كان ستيف جوبز رائد الابتكار التكنولوجي يؤمن أن الحلول العظيمة لا تأتي بالجلوس الطويل أمام المكتب، بل بالحركة، لذلك وضع ما يُعرف اليوم بـ"قاعدة العشر دقائق"، بحيث إذا عجز عن حل مشكلة لأكثر من عشر دقائق، كان ينهض ويمشي، هذا التغيير البسيط كان كفيلًا بإشعال أفكار جديدة وكسر الجمود الذهني.
وتُعد هذه القاعدة واحدة من أبرز الاستراتيجيات التي اعتمدها ستيف جوبز لتحفيز التفكير المبتكر وحل المشكلات بفعالية، الفكرة بسيطة لكنها قوية، إذا واجهت مشكلة صعبة لأكثر من عشر دقائق، قم بالوقوف والمشي، فالمشي القصير يساعد على تنشيط الدماغ وزيادة الإنتاجية والإبداع.
وسنوات بعد ذلك، أثبت العلم صحة هذه القاعدة، ففي دراسة أجرتها جامعة ستانفورد عام 2014، وجد الباحثان ماريلي أوبيزو ودانيال شوارتز أن المشي يعزز الإبداع بنسبة تصل إلى 60% مقارنةً بالجلوس. والأهم أن هذا التأثير لا يقتصر على لحظة المشي فحسب، بل يستمر حتى بعدها، إذ يظل الدماغ في حالة تدفق تسمح بتوليد أفكار أكثر تنوعًا وابتكارًا.
كيف استخدم ستيف جوبز قاعدة العشر دقائق؟
بالنسبة لجوبز، كانت الحركة أكثر من مجرد تمرين؛ بل أداة للتفكير بشكل أفضل. كان كثيرًا ما يُرتب اجتماعاته سيرًا على الأقدام ويلجأ إلى نزهات قصيرة للتخلص من العوائق الذهنية. بمغادرته مكتبه وتغيير بيئته، كان يكتشف حلولًا لم يكن الجلوس ساكنًا ليمنحها له.
علم الأعصاب وراء المشي والإبداع
المشي يعطل أنماط التفكير الثابتة، مما يُساعد الدماغ على الانتقال إلى حالة من التفكير التباعدي، وهي القدرة على توليد أفكار متعددة وحلول مبتكرة. كما يُحفز مناطق الدماغ المرتبطة بالذاكرة والخيال، ويُحسن المزاج والتركيز. باختصار، يكسر المشي الروتين الذهني ويهيئ العقل لتكوين روابط جديدة، ولهذا غالبًا ما كان جوبز يعود من جولاته برؤى أكثر وضوحًا، وفقا لـ "financialexpress".
اختراق خالد للقادة المعاصرين
ما كان في السابق طقسًا شخصيًا لجوبز أصبح الآن معتمدًا على نطاق واسع من قِبل المديرين التنفيذيين ورواد الأعمال والعاملين في مجال المعرفة حول العالم. من الوكالات الإبداعية إلى مجالس إدارة الشركات، تُعتبر فترات الاستراحة للمشي وسيلة سريعة وموثوقة لتنشيط التفكير وتحفيز الابتكار. تُذكّرنا قاعدة العشر دقائق بأن الإنتاجية لا تقتصر على العمل بجد أكبر، بل على العمل بذكاء أكبر.
ستيف جوبز: رائد الابتكار والتكنولوجيا
ولد ستيف جوبز في 24 فبراير 1955 في سان فرانسيسكو، كاليفورنيا. منذ صغره أبدى اهتمامًا بالإلكترونيات والاختراعات، مما مهد الطريق لمستقبله في عالم التكنولوجيا. درس لفترة قصيرة في كلية ريد الأمريكية قبل أن يترك الدراسة ويبدأ رحلته العملية.
في عام 1976 أسس جوبز شركة آبل مع صديقه ستيف وزنياك، وأطلقوا أول حاسوب شخصي ناجح، Apple I. سرعان ما حققت الشركة نجاحًا كبيرًا وأحدثت ثورة في صناعة الحواسيب الشخصية، تلتها منتجات مبتكرة مثل Macintosh، iPod، iPhone، وiPad.
بعد فترة من الانفصال عن آبل، أسس جوبز شركة NeXT للبرمجيات واستثمر في بيكسار، التي أخرجت أفلامًا متحركة ناجحة مثل Toy Story، قبل أن تعود آبل لتستعيده كرئيس تنفيذي وتواصل إطلاق ابتكاراتها العالمية.
عُرف جوبز بشغفه الكبير بالابتكار وبأسلوبه القيادي الصارم الذي ألهم فرق العمل حوله. توفي في 5 أكتوبر 2011 بعد صراع طويل مع مرض السرطان، تاركًا إرثًا ضخمًا في عالم التكنولوجيا وريادة الأعمال، وأصبح رمزًا عالميًا للابتكار والإبداع الذي يغير حياة ملايين البشر.
