كيف حول مُؤسس "سيرينيتي فُورج" صراع الموت إلى إمبراطورية ألعاب بملايين الدولارات؟

في الثامنة عشرة من عمره، كان تشنغهوا يانغ يستعد للانطلاق في مغامرة الحياة الجامعية المعتادة، لكن القدر كان يخبئ له سيناريو أكثر قتامة، بعد أسابيع قليلة من بدء دراسته في إلينوي، انقلب عالمه: نقص حاد في الصفائح الدموية دفعه إلى حافة الموت، حتى أن الأطباء أخبروه في لحظة يأس أن أمامه ثلاث ساعات فقط ليعيش.

 نجا يانغ بمعجزة، لكنه أمضى عامين يتأرجح بين سرير المرض والحياة. لم يكن العلاج الذي أنقذه دواءً كيميائياً، بل شاشات الألعاب؛ حيث وجد في عوالم "ليغ أوف ليجندز" و"ماينكرافت" شريان حياة عاطفياً.

اليوم، يقف يانغ على رأس استوديو "سيرينيتي فُورج" Serenity Forge"، وهو شركة ألعاب تُقدر بعشرات الملايين من الدولارات، لم يبنها على قواعد الربح، بل على السؤال الذي طارده في أصعب أيامه: "ماذا لو صنعنا ألعاباً بقصد المساعدة؟" هذه هي قصة رائد الأعمال الذي جعل التحدي العاطفي مقدماً على الأرباح، وغير بذلك مفهوم النجاح في صناعة الألعاب.

تحت ظلال المرض

كان الفصل الدراسي الأول لتشنغهوا يانغ في جامعة إلينوي في عام 2008 نقطة تحول كارثية، ما بدأ كنزيف أنف بسيط تحوّل إلى أزمة صحية حرجة بسبب نقص الصفائح الدموية.

بعد نجاته من حافة الموت وقضائه عامين في رحلة علاج متقطعة، وجد يانغ عزاءه وشريان حياته العاطفي في ألعاب الفيديو الشهيرة ، لقد أدرك أن هذه الألعاب، التي لم تُصمَّم في الأصل لخدمة المرضى، قد أنقذت حياته روحياً. هذا الإدراك ولّد لديه رؤية جديدة: "ماذا لو بدأت أنا في صنع ألعاب بقصد مساعدة الناس؟ أي نوع من القوة يمكن أن يُطلق لها العنان؟"

هذه التساؤلات قادت يانغ إلى الانتقال لدراسة إدارة الأعمال في جامعة كولورادو بولدر، بتمويل ذاتي بلغ 1000 دولار فقط، أطلق شركته لتطوير ونشر الألعاب، "سيرينيتي فُورج"

كانت مهمة الشركة واضحة ومختلفة، كما دوّنها يانغ بين محاضراته: "نحن نبتكر تجارب ذات مغزى وتأثير عاطفي تتحدى طريقة تفكيرك،" بعد أكثر من عقد، توسع الاستوديو ليضم أكثر من 40 موظفاً، ونشر نحو 70 عنواناً، من بينها" لايفلس بلانيت" ، ولعبة" دوكي دوكي ليتيراتشور كلوب"  التي حققت 30 مليون تحميل. وقد بلغ إجمالي إيرادات الشركة السنوية ما بين 10 و 15 مليون دولار.

التأثير فوق الأرباح

لم يضع يانغ الأرباح كهدف أساسي للشركة، مستلهماً في ذلك مقولة سمعها في الجامعة على لسان جون ماكي، الرئيس التنفيذي السابق لشركة" هول فودز "مثلما لا يستطيع الناس العيش بدون طعام، لا يمكن لعمل تجاري أن يعيش بدون أرباح.

لكن معظم الناس لا يعيشون ليأكلوا، وكذلك يجب ألا يعيش العمل التجاري لمجرد تحقيق الأرباح." طبق يانغ هذا المبدأ ليصبح أساس استراتيجية Serenity Forge، ما يعني في أحيان كثيرة رفض فرص مربحة. واعترف يانغ بأنه اضطر لرفض ألعاب كان من المتوقع أن تحقق 20 مليون دولار، فقط لأنها لم تتوافق مع "رسالته " الهادفة.

بالنسبة ليانغ، الدليل على النجاح ليس في العائدات، بل في التأثير العاطفي الذي تتركه ألعابهم. يروي يانغ قصصاً عن لقاءاته مع الجمهور، حيث يأتيه المراهقون والشباب، ويبكون ويقدمون له العناق، مؤكدين له أن الألعاب التي أنتجها ساعدتهم على إدراك أنهم كانوا في علاقات مسيئة، ما دفعهم لعيش حياة أكثر صحة وسعادة.

هذا التأثير الشخصي العنيف هو "ما يدفعني أكثر بكثير من صافي الأرباح أو عدد الموظفين أو كل الأشياء الأخرى،" بحسب يانغ.

نصيحة يانغ للمؤسسين هي أن سر النجاح ليس الموهبة أو التوقيت، بل القدرة على التعلم وتجاوز الفشل بسرعة وبتعمد، وأشار إلى أن هذا المبدأ ضروري في صناعة الألعاب المزدحمة، مستدلاً بشركة   روفيو إنترتينمنت  صانعة" أنجري بيردز" التي أنتجت أكثر من 50 لعبة فاشلة قبل أن تحقق النجاح الهائل.

يانغ يشدد على أن المؤسسين يستطيعون التحكم في كيفية المضي قدماً: بجدية وانضباط، حتى عند الاعتراف بأن ليس كل الألعاب التي تنتجها شركته تنجح.