بالأموال اليابانية.. ترامب يسعى للنهوض بالصناعات الأمريكية

يدرس فريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة تهدف إلى تحفيز بناء المصانع والبنية التحتية في محاولة لإحياء قطاع التصنيع الأمريكي، وفقاً لوثائق ومصادر مطلعة على النقاشات.

وبموجب الخطة، ستستخدم الإدارة أموالاً من صندوق استثماري بقيمة 550 مليار دولار أنشئ كجزء من المفاوضات التجارية مع اليابان للاستثمار في تطوير قطاعات أشباه الموصلات، الأدوية، المعادن الحيوية، الطاقة، السفن، والحوسبة الكمية.

تشير الوثائق إلى أن بعض المشاريع ستحصل على معاملة تفضيلية حكومية، بما في ذلك تسريع المراجعة التنظيمية، ومنح عقود إيجار للشركات تتيح لها استخدام الأراضي والمياه الفيدرالية، بحسب "وول ستريت جورنال".

هذه الخطوة تمثل مرحلة جديدة في مساعي ترامب لزيادة نفوذ الحكومة على القطاع الخاص، حيث سبق أن حصلت الإدارة على حصة حكومية في "إنتل"، ووقعت اتفاق "السهم الذهبي" في شركة U.S. Steel، وأقنعت شركات الرقائق الإلكترونية بمنح الولايات المتحدة نصيباً من مبيعاتها إلى الصين.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، كوش ديساي، إن صندوق اليابان الاستثماري "سيكون مفتاحاً لقيادة العصر الذهبي القادم لأمريكا".

لطالما جعل ترامب، رجل العقارات السابق، من إحياء قطاع التصنيع الأمريكي محوراً أساسياً في أجندة ولايته الثانية، مؤكداً أن سياساته التجارية ستعيد سلاسل التوريد وتفتح الباب أمام موجة وظائف جديدة. لكن الأرقام تشير إلى أن القطاع فقد 38 ألف وظيفة خلال الأشهر الثمانية حتى أغسطس، رغم استمرار الاقتصاد الكلي في إضافة الوظائف.

وإذا نجحت الخطة المقترحة، فستتيح للرئيس الوفاء بوعوده الانتخابية، لكنها في الوقت ذاته تمنحه سلطة تحديد الصناعات المستفيدة من الدعم الحكومي. غير أن أي مشروع بهذا الحجم قد يستغرق سنوات أو حتى عقوداً لإنجازه، مع احتمال أن يتخلى خلف ترامب في البيت الأبيض عن هذه السياسة.

اتفاق أمريكي–ياباني واسع

مذكرة تفاهم وُقّعت بين واشنطن وطوكيو تمنح ترامب صلاحيات واسعة لتوجيه كيفية إنفاق أموال الصندوق. وبحسب المذكرة، تتحمل الولايات المتحدة واليابان التكاليف بالتساوي، فيما تحصل واشنطن على 90% من أرباح الاستثمارات.

وتوضح المذكرة أن الولايات المتحدة قد ترفع الرسوم الجمركية إذا رفضت اليابان تمويل مشروع محدد، أو تجبرها على التنازل عن جزء من عائداتها في حال التمويل الجزئي. كما سيُمنح الموردون اليابانيون أولوية في المشاريع.

مشاريع قيد النقاش

تشمل النقاشات بين ترامب ووزير التجارة هاوارد لوتنيك بناء منشآت لإنتاج التوربينات الغازية والأدوية الجنيسة، إلى جانب الاستثمار في محطات طاقة نووية جديدة وخطوط أنابيب. وقد أعلن ترامب بالفعل عن مشروع مشترك مع اليابان لبناء خط أنابيب للغاز الطبيعي المسال في ألاسكا.

رغم حماسة الإدارة، يبدي بعض الجمهوريين تحفظاتهم. وقال السيناتور بيل هاغرتي، السفير السابق لترامب في اليابان: "من المفهوم أن تسعى الولايات المتحدة لمزيد من السيطرة لمواجهة الثغرات الاستراتيجية في قدراتنا التصنيعية، لكنني بشكل عام لست من أنصار توسع دور الحكومة".

في المقابل، يرى البيت الأبيض أن هذه الاستثمارات ستؤدي إلى "مصانع في أمريكا على نطاق لم نشهده من قبل"، وفقاً لتصريحات لوتنيك لشبكة CNBC.

عقبات متوقعة

ما زال الجدل قائماً حول كيفية هيكلة التمويل، سواء عبر الأسهم أو القروض أو الضمانات، إضافة إلى اختلاف الرؤى بين ترامب والمفاوضين اليابانيين بشأن تفاصيل الصندوق.

وفي لقاء خاص مع عدد من الرؤساء التنفيذيين بالبيت الأبيض، لم يطلب أي منهم دعماً مالياً مباشراً، بل ركزوا على تخفيف القيود التنظيمية كأفضل وسيلة لدعم النمو.

لوتنيك وصف استثمارات اليابان بأنها أشبه بـ "نداء رأس المال"، أي أن الأموال ستُضخ عند تحديد المشاريع. وأضاف: "هم سيعطون أمريكا المال عندما نطلبه لبناء المشاريع… كيف سيمولونه؟ هذا شأنهم".