هل تتخيل أن تمتلك قصراً عائماً، بأبعاده التي تثير الدهشة، ومسبحه الذي يمتد إلى الأفق، وقصته التي تحبس الأنفاس؟ هذا ليس خيالاً، بل هو اليخت "أماديا" الذي يترقّب مالكاً جديداً، بعد رحلةٍ مثيرة بدأت بالسيطرة عليه في عرض البحر، وانتهت في ساحات المحاكم، لتكشف عن أسرارٍ لم تكن في الحسبان.
تبدأ القصة قبل ثلاث سنوات، على شواطئ فيجي الهادئة، حينما انقضت فرقة العمل الأمريكية "كليبتوكابتشر" على اليخت الفاخر في عملية سرية ومحكمة.
لم يكن هدفهم مجرد قارب، بل كان رمزاً للثراء الروسي، ويُعتقد أنه ملك للملياردير سليمان كريموف، أحد رجال الذهب الذين استهدفهم الغرب بعقوبات قاسية، في محاولة للضغط على الرئيس فلاديمير بوتين بعد غزوه لأوكرانيا.
توالت فصول المعركة، لتتحول قصة اليخت إلى لغز قانوني معقد، فبينما كانت وزارة العدل الأمريكية تزعم أن اليخت ملك لـكريموف الذي انتهك العقوبات، ظهر روسي آخر، هو إدوارد خودايناتوف، ليزعم أن اليخت ملكه.
دخل اليخت في دوامة قانونية، وأُلقي به في "مأزق" كلف الحكومة الأمريكية أكثر من 32 مليون دولار في صيانته وتأمينه منذ مصادرته.
لكن المحكمة حسمت الجدل أخيراً، ومنحت ملكية اليخت للحكومة الأمريكية، التي قررت بيعه في مزاد مغلق، والآن، يُعرض هذا القصر العائم، الذي قدّر خبراء قيمته سابقاً بـ 350 مليون دولار، للبيع بخصم هائل، ليجد من يملك 100 مليون دولار جاهزة للإنفاق فرصة ذهبية لا تعوض.
قصة هذا اليخت ليست مجرد قصة قارب فخم، بل هي حكاية من عالم المليارديرات والأسرار والنزاعات القانونية العابرة للقارات.
اليخت "أماديا"، الذي يبلغ طوله 348 قدماً، ليس مجرد وسيلة نقل، بل هو قصر عائم يضم ثمانية أجنحة فاخرة، ومسبحاً لا نهائياً، الى جانب ساونا، ومهبطاً لطائرات الهليكوبتر.
داخل أروقته، يوجد صالون رئيسي يتميز بمدفأة رخامية وبيانو، بالإضافة إلى صالة ألعاب رياضية، ومركز صحي متكامل، وسينما خاصة، وحتى حوض لسرطان البحر.
تبدأ فصول هذه القصة المذهلة قبل ثلاث سنوات، في يونيو 2022، حينما شنت وزارة العدل الأمريكية عملية نوعية عبر فرقة عمل "كليبتوكابتشر"، وتمكنت من السيطرة على اليخت على سواحل فيجي.
لم تكن عملية مصادرة عادية، فقد كان الهدف هو حرمان الأثرياء الروس من أصولهم الفارهة المدرجة على قوائم العقوبات الأمريكية، في محاولة للضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد غزوه لأوكرانيا.
بعد المصادرة، تحولت القصة إلى معركة قضائية معقدة. فبينما زعمت السلطات الأمريكية أن اليخت مملوك لـسليمان كريموف، وهو ملياردير روسي جمع ثروته من الذهب، ظهرت شركة "ميليمارين إنفستمنتس" ورئيسها السابق إدوارد خودايناتوف، للمطالبة بملكية اليخت، مؤكدين أنه ليس ملكاً لـكريموف.
استمر النزاع لسنوات، لكن القاضي ديل هو في نيويورك حسم القضية في مارس، ومنح ملكية اليخت للحكومة الأمريكية. وفي حكمه، وجد القاضي أن المدعين لم يكونوا سوى "ملاك صوريين"، وأنهم "يفتقرون إلى الأهلية القانونية للاعتراض على المصادرة".
وأكد القاضي أن "غلبة الأدلة" تشير إلى أن اليخت مملوك بالفعل "لأفراد من عائلة سليمان كريموف".
منذ مصادرته، كلف اليخت الحكومة الأمريكية ثروة حقيقية، حيث كشفت وثائق المحكمة أن خدمة المارشالز الأمريكية تكبدت 32 مليون دولار في تكاليف نقله وصيانته وتخزينه.
ورغم أن قيمته قُدرت سابقاً بـ 350 مليون دولار، ومن ثم بـ 230 مليون دولار في عام 2022، إلا أنه من المتوقع أن يُباع بخصم هائل بسبب طول فترة التقاضي.
والآن، وبعد أن تم رسوه في سان دييغو، يُعرض اليخت للبيع في مزاد مغلق يُديره مركز الخدمات البحرية الوطنية بالتعاون مع وسيط اليخوت "فرايزر يختس".
وللدخول في هذا المزاد الذي سيُغلق اليوم الأربعاء 10 سبتمبر 2025 ، يتعين على أي مزايد محتمل إيداع مبلغ 10 ملايين دولار.
رغم قرار المحكمة، لم تهدأ العاصفة، فقد استأنف خودايناتوف الحكم، ووصف محاميه آدم فورد عملية البيع بأنها "غير مناسبة ومتسرعة". وحذّر في بيان له من أن "ملكية اليخت يمكن الطعن فيها في محاكم خارج الولايات المتحدة، مما يعرض المشترين لسنوات من التقاضي المكلف وغير المؤكد".
وفي المقابل، وصف المدعون العامون تصريحاته بأنها "محاولة سافرة لعرقلة بيع اليخت والإضرار بسعره".
وفي النهاية، يبقى مصير هذا اليخت الفاخر معلقاً، بين رغبة حكومة في التخلص من عبئه المالي، وتحديات قانونية قد تلاحق مالكه الجديد، في قصة تثير تساؤلات حول الحدود بين الثروة والسلطة والعدالة.


