرع في عام 2016 بنحو 2.3 مليار دولار من أسهمه في الشركة لمصلحة مؤسسة خيرية تهدف إلى دعم الصحة والتعليم والتنمية الاجتماعية، وفضّل ألا يظهر في وسائل الإعلام المختلفة متحدثاً عن أي عمل خيري يقدمه لمجتمعه، لا سيما أنه معروف بالأساس بشخصيته الهادئة، وأنه منعزل عن الأضواء إلى حدٍ ما، وكما قيل عنه فإنه «ذو شخصية قيادية هادئة، يفضل العمل خلف الكواليس، متّبعاً أسلوباً إدارياً يقوم على التحليل العميق والتخطيط الاستراتيجي».