دبي نموذج عالمي للتجارة الذكية والابتكار الاقتصادي المستقبلي

أكد إسماعيل ديانغ، المتحدث باسم منظمة التجارة العالمية ومدير إدارة الإعلام والعلاقات الخارجية، أن نهج دبي في أن تصبح قوة تجارية عالمية يمثل مثالاً على كيفية استخدام التخطيط الذكي لتشكيل مستقبل التجارة، مشيراً إلى أن دبي بنت منظومة تجارية مزدهرة ومستعدة لمواجهة تحديات المستقبل عبر الجمع بين البنية التحتية المتقدمة، والابتكار الرقمي، والسياسات الداعمة للأعمال. وقال ديانغ لـ«البيان» إن الاتفاقيات الاقتصادية الشاملة التي وقعتها دولة الإمارات مع العديد من الدول مؤخراً تلعب دوراً رئيسياً في دعم التنويع الاقتصادي، مما يساعد الدولة على الانتقال إلى قطاعات جديدة بعيداً عن الاعتماد التقليدي على النفط.

وأضاف: «من منظور تجاري، تُعد هذه الاتفاقيات إيجابية بشكل عام، رغم احتمال حدوث تأثيرات تحويلية للتجارة قد تؤثر على شركاء غير مشمولين باتفاقيات التجارة الحرة. فهي تفتح أبواب الأعمال وتشجع على تبادل السلع والخدمات بسلاسة أكبر».

سلاسة

وقال إسماعيل ديانغ: «الاتفاقيات التجارية الإقليمية مكملة للنظام التجاري متعدد الأطراف الأوسع. وفي الواقع، العديد منها مبني على أطر مشابهة ويشارك نفس الهدف الأساسي وهو جعل التجارة العالمية أكثر سلاسة وكفاءة». وأضاف: «تختلف أهداف الدول عند التفاوض على اتفاقيات الشراكة الشاملة، وعادةً ما تهدف هذه الاتفاقيات إلى توسيع الوصول إلى الأسواق وتقليل الحواجز التجارية، وهو ما يشكل دفعة كبيرة للنمو الاقتصادي».

تباطؤ

وفي رده على سؤال حول تأثير الظروف الجيوسياسية في الشرق الأوسط على سياسات التجارة والاستثمار في دول المنطقة، قال: «أظهر أحدث توقع للتجارة صدر في أكتوبر أن التجارة في الشرق الأوسط تشهد تباطؤاً في الصادرات والواردات على حد سواء، ويرجع ذلك إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي، حيث يُتوقع أن ينخفض معدل النمو من 2.9 % في 2023 إلى 2.6 % بحلول 2026».

وأضاف أن أسعار النفط شهدت انخفاضاً كبيراً، ما يؤثر على حجم الواردات في المنطقة؛ فعلى سبيل المثال، انخفض خام دبي من 89 دولاراً للبرميل في أبريل 2024 إلى 68 دولاراً في سبتمبر، موضحاً أن جزءاً من هذا التباطؤ قد يكون مرتبطاً بالرسوم الجمركية العالمية التي تجعل التجارة أكثر صعوبة، ولكنه أيضاً جزء من العودة الطبيعية إلى مستويات نمو معتادة بعد سنوات من النمو القوي غير المعتاد. وأشار إلى أن دول المنطقة تعمل على تنويع اقتصاداتها من خلال الاستثمار في التكنولوجيا، ودعم الشركات الناشئة، وتمكين المزيد من النساء من دخول سوق العمل. وقد أحرزت تقدماً جيداً، لكن لا يزال هناك مجال للنمو.

خفض التكاليف

وعن دور التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة التجارة وإدارة سلاسل الإمداد، قال إسماعيل ديانغ: إن الذكاء الاصطناعي يحقق بالفعل فرقاً ملموساً. فهو يساعد الشركات، خصوصاً الصغيرة، على خفض التكاليف والوصول إلى أسواق جديدة، مشيراً إلى أن الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي تعمل على تبسيط سلاسل الإمداد، وأتمتة إجراءات الجمارك، وكسر حواجز اللغة، ومساعدة الشركات على التعامل مع القوانين المعقدة. وأضاف أنه مع وجود سياسات مناسبة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يزيد قيمة التجارة الدولية في السلع والخدمات بنحو 40 % بحلول 2040، بفضل زيادة الإنتاجية وخفض تكاليف التجارة، مشيراً إلى أن المسألة لا تتعلق بالنمو فقط، بل بضمان أن يكون هذا النمو شاملاً. وأكد على ضرورة وضع سياسات ذكية لتقليص الفجوة الرقمية، والاستثمار في مهارات الأفراد، والحفاظ على انفتاح التجارة واستقرارها. وقال: «على المدى الطويل، قد يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى مكاسب كبيرة في التجارة والناتج المحلي الإجمالي العالمي، إذ قد ينمو حجم التجارة بنسبة

34 - 37 % ويرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12 - 13 % بحلول 2040، اعتماداً على سرعة تواكب الدول للتكنولوجيا والسياسات».

تمكين

وأضاف أن الذكاء الاصطناعي سيلعب دوراً رئيسياً في تمكين الدول من الوصول إلى المكونات الأساسية لتقنياته، مثل أشباه الموصلات والمواد الخام والمكونات الضرورية الأخرى، حيث بلغت التجارة العالمية في هذه السلع نحو 2.3 تريليون دولار في 2023.

وبالإضافة إلى التجارة، أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يعزز الإنتاجية عبر الصناعات، مع تحقيق كفاءات واضحة في مجالات مثل خدمة العملاء والاستشارات وتطوير البرمجيات، رغم أن التأثير يختلف بحسب السياق. وعن تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على التجارة العالمية وسلاسل الإمداد، قال ديانغ إن أداء التجارة العالمية للسلع كان أفضل من المتوقع في النصف الأول من 2025، مدفوعاً بزيادة الإنفاق على المنتجات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وارتفاع الواردات في أمريكا الشمالية قبل رفع الرسوم الجمركية، ونشاط تجاري قوي في مناطق أخرى. ونتيجة لذلك، عدّل خبراء منظمة التجارة العالمية توقعاتهم لنمو تجارة السلع في 2025 إلى 2.4 %، مقارنة بالتقدير السابق البالغ 0.9 % في أغسطس.

صادرات الخدمات

وأضاف المتحدث باسم منظمة التجارة العالمية أنه من المتوقع أن ينخفض نمو صادرات الخدمات العالمية، وذلك بعد أن ارتفع بنسبة 6.8 % في 2024، من المتوقع أن ينمو بنسبة 4.6 % في 2025 و4.4 % في 2026. وقال إنه بشكل عام ساعدت الاستجابة المتوازنة للرسوم الجمركية، وزيادة تأثير الذكاء الاصطناعي، وتنامي التجارة بين الاقتصادات الناشئة في تخفيف آثار التحديات التجارية في 2025، مشيراً إلى أن التجارة بين دول الجنوب (أي التجارة بين الدول النامية) ارتفعت بنسبة 8 % من حيث القيمة في النصف الأول من العام، مقارنة بنمو التجارة العالمية البالغ 6 %، وعند استثناء الصين، سجلت تجارة دول الجنوب نمواً أسرع بلغ نحو 9 %.