تؤمن دولة الإمارات العربية المتحدة بأهمية التعددية في دعم السلام والأمن والتنمية عالمياً، وتركز دائماً على تحقيق الرخاء الاقتصادي على المدى الطويل والحفاظ على علاقات استراتيجية واقتصادية متوازنة في نظام عالمي دائم التطور، لذلك جاء انضمام الإمارات إلى منظمة بريكس هذا الكيان الكبير الذي أصبح يمثل أكثر من ثلث النمو الاقتصادي العالمي، والقوة الشرائية له تتجاوز مجموعة السبع الكبرى.
الإمارات: إضافة نوعية لـ "بريكس"
تتمتع الإمارات بقوة اقتصادية هائلة تجعلها لاعباً رئيسياً ومهماً في "بريكس" فبمجرد انضمامها للمجموعة أضافت نصف تريليون دولار إلى حجم اقتصاد المجموعة، ويتميز الاقتصاد الإماراتي بالتنوع فإلى جانب ما تملكه الإمارات من الحجم الكبير من احتياطيات الطاقة، تمتلك الإمارات اقتصاداً غير نفطي متنو يساهم في الناتج المحلي الإجمالي بـ 74 بالمئة، ويعتمد على قطاعات عدة، كالتجارة الخارجية، والسياحة، والقطاع العقاري، والصناعة والذكاء الاصطناعي والزراعة.
نمو قياسي في التبادل التجاري
منذ انضمام الإمارات إلى بريكس، حقق التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات ودول المجموعة نمواً كبيراً قارب 243 مليار دولار في العام الماضي، بزيادة ناهزت 10.5%، كما قال معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية.
وأكد الزيودي أنه خلال الربع الأول من هذا العام 2025 تواصل نمو التبادل التجاري بنسبة تجاوزت 18% لتصل قيمة التبادل التجاري غير النفطي إلى قرابة 68 مليار دولار، مشيراً إلى أن التبادل التجاري مع دول بريكس يمثل 30% من إجمالي تجارة دولة الإمارات الخارجية، "وهذا يبين الأهمية الاستراتيجية للمجموعة بالنسبة لدولة الإمارات، وأيضًا الفرص الموجودة من خلال المجموعة".
وأوضح: "الفرص تكمن في الطاقة، والطاقة المتجددة، والأمن الغذائي.. فعلى سبيل المثال تضم المجموعة عدة دول تُعد من أهم سلال الغذاء في العالم، كالهند، والبرازيل، والصين، سواء على صعيد الاستهلاك أو التصدير".
وتابع: "شعوب دول بريكس شعوب شابة، وتلعب دورًا هامًا في قيادة الابتكار والتكنولوجيا، وهو ما يؤهلها لتشكيل المستقبل"
فرص استثنائية للمؤسسات المالية
عضوية دولة الإمارات العربية المتحدة في بريكس تعد إنجازاً استراتيجياً للقطاع المالي في الدولة، حيث تفتح أمامه آفاقاً جديدة للتعاون، وتهيئ فرصاً استثنائية لمؤسساتنا المالية للعمل والتواصل مع نظيراتها في دول المجموعة.
فالإمارات تهدف من خلال توثيق علاقاتها مع دول مجموعة بريكس إلى تعزيز مرونة القطاع المالي من خلال تحقيق التقدم التكنولوجي والهيكلي الذي يعزز كفاءة المؤسسات المالية، إلى جانب الحفاظ على المكانة والمناخ المالي القوي الذي تتمتع به دولة الإمارات، والذي يعززه النظام التشريعي المرن المتبع والبنية التحتية الرقمية فائقة التطور.
شراكات اقتصادية
يهدف برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة لدولة الإمارات إلى توسيع شبكة الشركاء التجاريين والاستثماريين للدولة، حول العالم ما يعزز موقع الإمارات بوابة لتسهيل تدفقات تجارة السلع غير النفطية والخدمات عبر أرجاء العالم ومركزا دوليا للأعمال والاستثمار.
و هذه الاتفاقيات تعكس رؤية الدولة التي تدرك تماماً أهمية التجارة الحرة القائمة على القواعد في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام والتنمية الشاملة، كما أن تنوّعها وقدرتها على توقيع شراكات نوعية مع اقتصادات حيوية في خمس قارات يضاعف الفرص ويفتح فضاءات أرحب حول العالم وفي أسواقه للقطاعات الاقتصادية الإماراتية.
ومجموعة "بريكس"، تمثل الآن حوالي 45% من سكان العالم و25% من الحجم الكلي للصادرات العالمية، بينما يشكل الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء مجتمعة 29% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتمثل عضوية الإمارات في هذه المجموعة فرصة استثنائية لخلق آفاق اقتصادية وتجارية واستثمارية واسعة مع الدول الأعضاء، ما سيُسهم بدوره في تحقيق النمو المستدام طويل الأمد لاقتصاد الدولة وتعزيز مكانتها كمركز اقتصادي عالمي رائد.
الذكاء الاصطناعي.. استثمار في المستقبل
رسخت الإمارات مكانتها مركزاً عالمياً رائداً في مجال الذكاء الاصطناعي خلال النصف الأول من عام 2025، مدفوعة برؤية استشرافية واستثمارات إستراتيجية ضخمة، ومبادرات حكومية سبّاقة تعزز من قدراتها التكنولوجية وتسرّع التحول الرقمي عبر القطاعات كافة.
خصصت الإمارات استثمارات ضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع أن تصل مساهمة الذكاء الاصطناعي في اقتصاد الدولة إلى أكثر من 350 مليار درهم بحلول عام 2030 أي ما يعادل نحو 14% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لتقارير مؤسسات عالمية آخرها لشركة «ديل» التكنولوجية، ومجموعة «برايس ووترهاوس كوبرز»،
وتشير التوقعات إلى أن حجم سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات سيصل إلى 52.23 مليار دولار (191.68 مليار درهم) بحسب «موردر إنتيليجانس» للأبحاث.
وتفتح عضوية الإمارات في "بريكس" آفاقًا جديدة لتعزيز ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي على الساحة العالمية عن طريق التعاون وتبادل الخبرات وتبادل المعرفة والتقنيات المتقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي مع دول رائدة في هذا المجال مثل الصين والهند.
كما توفر دول "بريكس" أسواقاً ضخمة للحلول والخدمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مما يعزز صادرات الإمارات من التكنولوجيا ويزيد من جاذبيتها للاستثمارات الأجنبية.
وباعتبار الإمارات مركزاً للذكاء الاصطناعي ضمن تكتل "بريكس" يمكن أن يجذب المزيد من المواهب المتخصصة والاستثمارات المشتركة في مشاريع الذكاء الاصطناعي البحثية والتطبيقية.
إنجازات ضخمة في قطاع السياحة
يلعب القطاع السياحي في الإمارات دوراً كبيراً في نمو وتنويع اقتصاد الإمارات فقد أظهرت دراسة أن قطاع السياحة والسفر في الإمارات سيشهد عاماً قياسياً آخر في عام 2025، ومن المتوقع أن يسهم القطاع بمبلغ 267.5 مليار درهم في الاقتصاد الوطني، وهو ما يمثّل نحو 13% من الناتج المحلي الإجمالي، مع هدف استراتيجي يتمثّل في بلوغ 17% بحلول عام 2031.
ووصل إجمالي عدد الفنادق في الإمارات إلى 1251 فندقاً في نهاية العام الماضي، كما ارتفع عدد الغرف الفندقية إلى 216 ألفاً و966 غرفة مع نهاية عام 2024 بنسبة زيادة بلغت 3% مقارنة بعام 2023، فيما وصل عدد نزلاء المنشآت الفندقية في الدولة إلى نحو 30.8 مليون نزيل، بنسبة نمو 9.5% مقارنة بعام 2023.
شاركت الإمارات بالفعل في اجتماعات وزراء السياحة لدول "بريكس" بهدف تعزيز التعاون المشترك في دعم التنمية السياحية المستدامة.
يُتوقع أن يسهم هذا التعاون في زيادة التدفقات السياحية بين الإمارات ودول "بريكس"، التي تمثل أسواقًا استهلاكية ضخمة وقوى اقتصادية صاعدة، مما يدعم أهداف الإمارات في ترسيخ مكانتها كوجهة سياحية عالمية رائدة.
نبذة عن بريكس
تأسست مجموعة دول بريكس من أربع دول، هي البرازيل وروسيا والهند والصين، كونها اقتصادات سريعة النمو وقادرة على أن تصبح قوى اقتصادية عالمية بحلول عام 2050، يتكون اسم (BRIC) الذي صاغه الخبير الاقتصادي في غولدمان ساكس جيم أونيل عام 2001، من الحرف الأول لاسم كل دولة على حدة، مبرزاً نمو الناتج المحلي الإجمالي (GDP) للدول الأربعة، وكبر حجم سكانها، وتزايد تأثيرها العالمي.
عقدت أول قمة للمجموعة في مدينة يكاترينبورغ الروسية عام 2009، وبعد عام واحد دُعيت جنوب إفريقيا للانضمام إلى الكتلة، وأضيفَ حرف "S" إلى اسمها لتصبح (BRICS).
تضاعفَ عدد دول مجموعة بريكس اليوم ليصل إلى 10 دول، فإلى جانب الدول الخمسة الأساسية انضمت إلى التكتل، الإمارات ومصر وإثيوبيا وإيران وإندونيسيا. ويتم التناوب على رئاسة المجموعة بشكل دوري بين الأعضاء كل عام.