الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل سوق العمل بأدوات حديثة

غيث السويدي
غيث السويدي
أيمن إيتاني
أيمن إيتاني
أكرم عوض
أكرم عوض
سعيد الفلاسي
سعيد الفلاسي
عبد الله قاسم
عبد الله قاسم

وظائف تقليدية تختفي وأخرى جديدة تدخل السوق، هذا ما يُحدثه الذكاء الاصطناعي في عصرنا الحالي، فالأعمال التي كانت تتطلب ساعات طويلة، وجهداً كبيراً بالأمس، يتم إنجازها اليوم بفضل الذكاء الاصطناعي في دقائق معدودة. وبحسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، يتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي في توفير 97 مليون وظيفة جديدة عالمياً، خلال عام 2025، ليبقى السؤال: هل سيعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل سوق العمل؟ وما الوظائف التي سيمحوها؟ وكيف نستعد للمستقبل خلال السنوات المقبلة؟.

وتشير توقعات معهد ماكينزي العالمي، إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، تؤدي إلى خلق ما بين 97 و120 مليون وظيفة جديدة عالمياً، بحلول عام 2030، خصوصاً في مجالات تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وتطوير البرمجيات والرعاية الصحية، والتعليم والتدريب على المهارات الرقمية، فيما يوفر وظائف مثل مهندس ذكاء اصطناعي، ومطور نماذج تعلم الآلة، ومطور برمجيات، ومحلل بيانات، ومتخصص أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، ومدرب روبوتات المحادثة، ومفسر نتائج الذكاء الاصطناعي، ومصمم تجارب استخدام لأنظمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، ومدير مشروعات تقنية، ومستشار تحول رقمي.

وظائف جديدة

يقول سعيد الفلاسي مدير مركز دبي لاستخدامات الذكاء الاصطناعي: في الماضي، ومع كل نقلة نوعية في التكنولوجيا، كان هناك دائماً تغيّر كبير في سوق العمل، فعلى سبيل المثال، بعد أن كانت الزراعة تعتمد على الأيدي العاملة، ظهرت الآلات، فتقلّص عدد المزارعين. كذلك من كانوا يعملون في تربية الحيوانات، تم الاستغناء عن كثير من أعمالهم، حين اختُرعت الأجهزة الحديثة، كما أن الذين عملوا في قيادة العربات القديمة، تغيرت طبيعة وظائفهم بعد ظهور السيارات. لكن الفكرة اليوم ليست في استبدال الوظائف، بل في كيفية استخدام التقنيات الحديثة، كالذكاء الاصطناعي، لتطوير أنفسنا. والذي يميز الإنسان عبر التاريخ، هو قدرته على التكيف، سواء في طبيعة عمله أو أسلوب حياته، وهذا يحدث بسرعة أكبر من المتوقع. لذلك نقول: رغم أن بعض الوظائف قد تتغير أو تختفي بفعل الذكاء الاصطناعي، فإنه في المقابل، سوف يخلق وظائف جديدة.

المستشار الشخصي

أما غيث السويدي الرئيس التنفيذي للذكاء الاصطناعي بمؤسسة دبي للبيانات والإحصاء، فيقول: خدمات ترخيص السيارات، على سبيل المثال، التي كانت في السابق تعتمد على عدد كبير من الموظفين، صارت اليوم تعتمد بشكل كبير على التطبيقات الذكية التي حلت محلها. ومع دخول الذكاء الاصطناعي، نرى أنه يتجاوز مجرد الأتمتة، ليقدم خدمات تنبؤية واستباقية، فإذا قمنا بتعليم النظام بيانات معينة، فإنه يمكنه أن يتنبأ باحتياجات الأشخاص في المستقبل القريب، بناءً على وضعهم الحالي. على سبيل المثال، إذا كان هناك طالب في آخر سنة دراسية، فإن الذكاء الاصطناعي يمكنه التعرف إليه، ويبدأ تقديم خدمات مخصصة له لما بعد المدرسة، فيقترح عليه التقديم لرخصة القيادة، أو يساعده في خطوات التقديم للجامعة، أو حتى يقدم له دعماً واستشارات شخصية بشأن تخصصه الأكاديمي أو المهني.

يضيف السويدي: الذكاء الاصطناعي يبدأ بدور يشبه «المستشار الشخصي»، يساعد الناس على اتخاذ قراراتهم المستقبلية بطريقة ذكية وسلسة. لذلك، من الضروري أن نواكب هذا التقدم، لأن بعض الوظائف الحالية قد لا يكون لها دور كبير في المستقبل، مقارنةً بما كانت عليه في الماضي. لكن يجب ألا نخشى الذكاء الاصطناعي، بل أن نفهمه ونستفيد منه، وأن ندرك أنه لا يُلغي الأدوار، بل يُعيد تشكيلها، ويفتح مجالات، ويخلق فرصاً لم تكن موجودة من قبل.

اختلاف سوق العمل

في حين يرى الدكتور أكرم عوض المدير الإداري والشريك في مجموعة بوسطن الاستشارية العالمية BCG، أن تأثير الذكاء الاصطناعي في سوق العمل سوف يختلف من دولة إلى أخرى، تبعاً لتركيبة السوق ومستوى التقدم التقني. ويقول: قبل عدة سنوات، كنا ننصح الجميع بتعلم البرمجة والذكاء الاصطناعي، لكن اليوم نرى أن الذكاء الاصطناعي نفسه أصبح قادراً على تنفيذ الكثير من مهام البرمجة، ما يجعل حتى هذه الوظائف عرضة للتغيير أو الاستبدال. ورغم صعوبة التنبؤ الدقيق بمستقبل الوظائف، فإن الأهم في الوقت الحالي، هو تهيئة كل شرائح المجتمع والعاملين في مختلف القطاعات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي. وفي رأيي أن الدمج بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي، سيكون هو الطريق الأمثل للارتقاء بالأداء، وضمان استمرارية التطور.

قطاعات حيوية

يقول الخبير المصرفي عبد الله قاسم: يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً كبيراً في تطوّر القطاع المصرفي، الذي يُعدّ من القطاعات الحيوية القادرة على مواكبة مختلف التغيّرات. فقد تبنّت بعض البنوك تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل واسع. وبرأيي الشخصي، سيظلّ العنصر البشري حاضراً دائماً، رغم وجود العديد من الخدمات التي تُنفّذ اليوم دون أي تدخّل بشري، مثل التحويلات الرقمية، وتعد أكثر من 95% من عملاء البنوك يفضلونها. ويضيف: حتى في حال اختفاء بعض الوظائف، فإن وظائف جديدة ستنشأ، والدليل على ذلك، أن عدد موظفي البنوك لا يزال في ازدياد، نظراً إلى نمو حجم العمل نفسه. أما عن أكثر ما يميز الذكاء الاصطناعي في القطاع المصرفي اليوم، فيشير إلى أن قدرته على تقديم خدمة عملاء ذكية، وتوجيه العميل نحو المنتج الأنسب بناءً على احتياجاته، إلى جانب تقديم توصيات دقيقة، قد تتفوّق على التوصيات البشرية، نظراً لاعتمادها على تحليل بيانات أكثر شمولاً ودقة.

مهارات

ويقول أيمن إيتاني مدير Think Media Labs: لا شك في أن الذين كانوا يعملون في مجالات مثل الكتابة والتسويق، أو الوظائف التي تعتمد على مهارات بسيطة وأساسية، تغيرت وظائفهم اليوم، لأن الذكاء الاصطناعي صار قادراً على تقديم الخدمات نفسها بطريقة ثابتة، وواضحة، وأرخص وأسرع. وهذا لا ينطبق على الكتابة أو التسويق فحسب، بل على كل شيء تقريباً فيه جانب كتابي أو قابل للأتمتة.

حتى قطاع التعليم يتغيّر، كما يؤكد إيتان، مضيفاً: ألاحظ ذلك من خلال أولادي، فاليوم نجد الطالب يسأل الآلة سؤالاً، ويأخذ الإجابة مباشرة منها، أو من الذكاء الاصطناعي. لكن هذا لا يعني أن دور المعلم اختفى، بل على العكس، فقد صار دوره أهم وأعمق، حيث لم يعد مقتصراً على نقل المعلومات، بل فهم الطالب، وملاحظته، ومعرفة إن كان يعاني من مشاكل في الفهم، أو يواجه صعوبات معينة. عندما ظهر الإنترنت في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، تغيّر التعليم، حيث كانت المهارة الأساسية حينها البحث والقدرة على الوصول إلى المعلومة، وكان يُقال لنا «أنتم لا تتعلمون شيئاً، لأن الإنترنت يعطيكم كل شيء»، لكن هذا لم يكن صحيحاً بالكامل، فطريقة الوصول إلى المعلومة، هي التي أصبحت مختلفة. واليوم صار الذكاء الاصطناعي قادراً على أن يأخذ مكانك في المهام التقنية، لكنه لا يستطيع أن يحل محل الموظف في المهارات «الإنسانية» الحقيقية.

أبرز 10 وظائف

مهندس ذكاء اصطناعي

مطور نماذج تعلم الآلة

مطور برمجيات

محلل بيانات

متخصص أخلاقيات الذكاء الاصطناعي

مدرب روبوتات المحادثة

مفسر نتائج الذكاء الاصطناعي

مصمم تجارب استخدام الأنظمة

مدير مشروعات تقنية

مستشار تحول رقمي