الإمارات وجهة عالمية محفزة للابتكار واحتضان المشاريع الناشئة
معايير شاملة لتقييم الأفكار المبتكرة للشركات الناشئة من الخبراء المختصين
الشركات الناشئة في الدولة تعمل على تبني التقنيات الخضراء بشكل واسع
أكد شاكر زينل، مدير صندوق محمد بن راشد للابتكار ورئيس إدارة الأعمال المصرفية في مصرف الإمارات للتنمية، أن الصندوق يركز على تعزيز التنمية الاقتصادية، وخلق فرص عمل جديدة، ما يسهم في إحداث تأثير اقتصادي دائم ومستدام.
وقال إنه منذ تأسيس الصندوق حتى اليوم قدمنا الدعم إلى 180 من المبتكرين وأصحاب المشاريع، وأسهمنا في تعزيز روح الابتكار والنمو والريادة داخل دولة الإمارات، ما أسهم بشكل ملموس في تعزيز منظومة الابتكار الوطنية، عبر خلق أكثر من 800 فرصة عمل بدولة الإمارات، وتوفير حلول تمويل للشركات الناشئة بأكثر من 2.8 مليار درهم.
وقال في حوار مع «البيان»
، إن الإمارات باتت وجهة عالمية داعمة للشركات الناشئة الطموحة في جميع المجالات، وبيئة جذابة للاستثمارات ومحفزة للابتكار، واحتضان المشاريع الناشئة، وذلك من خلال تقديم برامج تحفيز متكاملة، تشمل الدعم المالي، والإعفاءات الضريبية التنافسية، وإمكانية الوصول إلى منصات التمويل المتخصصة، فضلاً عن المؤسسات الداعمة، التي تتولى احتضان وتطوير المشاريع الريادية، وفيما يلي تفاصيل الحوار:
كيف يمكن تقييم الوضع الحالي لمنظومة الشركات الناشئة والابتكار في الإمارات؟
تشهد دولة الإمارات تطورات مهمة في مجال ريادة الأعمال والابتكار، وتبرز وجهة عالمية داعمة للشركات الناشئة الطموحة، حيث تتمتع بمزايا تجعلها بيئة جذابة للاستثمارات والشركات الناشئة، لا سيما في ظل الرؤية الاستراتيجية لقيادتها الرشيدة، والتي ترمي إلى تعزيز الابتكار والتطور التكنولوجي، وذلك من خلال تقديم برامج تحفيز متكاملة تشمل الدعم المالي، والإعفاءات الضريبية التنافسية، وإمكانية الوصول إلى منصات التمويل المتخصصة، فضلاً عن المؤسسات الداعمة، التي تتولى احتضان وتطوير المشاريع الريادية.
ونظراً لما تتمتع به من اقتصاد نامٍ وتركيبة سكانية شابة وتعليم متقدم توفر الإمارات بيئة محفزة للابتكار، واحتضان المشاريع الناشئة.
ويعد التزام الدولة المستمر بإنشاء منظومة ابتكار متكاملة، بالتوازي مع الاستثمارات الاستراتيجية في البحث والتطوير، ضمانة لمكانتها الرائدة على المستوى العالمي في مجال ريادة الأعمال، ودعم الشركات الناشئة.
ما الفرص المتاحة والتحديات التي تواجه الشركات الناشئة؟
توفر الإمارات بيئة مثالية لاحتضان رواد الأعمال والشركات الناشئة المبتكرة، إلا أن هذه المنظومة الحيوية لا تخلو من عدد من التحديات مثل ضرورة تكيّف رواد الأعمال مع التغيرات التشريعية كتطبيق ضريبة الشركات، إلى جانب الحاجة لفهم اللوائح التنظيمية التي قد تؤثر على استراتيجيات التخطيط المالي وإدارة الموارد، كما أن المنافسة على جذب المواهب والموارد تعد تحدياً كبيراً في ظل النمو المتسارع للمنظومة، ورغم هذه التحديات هناك العديد من الفرص الكبيرة، التي تقدمها الإمارات للشركات الناشئة، فالدولة تتمتع ببنية تحتية مالية واستثمارية متطورة، وتتصدر المنطقة في جمع الاستثمارات واستقطاب رؤوس الأموال، إضافة إلى ذلك فإن المبادرات والبرامج الحكومية الاستراتيجية مثل تسهيل ممارسة الأعمال والتأشيرة الذهبية وحق الأجانب للتملك الكامل لأعمالهم بنسبة 100 % في المناطق الحرة تعزز من مكانة الإمارات مركز جذب عالمياً لرواد الأعمال، ويجعلها وجهة مثالية لإطلاق المشاريع الناشئة، وتوسيع نطاقها على المستوى الدولي.
ما المبادرات الأحدث لصندوق محمد بن راشد للابتكار التي تسهم في دعم رواد الأعمال المبتكرين لتطوير مشاريعهم؟
نسعى دائماً لإطلاق وتطوير مبادرات مبتكرة تهدف إلى تمكين الشركات الناشئة، التي تتمتع برؤى وأفكار مستقبلية، سواء كانت هذه الشركات قائمة بالفعل داخل دولة الإمارات أو تتطلع لجعلها قاعدة لإطلاق وتوسيع أعمالها في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي والمنطقة.
ويقدم برنامج مسرع الابتكار التابع للصندوق دعماً متكاملاً، يهدف لتمكين المبتكرين وأصحاب المشاريع من تعزيز مهاراتهم الريادية، مع التركيز على مجالات رئيسية تشمل التخطيط الاستراتيجي للأعمال، والإدارة المالية، واستراتيجيات دخول السوق، والوصول إلى نخبة من الخبراء والمختصين في قطاعات حيوية متنوعة، كما يوفر البرنامج فرصاً كبيرة للتوسع والدخول إلى أسواق جديدة، وشهدت الدفعة الأحدث تخرج 18 من رواد الأعمال والشركات المبتكرة، التي تغطي عدداً من القطاعات ذات الأولوية في الاستراتيجية الوطنية للابتكار المتقدم في الدولة مثل التعليم، والصحة، والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والنقل، والمياه، والفضاء.
ويقدم برنامجنا الثاني، وهو برنامج الضمانات، الدعم المالي من خلال توفير ضمانات حكومية، تساعد الشركات المبتكرة على الحصول على حلول تمويلية بتكلفة منخفضة، من خلال تزويدهم بضمانات مدعومة من الحكومة دون الحصول على أية حقوق ملكية أو أسهم فيها، وتهدف هذه المبادرة إلى سد ثغرة التمويل وتمكين الشركات الناشئة المبتكرة من التوسع بفعالية وسهولة أكبر.
ومنذ انطلاقتنا قدمنا الدعم لأكثر من 170 شركة ناشئة في مجالات متعددة، ومنذ تأسيس الصندوق حتى اليوم قدمنا الدعم إلى 180 من المبتكرين وأصحاب المشاريع، وأسهمنا في تعزيز روح الابتكار والنمو والريادة داخل دولة الإمارات، الأمر الذي أسهم بشكل ملموس في تعزيز منظومة الابتكار الوطنية، عبر خلق أكثر من 800 فرصة عمل بدولة الإمارات، وتوفير حلول تمويل للشركات الناشئة بأكثر من 2.8 مليار درهم.
ما معايير صندوق محمد بن راشد للابتكار في تقييم المشاريع المبتكرة؟
يتلقى الصندوق العديد من الطلبات من الشركات الناشئة الطموحة، ويخضع كل مشروع لعملية تقييم دقيقة وشاملة من قبل فريق من الخبراء المختصين.
يتمحور التقييم حول مستوى الابتكار في الفكرة، ومدى تميزها وإبداعها، كما يُعنى الفريق بتحليل الإمكانات السوقية، بما في ذلك حجم السوق المستهدفة وسهولة الوصول إليها، كما يتم النظر في التأثير المحتمل للمشروع على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وكذلك مدى قدرته على التوسع والنمو المستدام.
وأخيراً يتم تقييم كفاءة الفريق المؤسس، من حيث مهاراته، خبراته، ومدى التزامه بتحقيق أهداف المشروع ودفعه نحو النجاح.
ماذا يقدم برنامج مسرّع الابتكار التابع لصندوق محمد بن راشد للابتكار؟
غالباً ما يواجه رواد الأعمال صعوبات في الوصول إلى الرؤى الاستراتيجية، أو المعلومات المتعلقة بالسوق، أو الموارد الحيوية، التي تعزز من سرعة نمو مشاريعهم أو أعمالهم التجارية المبتكرة، وهنا يأتي دور برنامج مسرّع الابتكار التابع لصندوق محمد بن راشد للابتكار، المدعوم من وزارة المالية في الدولة، حيث يستهدف المبتكرين ذوي القدرات العالية والإمكانات الواعدة، مقدماً لهم خدمات مصممة خصيصاً، وداعماً إياهم بالمهارات والخبرات الضرورية للنجاح والتوسع.
نحن نحرص على تقديم خدمات مخصصة مصممة، لتلبية احتياجات كل مبتكر، ودون أية تكلفة إضافية على رائد الأعمال.
ما مستوى تبني الشركات الناشئة في الدولة للتقينات الحديثة والذكاء الاصطناعي؟
تواصل الشركات الناشئة في دولة الإمارات الاستفادة من أحدث التقنيات المتقدمة لتعزيز قدراتها على الابتكار والنمو.
وتشمل هذه التقنيات الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا المالية، والبلوك تشين، والتقنيات الخضراء، والتي تُعتبر جميعها ركائز رئيسية لتحقيق طموحات النمو والتوسع المستدام للأعمال، كما توظف الشركات الناشئة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة التشغيلية ودفع عجلة الابتكار، وبدعم من مبادرات رائدة مثل «مركز دبي لاستخدامات الذكاء الاصطناعي» ستسهم في تسريع وتيرة تبني هذه التكنولوجيا عبر مختلف القطاعات الحيوية.
ويستخدم الذكاء الاصطناعي بشكل واسع في مجالات مثل الرعاية الصحية، والقطاع المالي، والخدمات اللوجستية، حيث يسهم في الأتمتة الذكية واتخاذ قرارات دقيقة قائمة على التحليلات المتقدمة للبيانات.
وعلى سبيل المثال تركز منصة «فينانشيلز» المدعومة بالذكاء الاصطناعي على أتمتة العمليات المحاسبية والضريبية للشركات الصغيرة والمتوسطة، كما أحدثت شركة «أوكسيتيك» ثورة في مجال التكنولوجيا العميقة، حيث تقدم حلولاً مبتكرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتشخيص الأمراض الطبية بدقة وكفاءة من خلال تحليل صور الأشعة.
كما تتيح شركة «Teammates.ai» للشركات نشر فرق عمل ذاتية التشغيل تعمل بالذكاء الاصطناعي، وتتولى مهام الأعمال بأكملها.
كما تشهد التكنولوجيا المالية نمواً سريعاً مدفوعاً بموقع الإمارات مركزاً مالياً إقليمياً، حيث يعمل رواد الأعمال على تطوير حلول مالية مبتكرة مثل منصات الدفع الرقمية، والمستشارين الآليين، وتقنيات التمويل اللامركزي، التي تعتمد على البلوك تشين، الأمر الذي يسهم في تعزيز مستويات الأمان للمعاملات المالية، كما تستخدم تقنيات البلوك تشين أيضاً لتعزيز الشفافية في سلاسل التوريد، لا سيما في قطاعي التصنيع وتجارة التجزئة، وتعزيز تفاعل العملاء، فعلى سبيل المثال تقدم «ثروة» لعملائها خدمات استثمارية اعتماداً على خبراتها العالية، من خلال مزج التكنولوجيا المتقدمة مع الاستشارات البشرية الشخصية، ما يضمن حصولهم على تجربة سهلة الاستخدام ورقمية بالكامل وبسعر معقول للغاية، ومن جهتها توفر شركة «إنفويس ميت» نظاماً شاملاً لإدارة الفواتير، لضمان تمويل رأس المال العامل بطريقة بسيطة وآمنة.
وتعمل الشركات الناشئة في الإمارات على تبني التقنيات الخضراء بشكل واسع، حيث يتم استخدام هذه التقنيات في تطوير حلول مبتكرة للطاقة المتجددة مثل حلول شركة «وهج سولار»، التي توفر الجيل القادم من مركزات الطاقة الشمسية، والسيارات الكهربائية، والمنتجات الصديقة للبيئة مثل المنتجات، التي تقدمها «بيرد كولابوريتف» المستدامة العالية الجودة للاستخدام الواحد، تشمل حالياً القشات، مع خطط لإطلاق أدوات المائدة قريباً.
وتدعم التقنيات المتقدمة التحولات التي تشهدها قطاعات رئيسية مثل التجارة الإلكترونية، والخدمات اللوجستية، والتنقل الذكي، لتسهم بذلك في دفع عجلة الابتكار والتنمية المستدامة بالإمارات.
وعلى سبيل المثال تستخدم شركة «سلمي» أحدث التقنيات لتصميم وتصنيع الدراجات النارية الكهربائية، لتقديم أفضل تجارب التنقل الذكي.
وتستخدم شركة «ترانسبرايت» في الإمارات تتبع انبعاثات الكربون لتحسين عمليات تسليم البضائع، واستهداف سلسلة توريد غير مكلفة وفعالة وسريعة.
ماذا عن أهمية الاستدامة في تعزيز ريادة منظومة الأعمال؟
تعكس مبادرات مثل «أجندة الإمارات الخضراء 2030» وهدف الدولة الطموح لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 التزام الإمارات الراسخ بحماية البيئة وتعزيز ريادتها في مجال التنمية المستدامة، حيث تسهم هذه الرؤية في تحفيز الشركات الناشئة على تطوير تقنيات مبتكرة ونماذج أعمال، تستند إلى مبادئ الاستدامة.
وتشجع الإمارات على الاستثمار في التقنيات الخضراء والممارسات المستدامة بشكلٍ فعال، حيث تسهم المبادرات والمسرّعات المختلفة في تقديم دعم شامل للشركات الناشئة، التي تضع الاستدامة على رأس أولوياتها، وذلك من خلال توفير التمويل اللازم وتقديم الموارد الحيوية، التي تمكنها من الابتكار والنمو، إذ حصلت شركة «أفاني إيكو الشرق الأوسط»، وهي شركة تكنولوجيا نظيفة مقرها الإمارات، على ضمان تمويلي بقيمة 680,000 دولار من صندوق محمد بن راشد للابتكار.
ومع تزايد الاهتمام بالمنتجات والممارسات المستدامة أصبح من الضروري أن تتبنى الشركات الناشئة بالدولة هذا التوجه العالمي لتعزيز قدرتها التنافسية في الأسواق الدولية.
ما أبرز الأفكار التي تسهم في نجاح المشاريع المبتكرة؟
يجب على الشركات الناشئة أن تركز من البداية التعامل مع تحديات السوق عبر تقديم حلول مبتكرة تلبي احتياجات فعلية.
والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة أمر حاسم لنجاح الشركات الناشئة، فالتكنولوجيا يمكن أن تعزز الكفاءة، وتوفر فرصاً للتوسع السريع، وتسهم في تقديم المنتجات والخدمات بشكل أكثر فعالية.
كما تعتبر مسألة بناء فريق قوي ومتكامل من العوامل الحاسمة للنجاح من خلال تجاوز التحديات.
ولا ينبغي للشركات الناشئة أن تتردد بطلب المشورة والاستفادة من التوجيه والإرشاد من قبل رواد الأعمال المتمرسين الخبراء لما يمكن أن يكون لهما من تأثير كبير على مسار الشركة الناشئة.
وتعد المرونة والتكيف مع الظروف المتغيرة مفتاح النجاح في بيئة الأعمال الحالية.