تقارب متزايد بين الصين والهند بعد الرسوم الأمريكية


تعتزم الصين إرسال مسؤول رفيع إلى نيودلهي الأسبوع المقبل، في إطار تكثيف جهود بكين لتخفيف التوترات المزمنة مع الهند، وسط إعادة صياغة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للنظام التجاري العالمي.

ويُتوقع أن يسافر وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى نيودلهي يوم 18 أغسطس، في أول زيارة له إلى البلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات، حيث يُرجح أن يلتقي بمستشار الأمن القومي الهندي أجيت دوفال ووزير الخارجية سوبرامانيام جايشانكار، بحسب أشخاص مطلعين رفضوا الكشف عن هوياتهم نظراً لسرية المحادثات.

وقال الأشخاص، إن سبل خفض أعداد القوات على طول الحدود الجبلية المتنازع عليها في الهيمالايا سيكون بنداً رئيسياً على جدول الأعمال، مشيرين إلى أن مثل هذه الخطوة ستشكل تقدماً كبيراً نحو استعادة الثقة بين البلدين.

وتعد هذه الزيارة أحدث خطوة في مسار الانفراج البطيء، لكن المستمر بين الجارتين الآسيويتين، اللتين تجريان أيضاً محادثات لاستئناف التجارة الحدودية وتخططان لاستعادة الرحلات الجوية المباشرة في وقت مبكر من الشهر المقبل. ويُتوقع أن يزور رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الصين نهاية أغسطس، في أول زيارة له منذ سبع سنوات.

وبدأت الهند والصين إعادة بناء العلاقات في أواخر العام الماضي، بعد الاشتباك الحدودي الدموي عام 2020 الذي تسبب في توتر شديد بينهما. ويأتي هذا التقارب في وقت تتدهور فيه علاقات نيودلهي مع إدارة ترامب، بعد أن فرضت واشنطن رسوماً جمركية بنسبة 50% على الصادرات الهندية، وهي نسبة أعلى بكثير من الرسوم المفروضة على نظرائها الإقليميين.

وقالت وزارة الخارجية الصينية، إن بكين مستعدة للعمل مع نيودلهي لـ«معالجة الخلافات بشكل مناسب في ضوء الصورة الكبرى». وأضافت أنه من المنطقي أن يعزز الطرفان علاقاتهما باعتبارهما دولتين ناميتين رئيسيتين وعضوين مهمين في الجنوب العالمي، وذلك في رد على استفسار من وكالة «بلومبرغ».

ولم ترد وزارة الشؤون الخارجية الهندية على رسالة بريد إلكتروني تطلب مزيداً من المعلومات، كما لم ترد وزارة الخارجية الصينية فوراً على طلب لتأكيد جدول رحلة وانغ.

وتبحث الدولتان استئناف التجارة الحدودية في السلع المحلية بعد أكثر من خمس سنوات، وفقاً لمسؤولين هنود مطلعين على الأمر. واقترح الطرفان إعادة فتح التجارة عبر نقاط محددة على الحدود، والمناقشات ما زالت جارية، بحسب الأشخاص.

وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، تبادلت الهند والصين السلع المحلية مثل التوابل، والسجاد، والأثاث الخشبي، وعلف الماشية، والفخار، والنباتات الطبية، والأجهزة الكهربائية، والصوف، عبر ثلاث نقاط محددة على طول حدودهما الجبلية المتنازع عليها والتي يبلغ طولها 3488 كيلومتراً (2167 ميلاً).

وتُعد قيمة التجارة بينهما صغيرة نسبياً، إذ قُدرت بنحو 3.16 ملايين دولار في 2017 – 2018، وفق أحدث بيانات حكومية متاحة. وأُغلِقت نقاط التجارة خلال جائحة «كورونا»، وهو ما تزامن مع تدهور حاد في العلاقات بين البلدين بعد الاشتباكات الحدودية التي أودت بحياة 20 جندياً هندياً وأربعة جنود صينيين على الأقل.

وقالت وزارة الخارجية الصينية أيضاً، إن بكين مستعدة لتعزيز التواصل والتنسيق مع الهند في هذا الشأن. وأضافت في ردها على الاستفسار: «لطالما لعبت التجارة الحدودية بين الصين والهند دوراً مهماً في تحسين حياة سكان المناطق الحدودية في البلدين».

كما خففت بكين القيود على بعض شحنات الأسمدة المصدَّرة إلى الهند، ومن المتوقع أن يتوجه مودي إلى الصين في وقت لاحق من هذا الشهر لحضور قمة منظمة شنغهاي للتعاون. ومن المنتظر أن يلتقي بالرئيس شي جين بينغ على هامش الحدث الذي سيعقد في تيانجين بتاريخ 31 أغسطس، كما يُتوقع أن يحضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتماع المنظمة.

وعلى الجانب الآخر، يشعر ترامب بالإحباط من استمرار الهند في استيراد النفط الروسي مخفض السعر، والذي يقول إنه يساعد في تمويل حرب الكرملين في أوكرانيا. ولم يُبدِ مودي أي مؤشر على التراجع، إذ وقعت حكومته هذا الشهر اتفاقيات مع موسكو لتعميق التعاون الاقتصادي. فيما جادلت الهند بأن مشترياتها من النفط الروسي ساعدت على استقرار الأسواق العالمية ومنع أزمة في الإمدادات.