البنوك الأفريقية تدرس خياراتها لـ«أسعار الفائدة» أمام «رسوم ترامب»

تتجه اقتصادات أفريقية كبرى إلى اعتماد استراتيجيات مختلفة بشأن أسعار الفائدة على مدى الأسابيع المقبلة، مع تقييمها لتأثير الرسوم الجمركية، التي اقترحها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وانعكاساتها الداخلية على الأداء الاقتصادي والتضخم، بحسب «بلومبرغ».

وقالت أنجيليكا جوليجر، كبيرة الاقتصاديين لدى «إرنست ويونغ أفريقيا»: «ستتأثر قرارات السياسة النقدية المقبلة في البنوك المركزية الأفريقية بعامل مشترك، يتمثل في التوازن بين تراجع التضخم من جهة، ونقاط الضعف الهيكلية من جهة أخرى. ورغم أن التضخم يتراجع في دول عدة فإن وتيرة وشكل التيسير النقدي سيختلفان بصورة كبيرة، تبعاً للظروف السياسية الداخلية والمخاطر الخارجية، وأولويات الإصلاح».

ويتوقع أن تقوم أنجولا ونيجيريا، حيث لا يزال التضخم مرتفعاً، بالإبقاء على أسعار الفائدة كما هي. في المقابل قد تتجه دول مثل جنوب أفريقيا وغانا إلى خفض أسعار الفائدة، مدفوعة بانخفاض التضخم أو مؤشرات على التباطؤ، ومن المنتظر أن تقوم غانا وجنوب أفريقيا بتخفيض تكاليف الاقتراض بحلول نهاية يوليو.

دورة تيسير جديدة

ففي غانا أتاح التراجع الحاد في معدلات التضخم المجال للبنك المركزي للشروع في دورة تيسير جديدة، تتراوح بين 100 و200 نقطة أساس، وفقاً لجبران قريشي، رئيس أبحاث أفريقيا في «ستاندرد بنك جروب». وأضاف قريشي: «يسجل الحساب الجاري فائضاً، كما أن صادرات الذهب لا تزال في ارتفاع، وقد ارتفعت قيمة السيدي (العملة المحلية في غانا) بنحو 50% منذ أبريل».

أما في جنوب أفريقيا فتتوقع جينا شومان، كبيرة الاقتصاديين لدى «سيتي جروب» أن تواصل لجنة السياسة النقدية دورة التيسير بخفض إضافي قدره 25 نقطة أساس، ليصل إلى 7%.

وتشير أبحاث بلومبرغ إيكونوميكس إلى أن موقف السياسة النقدية الحالي يبدو «متشدد بشكل مفرط»، في ظل تراجع توقعات التضخم لعامين مقبلين إلى 4.5% خلال الربع الثاني، وهو أدنى مستوى منذ نحو أربع سنوات، ويتماشى مع المستهدف الرسمي للبنك المركزي.

رغم ذلك حذرت غوليجر من أن لجنة السياسة قد تتحفظ، بسبب المخاطر المرتبطة بتجدد التهديدات الأمريكية بفرض تعريفات جمركية، قد تُربك التجارة، وتؤثر على استقرار العملة، خاصة أن جنوب أفريقيا تواجه رسوماً بنسبة 30% على صادراتها، بدءاً من الأول من أغسطس. وقالت: «قد يحد هذا الغموض الخارجي من رغبة الدول ذات الانكشاف التجاري المرتفع في المضي قدماً في التيسير النقدي بقوة».

خفض الفائدة

في إسواتيني وجمهورية الكونغو الديمقراطية من المرجح أن يؤدي تراجع التضخم إلى تخفيض أسعار الفائدة، وبالنسبة للكونغو،سيكون ذلك أول خفض منذ عام 2022.

وفي كينيا وموزمبيق تشير مؤشرات محلية مثل ضعف الإقراض الخاص والانكماش الاقتصادي إلى احتمال قيام صانعي السياسات بمزيد من الخفض، وقد خفضت كينيا بالفعل سعر الفائدة بمقدار 325 نقطة أساس إلى 9.75%، في حين خفضت موزمبيق سعر الفائدة بمقدار 625 نقطة أساس إلى 11%، لتحفيز الاقتصاد.

وفي ليسوتو من المرجح أن تخفض لجنة السياسة النقدية سعر الفائدة كذلك، لدعم اقتصادها المتضرر بفعل تهديدات التعريفات الجمركية، وتضررت صناعة النسيج، أكبر مصدر صادرات إلى الولايات المتحدة، بشكل كبير، بعد توقف الطلبات، بسبب الضبابية السياسية، وفي يوم الثلاثاء، أعلنت البلاد حالة «كارثة اقتصادية» نتيجة ارتفاع معدلات البطالة وفقدان الوظائف.

تحديات التضخم المرتفع

في المقابل يبقى احتمال بدء دورة تيسير في نيجيريا مستبعداً في الوقت الراهن، حيث لم يستقر التراجع في التضخم بعد، بحسب جريجلي أورموسي، كبير استراتيجيي الأسواق الناشئة في «سوسيتيه جنرال»، وأوضح أن التضخم انخفض لمدة شهرين فقط، ولا يزال مرتفعاً عند 23%، ما قد يدفع لجنة السياسة النقدية إلى تثبيت سعر الفائدة عند 27.5% للمرة الثالثة على التوالي، وقال أورموسي: «نتوقع أن يبدأ البنك المركزي النيجيري التيسير النقدي في أوائل عام 2026».

كذلك يرجح أن تبقي أنغولا على سعر الفائدة الرئيسي عند 19.5% للمرة السابعة على التوالي، بينما يدرس المسؤولون تأثير رفع أسعار النقل العام بنسبة تصل إلى 50% — نتيجة لزيادة أسعار الديزل — على التضخم، وفي مالاوي من المتوقع أن تظل أسعار الفائدة دون تغيير عند 26%، بسبب استمرار ضغوط الأسعار، وصعوبات النقد الأجنبي.