رسمت دبي نموذجاً عالمياً ومساراً متميزاً نحو الاستدامة، يقوم على كفاءة الاستخدام، لا على وفرة الموارد فقط، ففي عام 2013، أطلق المجلس الأعلى للطاقة في دبي استراتيجية إدارة الطلب على الطاقة والمياه، التي تم تحديثها عامي 2020 و2024، وتستهدف تحقيق خفض بنسبة 30 % في الطلب بحلول 2030، و50 % بحلول 2050، بما يعزز مكانة دبي في صدارة المدن الأكثر استدامة.
ووضعت هذه الرؤية الطموحة دبي في موقع الريادة العالمية، لتصبح مرجعاً في الإدارة الفعالة للطلب على الطاقة والمياه، وترسخ مكانة دبي مرجعاً عالمياً لكفاءة الطاقة، من خلال مضاعفة تعزيز الكفاءة، لتحقيق وفورات في استهلاك الكهرباء والمياه والوقود، تماشياً مع التزامات دولة الإمارات بالحياد المناخي.
معيار عالمي
وبحسب تقرير الاستدامة 2024، الصادر عن هيئة كهرباء ومياه دبي، فإن «استراتيجية دبي لإدارة الطلب على الطاقة 2050»، تتضمن 12 برنامجاً لإدارة الطلب على الطاقة والمياه، تهدف إلى ترسيخ مكانة دبي معياراً عالمياً لكفاءة الطاقة، من خلال ترشيد استهلاك الكهرباء والمياه ووقود النقل، وتشمل هذه البرامج: مواصفات البناء الجديدة نحو الحياد الكربوني، لضمان الالتزام بمعايير كفاءة الطاقة والمياه في المنشآت الجديدة والقائمة، وإعادة تأهيل المباني، بهدف رفع كفاءة المباني القديمة، عبر العزل الحراري، وتحديث أنظمة التكييف والإضاءة، وكفاءة الطاقة في القطاع التجاري والحكومي، وكفاءة الطاقة في القطاع الصناعي، والإنارة الخارجية، وكفاءة التبريد، من خلال تعزيز أنظمة التبريد المركزي الموفرة، ومواصفات وبطاقات كفاءة الطاقة، وبرنامج سلوك المستهلكين، وبرنامج الطاقة الموزعة، واستخدام وكفاءة المياه المعاد تدويرها، عبر استثمار المياه المعالجة لأغراض الزراعة والتبريد وغيرها، إضافة إلى برنامج كفاءة التنقل والشحن الذكي، وأخيراً، برنامج كفاءة الوقود والمحركات.
استراتيجية شاملة
ويضم المجلس الأعلى للطاقة في دبي في عضويته 10 هيئات رئيسة، تتولى مجتمعةً مسؤولية تنفيذ برامج الاستراتيجية الشاملة لإدارة الطلب على الطاقة والمياه، والإشراف المباشر على تطبيقها ومتابعة نتائجها، لضمان تحقيق أهدافها على المدى البعيد.
وتمتلك هيئة كهرباء ومياه دبي وتدير ثلاثة برامج رئيسة، هي: برنامج سلوك المستهلك، الذي يركز على تعزيز الوعي وترشيد الاستهلاك، وبرنامج الطاقة الموزعة، الذي يهدف إلى تشجيع إنتاج الطاقة من مصادر متجددة على مستوى المستهلكين، إضافة إلى برنامج التنقل الفعّال والشحن الذكي، الذي يدعم التوسع في استخدام وسائل النقل المستدامة، وتعزيز البنية التحتية لشحن المركبات الكهربائية.
وفي إطار برامج إدارة الطلب التي تقوم الهيئة بتنفيذها، أطلقت الهيئة ثلاث مبادرات رئيسة، تسهم بشكل ملموس في تحقيق وفورات في استهلاك الكهرباء والمياه، وهي: برنامج استجابة المستهلك (نهجي المستدام)، الذي يشجع على السلوك المسؤول في الاستهلاك، ومبادرة معدلات التعرفة للكهرباء والمياه، التي تسهم في تحفيز الاستخدام الرشيد للموارد، إضافة إلى مبادرة شمس دبي، التي تعد من أبرز المشاريع الرائدة في مجال الطاقة المتجددة، حيث تتيح للمستهلكين إنتاج الكهرباء من خلال الألواح الشمسية، وربطها بشبكة الكهرباء التابعة للهيئة.
وتعكس هذه الاستراتيجية تحول دبي من التركيز على زيادة الإمدادات إلى إدارة الطلب بكفاءة عالية، وهو توجه يعكس حرصاً على مواءمة الطموحات الاقتصادية مع الالتزامات البيئية، فبفضل هذه الجهود، لم تعد دبي مجرد مدينة تبحث عن حلول لمواردها، بل باتت مختبراً عالمياً لتجارب ناجحة في الاستدامة، ووجهة للخبراء وصناع القرار الراغبين في التعلم من نموذجها المتفرد.
