من هو رائد الفضاء الملياردير الذي يسعى إلى قيادة «ناسا»؟

غاريد إسحاقمان هو رجل أعمال أمريكي ورائد فضاء محنك بدأ مسيرته بتأسيس شركة معالجة المدفوعات Shift4 Payments في عمر 16 عاما، وهي شركة تخدم آلاف الفنادق والمطاعم في الولايات المتحدة، بفضل هذه الشركة حقق ثروة تُقدَّر بنحو 1.4 مليار دولار بحسب "فوربس".

في 2012، أسس شركة " Draken International" لتدريب الطيارين العسكريين، التي كانت تملك أسطولًا من الطائرات العسكرية الخاصة، وهو ما يُظهر تنوع اهتماماته بين الأعمال والطيران والدفاع.

لم تَقتصر طموحاته على المال، بل تحولت إلى حب الفضاء والقيادة، فقد قاد في 2021 مهمة (Inspiration4)، وهي أول رحلة مدارية حاملة طاقم مدني بالكامل، وهي مهمة خاصة مولّها هو نفسه، وانتهت بنجاح بعد 3 أيام في المدار.

بعد ذلك، قاد مهمة "Polaris Dawn" في 2024، وهي أول بعثة فضاء خاصة تتضمن سيرا فضائيا (spacewalk) لمدنيّين، ضمن سلسلة بعثات خاصة يموّلها بنفسه في إطار رؤيته للفضاء التجاري.

اليوم، يترشح إسحاقمان لتولي قيادة ناسا، حاملاً رؤية لجعل الفضاء أكثر انفتاحا أمام القطاع الخاص، وتسريع برامج الفضاء الأمريكية نحو القمر والمريخ.

إلى جانب كونه رجل أعمال، هو طيار محترف ويتمتع بخبرة واسعة في الطيران، وتحوّل إلى "رائد فضاء خاص" بعدما مول وساهم شخصيا في رحلات فضائية مدنية.

إنجازاته في الفضاء

في عام 2021، قاد إسحاقمان مهمة Inspiration4 وهي أول رحلة فضاء مدارية تضم طاقما مكوّنا بالكامل من مدنيين، على متن مركبة Crew Dragon التابعة لـSpaceX.

وقاد إسحاقمان أيضا مهمة Polaris Dawn، التي سجلت حدثا تاريخيا حيث أصبح أول مدني غير تابع لوكالة فضاء حكومية يقوم بسير فضائي خارج المدار، ما يعزز مكانته ويؤكد دوره الريادي في عالم الفضاء التجاري.

بفضل موازنته بين الخبرة في مجال الأعمال، الطيران، والفضاء، يرى كثيرون في إسحاقمان شخصية فريدة تجمع بين الريادة الخاصة ونهج تجاري طموح ما قد يمنح وكالة ناسا دفعة مختلفة عن الأساليب التقليدية.

سباق ترشيحه لقيادة ناسا

في ديسمبر 2024 رشّحه الرئيس دونالد ترامب ليكون المدير الـ15 لناسا، في خطوة غير اعتيادية، ترشيح من شخص من خارج المؤسسة التقليدية للفضاء.

ولكن في مايو 2025 سحب ترامب ترشيحه، على خلفية توترات سياسية وخلافات مع إيلون ماسك، مؤسس SpaceX، وفقا لصحيفة "Guardian".

بعد أسابيع من إدارة مؤقتة بقيادة وزير النقل، أعاد ترامب ترشيح إسحاقمان في نوفمبر 2025، ما أعاد جدلية ترشحه إلى الواجهة.

في جلسة الاستماع الأخيرة أمام لجنة مجلس الشيوخ المعنية (التجارة والعلوم والنقل)، شدّد إسحاقمان على أن ناسا بحاجة لـ"قيادة متفرغة ومستقرة" قبل أول رحلة مأهولة للقمر في سنوات، محذرا من التأخير الذي قد يمنح منافسين دوليين في إشارة ضمنية إلى الصين الأفضلية.

لماذا يُنظر إليه كخيار جديد لوكالة ناسا؟

يرى أنصار ترشيحه أن مزيج خبرته في الأعمال، الفضاء الخاص، وريادة الفضاء المدني يمنح ناسا طابعا عصريا يتماشى مع عصر الفضاء التجاري والعولمة الفضائية.

يؤمن إسحاقمان بأن المضي في برنامج القمر (والاستعداد للمريخ لاحقًا) يجب أن يرافقه تبنّي اقتصاد فضائي تجاري يشرك شركات خاصة ليس فقط وكالات حكومية.

في رسالته إلى الكونغرس، طلب قيادة مستقرة وفورية لتمكين ناسا من الالتزام بمواعيد طموحة، وعدم تضييع فرص سباق الفضاء العالمي.

التحديات والانتقادات

يواجه إسحاقمان انتقادات لكونه من الخارج، أي ليس من صفوف روّاد ناسا الحكوميين أو قادة عسكريين بحثيين، بل رجل أعمال وطيران خاص، كما أن هناك قلقاً من تضارب مصالح محتمل بين علاقاته بشركات الفضاء الخاصة (خصوصًا SpaceX) وبين مسؤولياته المحتملة كمدير ناسا.

ويخشى بعض العلماء والكوادر التقليدية في الفضاء أن أولويات الربح والكفاءة قد تطغى على مهام البحث العلمي الأساسية أو برامج الفضاء طويلة الأجل.

غاريد إسحاقمان يمثل جسرا بين الفضاء الحكومي التقليدي والفضاء التجاري العصري، فهو ملياردير ورائد فضاء مدني، يجمع بين المال، الطموح، والخبرة التنفيذية، ويقدم نفسه كرجل قادر على قيادة ناسا نحو حقبة جديدة منالمهمات الطموحة مثل القمر و المريخ.

ولكن ترشيحه رغم دعمه من عدة روّاد فضاء وساسة يثير سؤالًا مهما وهو هل ستتمكّن ناسا من الحفاظ على التوازن بين الربحية، الابتكار، والمهمة العلمية النبيلة، أم ستتغيّر أولوياتها بالكامل؟

وأخيراً روج رائد الفضاء الملياردير لخططه لإعادة رواد فضاء أمريكيين إلى القمر قبل أن تصل إليه الصين وسعى إلى تصوير نفسه على أنه مستقل عن الرئيس التنفيذي لشركة سبيس إكس إيلون ماسك بينما يواجه ثاني جلسة استماع في مجلس الشيوخ لتأكيد تعيينه.

وقال إسحاقمان، قطب التجارة الإلكترونية الذي سافر مرتين إلى المدار في مهمات فضائية خاصة بالكامل كعميل ومتعاون مع سبيس إكس، لأعضاء مجلس الشيوخ إن التخلف عن الركب في سباق القمر مع الصين "يمكن أن يغير توازن القوى هنا على الأرض".

وأكد إسحاقمان ،في أحدث تصريح له، أمام لجنة مجلس الشيوخ أن الولايات المتحدة عازمة على إرسال رحلات مأهولة إلى القمر قبل الصين، ضمن سباق تقني وجيوسياسي بين القوتين، مشدداً على ضرورة قيادة ناسا بشكل مستمر وفعّال، لضمان جاهزية الرحلات المأهولة ضمن برنامج "أرتيميس".

وأوضح أن الأولوية الحالية هي القمر، على أن يكون إرسال البشر إلى المريخ خطوة لاحقة، مشيرا إلى أن التأخيرات المحتملة في تطوير مركبة الهبوط التابعة لشركة سبايس إكس قد تؤخر البرنامج، وهو ما يتطلب مراقبة دقيقة.

وأكد أن علاقاته بإيلون ماسك مهنية بحتة، وأنه ملتزم بتحقيق أهداف ناسا دون تضارب مصالح.