تمكّن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك من تحقيق حلمه بإنشاء مدينة جديدة في ولاية تكساس تُدعى «ستاربايس» بعد تصويت شبه إجماعي من موظفي شركة سبيس إكس لصالح تحويل موقع بوكا تشيكا الساحلي إلى بلدية رسمية.
صوّت أكثر من 280 موظفًا ومقيمًا لصالح المشروع، ما مهّد الطريق لإعلان «ستاربايس» كمدينة حقيقية، يرأسها مسؤول تنفيذي من الشركة. يأتي هذا الإنجاز في ظل تحديات يواجهها ماسك في شركات أخرى مثل تسلا، إلا أن «ستاربايس» تمثل خطوة رمزية وعملية نحو طموحه في بناء مستقبل للبشر خارج كوكب الأرض.
مدينة المستقبل
في أقصى جنوب ولاية تكساس الأمريكية، بالقرب من الحدود المكسيكية، وتحديدًا في منطقة بوكا تشيكا، يعمل الملياردير إيلون ماسك على تحويل قطعة أرض معزولة إلى ما يصفه بـ"مدينة المستقبل"، تحت اسم ستار بيس (Starbase). هذا المشروع الطموح، الذي يتجاوز كونه مجرد موقع لإطلاق الصواريخ، يُعد أحد أبرز تجليات رؤية ماسك لاستعمار الفضاء وخلق بيئة بشرية مستدامة خارجه، بدءًا من الأرض.
ما هي «ستاربايس»؟
«ستاربايس» ليست فقط منشأة اختبار أو موقعًا لإطلاق المركبات الفضائية، بل هي تصور متكامل لمدينة متقدمة مخصصة لاحتضان صناعة الفضاء وتسهيل الرحلات إلى المريخ. أعلن ماسك عن رغبته في إنشاء المدينة في مارس 2021، عبر تغريدة شهيرة قال فيها: "مدينة ستار بيس، تكساس"، وأوضح لاحقًا أن المشروع يشمل أكثر من مجرد تغيير اسم، بل يهدف إلى إقامة مدينة ذات بنية تحتية مخصصة لاستكشاف الفضاء والسكن البشري على الكواكب الأخرى.
البنية التحتية والوظيفة الأساسية
تُعد «ستاربايس» المقر الرئيسي لتجميع واختبار وإطلاق مركبة ستارشيب (Starship)، وهي الصاروخ القابل لإعادة الاستخدام الذي تطوره شركة سبيس إكس (SpaceX) بهدف نقل البشر إلى القمر والمريخ في المستقبل. يتم في الموقع تصنيع أجزاء الصاروخ، إجراء اختبارات الدفع، وإطلاق الرحلات التجريبية. ومن المتوقع أن تصبح ستار بيس مركزًا عالميًا للرحلات المدارية، وتدريجيًا، منصة انطلاق نحو الفضاء العميق.
الدوافع وراء المشروع
يعكس مشروع «ستاربايس» طموح ماسك الكبير في تحقيق حلمه القديم: جعل الحياة متعددة الكواكب. ويقول ماسك إن إنشاء مدينة على الأرض مخصصة بالكامل لرحلات الفضاء يشكل خطوة تمهيدية نحو بناء مستوطنات بشرية خارج كوكب الأرض، خاصة على المريخ. هذا الحلم لا يمكن أن يُبنى فقط عبر وكالات الفضاء الحكومية، بل يحتاج إلى شراكات خاصة وبيئة عمل مرنة، وهو ما تسعى «ستاربايس» لتوفيره.
الطموح السكاني والاجتماعي
بحسب ماسك، لن تقتصر «ستاربايس» على منشآت صناعية، بل ستتحول إلى مدينة مكتملة الخدمات، تحتوي على مساكن، مدارس، شبكات نقل، وحتى بنية تحتية سياحية. وقد دعا ماسك الراغبين بالانضمام إلى المشروع للعمل في مختلف المجالات، من هندسة الطيران إلى البناء والمرافق، ما يفتح آفاقًا جديدة لخلق مجتمع تقني متكامل على أطراف أمريكا.
«ستاربايس» والمستقبل
إذا نجح مشروع «ستاربايس»، فقد يشكل نموذجًا جديدًا لمدن المستقبل، حيث تتكامل الصناعة المتقدمة مع الرؤية الكونية للبشرية. وقد يكون أيضًا مقدمة فعلية لبناء أول مستوطنة بشرية على كوكب آخر. فبالنسبة لماسك، لا يدور الأمر فقط حول الربح أو التقنية، بل عن "بقاء الإنسان على المدى الطويل"، كما يردد دومًا. وبينما يرى البعض أن المشروع ضرب من الخيال، يراه ماسك حجر الأساس لمستقبل محتمل خارج حدود الأرض.
«ستاربايس» ليست مدينة تقليدية، بل مشروع حضاري يحمل أبعادًا تكنولوجية وفلسفية في آنٍ معًا. هي تعبير عن توجه جديد يرى أن مستقبل البشرية لا يجب أن يبقى محصورًا على الأرض، بل يجب أن يمتد نحو النجوم. وبينما تبقى التحديات قائمة، فإن ما يفعله إيلون ماسك في بوكا تشيكا قد يحدد شكل العالم في العقود القادمة، سواء أحب الناس ذلك أم لم يحبوه.
