نزوة "اقتصاد المعجبين".. ثعبان ديزني يحظر المبيعات الصينية ويثير الرعب البيولوجي!!

شخصيات الرسوم المتحركة غالباً ما تمتلك القدرة على إعادة تشكيل التصورات العامة، لكن التأثير الأخير لفيلم "زوتوبيا 2"  تجاوز التوقعات ليحدث اضطراباً خطيراً في سوق الحيوانات الأليفة بالصين.

الفيلم، الذي صدر في 26 نوفمبر 2025 بالتزامن مع "نهاية عام الثعبان"فى التقويم  الصيني، حطم الأرقام القياسية ليصبح أعلى فيلم أجنبي رسوم متحركة تحقيقاً للإيرادات في تاريخ البلاد، بأكثر من 3.55 مليار يوان (503 ملايين دولار)، وتجاوزت إيراداته المليار دولار عالمياً، مما يجعله ظاهرة ثقافية واقتصادية لا يمكن تجاهلها.

هذا النجاح الساحق قادته جزئياً شخصية "غاري دي سنيك"، الثعبان الأزرق المحبوب الذي يتمتع بشخصية متحمسة ومسؤولة، والذي يسعى في الفيلم لتبرئة سمعة الزواحف.

هذا العشق السينمائي تحول بسرعة إلى هوس واقعي، دفع الآلاف من الشباب الصيني إلى التهافت على شراء نظيره الواقعي: الأفعى الإندونيسية ذات الحفرة، وهي نوع شديد السمية، الأمر الذي أثار قلقاً كبيراً في الأوساط الرسمية.

تجلى هذا الهوس في إقدام  الشباب  والمراهقين على شراء ثعبان أزرق سام مقابل 1850 يوان (260 دولاراً أمريكياً) بعد يومين فقط من إصدار الفيلم، الذى ينجح في تحدي الصورة النمطية لـ "المخلوقات المخيفة" التي طالما ارتبطت بالزواحف في الوعي الجمعي.

هذا التوجه يفسر النمو الكبير في قطاع الحيوانات الأليفة الغريبة في الصين، خاصة بين "الجيل زد" الذي يشكل أكثر من 60% من المالكين، ليصل عدد مالكي هذه الحيوانات إلى أكثر من 17 مليون شخص.

إن تبني الزواحف، رغم المخاطر، يعكس كذلك ثقافة حضرية متزايدة؛ فالشباب الذين يعيشون في المدن المكتظة والشقق الصغيرة يفضلون حيوانات "منخفضة الصيانة" لا تحتاج إلى مساحات واسعة أو تفاعل اجتماعي مكثف مقارنة بالكلاب والقطط التقليدية.

وقد أدى هذا التفضيل، المتزايد أصلاً، إلى ارتفاع الطلب على الثعابين التي تشكل أكثر من 50% من الزواحف الأليفة، ليأتي تأثير الفيلم كعامل محفز فوري.

هذا الإقبال المفاجئ يقع في صميم ما يُعرف بـ "اقتصاد النزوات" و"اقتصاد المعجبين"، حيث يتم اتخاذ قرارات الشراء بناءً على الإثارة العاطفية المباشرة بدلاً من تقييم مسؤولية تربية حيوان سام.

وقد أدى هذا التحول السريع إلى ارتفاع جنوني في عمليات البحث وارتفاع أسعار الأفعى الإندونيسية ذات الحفرة على منصات التجارة الإلكترونية.

ورغم أن تربية هذا النوع من الثعابين ليست غير قانونية، فإن القانون الصيني يحظر شحن "الحيوانات الحية السامة" عبر البريد الرسمي.

لكن تقارير إعلامية كشفت عن ثغرات تنظيمية خطيرة، حيث اعتمد البائعون على قنوات لوجستية بديلة لتجاوز الحظر، واستمرت القوائم التي تحمل عبارة "الشحن متضمن" في تحدٍ واضح للقانون، مما يزيد من صعوبة الرقابة ويؤكد على ضرورة الحذر الذي أبداه المالكين ذوي الخبرة،: "إذا لم تكن لديك خبرة واسعة.، من فضلك لا تتسرع في اقتناء الثعابين السامة لمجرد نزوة!".

الخطر الناتج عن تحويل كائن مميت إلى حيوان أليف دفع الأوساط الرسمية ووسائل الإعلام الحكومية للتدخل بلهجة حاسمة.

حذرت صحيفة "بكين نيوز" من أن الأفعى السامة في الواقع "أبعد ما تكون عن كونها 'لعبة عصرية' غير ضارة". هذا التهديد لا يقتصر على المالك وعائلته فحسب، بل يمتد ليشمل السلامة العامة، فضلاً عن المخاطر البيئية، حيث يمكن أن يؤدي هروب ثعبان غير أصلي للبيئة الصينية إلى "الغزو البيولوجي" واضطراب في النظام البيئي المحلي.

علاوة على ذلك، يُعدّ تهديد السلامة العامة في الصين مسألة ذات عواقب تنظيمية صارمة، قد تؤثر على السجل الاجتماعي للمالكين المتسببين في أي حادث طارئ.

ونتيجة لذلك، تحركت منصات التجارة الإلكترونية الكبرى بسرعة، حيث سُحبت قوائم الأفعى الزرقاء من منصات "دوين وشياو هونغ شو" و"شانيو"، كما أزالت منصة" JD" العناصر على الفور ، مؤكدة أنها "تحظر بشكل صارم بيع الحيوانات السامة على منصتها".

في المقابل، تحول اهتمام عشاق غاري إلى المنتجات الأقل خطورة والأكثر أماناً. هذا التحول يظهر القوة الهائلة لـ اقتصاد الترخيص المشترك (Co-branding) الذي بناه الفيلم؛ فـ "زوتوبيا 2" أبرم شراكات مع أكثر من 70 علامة تجارية صينية، مما حول نجاحه السينمائي إلى قيمة ترخيص هائلة في سوق المقتنيات.

وأصبحت "الصناديق العمياء" (صناديق مغلقة تحتوي على مجسمات مصغرة لا يعرف محتواها إلا بعد فتحها) والدمى القطيفة لشخصية الثعبان الأزرق من بين الأكثر مبيعاً في الأسواق، خاصة مع علامات تجارية رائدة مثل "بوب مارت" (Pop Mart) التي تشتهر بدمى "لابوبو" الشهيرة.

هذا التوجه نحو المقتنيات يؤكد استمرار الاستفادة الاقتصادية من نجاح الفيلم مع تحويل مسار الطلب من الحيوانات الأليفة الخطرة إلى السلع الاستهلاكية الآمنة والمثيرة لفضول هواة جمع المقتنيات.