الأسواق المحلية تتأهب لـ 5 طروحات قبل نهاية العام

 الأداء المميز للأسواق المالية في الإمارات يعكس نجاح جهود توسيع فرص الوصول إلى الأسواق
الأداء المميز للأسواق المالية في الإمارات يعكس نجاح جهود توسيع فرص الوصول إلى الأسواق

توقع «سيتي بنك» أن تشهد أسواق المال الإماراتية تنفيذ ما بين 3 إلى 5 طروحات أولية قبل نهاية العام الجاري، وهو ما يعكس قوة ثقة المستثمرين ومتانة المبادرات السوقية التي عززت جاذبية أسواق المال المحلية، ويأتي ذلك في ظل الأداء الاستثنائي لمؤشر سوق دبي المالي، مدفوعاً بعمق المبادرات وتوسيع فرص الوصول إلى السوق.

شمسة الفلاسي:

نتوقع تسارع نمو الاقتصاد الإماراتي إلى 4.7 % خلال العام الجاري

الأسواق المالية في الإمارات تحظى بنجاح واسع عالمياً

دبي تواصل تعزيز مكانتها مركزاً عالمياً للتحول الرقمي

الدولة باتت مركزاً بارزاً للابتكار والتكنولوجيا والبلوك تشين والتكنولوجيا المالية

المناخ الضريبي المؤاتي في الإمارات عامل جذب بالغ الأهمية

وتوقعت شمسة الفلاسي، الرئيس التنفيذي ورئيس الخدمات المصرفية لدى سيتي بنك في الإمارات في حوار خاص مع «البيان»، تسارع وتيرة نمو الاقتصاد الإماراتي إلى نحو 4.7 % خلال 2025، مقارنة بـ 4 % في 2024، بدعم رئيسي من زيادة إنتاج النفط وصمود قوي للقطاعات غير النفطية، ورغم اعتدال وتيرة النمو في بعض الأنشطة، فإن التوجه الاستراتيجي للإمارات نحو الابتكار والاستثمار في رأس المال البشري والبحث العلمي يرسّخ قدرتها على الحفاظ على موقعها الريادي إقليمياً ودولياً.

وأشارت إلى مواصلة دبي تعزيز مكانتها كمركز عالمي للتحول الرقمي، مع إعلانها الأخير عن قبول العملات المشفرة كوسيلة دفع للخدمات الحكومية، وهي خطوة تُعد محورية في مسار الانتقال إلى مجتمع غير نقدي، ويمثل هذا التوجه بعداً استراتيجياً واضحاً لتكامل الأصول الرقمية ضمن المنظومة المالية الرسمية، ويفتح المجال أمام المؤسسات المالية لتطوير بنية تحتية جديدة تدعم مستقبل المدفوعات الرقمية والبلوك تشين في المنطقة.

وفيما يلي نص الحوار:

ما توقعاتكم للنمو الاقتصادي في الإمارات خلال عامي 2025 و2026؟

نحن متفائلون بآفاق النمو في الإمارات، حيث يشير أحدث تقرير بحثي لدينا إلى أن معدل النمو الاقتصادي قد يتسارع من 4 % في عام 2024 إلى نحو 4.7 % في عام 2025، مدعوماً بالدرجة الأولى بزيادة إنتاج النفط.

وقد ارتفع إنتاج النفط بنسبة سنوية تعادل 1.2 % في النصف الأول من هذه السنة، وهو مسار تدعمه قرارات «أوبك+» الأخيرة للمضي قدماً في تسريع برنامج التخفيف من التخفيضات الطوعية وزيادة الإنتاج، وفي الوقت ذاته، تواصل القطاعات غير النفطية إظهار صمود قوي، رغم أننا نتوقع اعتدال وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي هذا العام إلى 4.1 % مقارنة بـ 5 % في عام 2024. وفيما يتعلق بتطورات الأسعار، نتوقع أن يظل معدل التضخم هذا العام مستقراً نسبياً مقارنة بعام 2024، بما يقارب 1.8 % على أساس سنوي، ويواصل مركز الإمارات على الصعيد الخارجي عكس متانة واضحة ورغم أننا نتوقع أن يتقلص فائض الحساب الجاري بشكل طفيف، فإنه سيظل قوياً، مما يبرز قدرة الدولة على التكيف مع التطورات الخارجية ومواجهة الصدمات الاقتصادية العالمية.

وأخيراً، نرى أن ما يميز الإمارات حقاً هو التزامها الطويل الأمد بالتحول الاقتصادي من خلال الابتكار، وتعزيز الإنتاجية، والبحث العلمي، وريادة الأعمال، والاستثمار في رأس المال البشري، هذه مجالات تركيز مستمرة من شأنها تحديد تنافسية الدولة مستقبلاً، فيما تظل الدولة في موقع ريادي يمكّنها من قيادة نموذج اقتصادي استشرافي لا يكتفي بالنمو، بل يتطور باستمرار.

كيف تنظرون إلى مستقبل الإدراجات في أسواق المال الإماراتية؟ وكيف تقيمون أداء الأسواق المحلية مع تحقيق مؤشر سوق دبي أفضل معدل نمو على المستوى الخليجي والعالمي منذ بداية العام؟

تحظى الأسواق المالية في الإمارات باعتراف ونجاح واسع على المستوى العالمي، وأداء مؤشر سوق دبي المالي هذا العام يعكس ذلك بشكل ملحوظ، فهو لا يعكس فقط قوة ثقة المستثمرين، بل أيضاً عمق المبادرات السوقية، وتوسيع فرص الوصول إلى السوق، والزخم الذي نشهده في أنشطة الطروحات الأولية.

السوق نشيط، ومسيرة الصفقات الجديدة تتمتع بمتانة ملحوظة، على الرغم من التحديات الاقتصادية والجيوسياسية التي شهدناها في الربع الثاني من عام 2025.

وفي المجمل، تظل آفاق الإدراجات قوية، ويتوقع محللونا تنفيذ ما بين ثلاث إلى خمس طروحات أولية في الإمارات قبل نهاية هذه السنة، شريطة الحصول على الموافقات التنظيمية في الوقت المناسب ونجاح جولات الترويج المسبق.

وفي «سيتي بنك»، نفتخر بدورنا الفعال في دعم بعض من أبرز صفقات أسواق رأس المال في الإمارات، سواء عبر تقديم المشورة المتخصصة للإدراجات الكبرى أو المساهمة في تعزيز انخراط المستثمرين المؤسسيين في السوق.

لا تزال الإمارات تستقطب المزيد من الأثرياء وأصحاب الثروات من جميع أنحاء العالم.. ما الدوافع الرئيسية لذلك؟ وكيف يؤثر ذلك على النمو الاقتصادي؟

أصبحت الإمارات وجهة جاذبة للثروات العالمية، ونشهد استمرار هذا النمو مدعوماً بارتفاع عائدات النفط، وتنوع الاقتصاد، والمبادرات الهيكلية المشجعة للاستثمار. ويظل المناخ الضريبي المؤاتي عامل جذب بالغ الأهمية.

وإلى جانب ذلك، تسهم برامج الإقامة الذهبية في الدولة وقطاع العقارات المزدهر في تشجيع انتقال الأفراد ذوي الثروات الفائقة إلى الدولة.

كما أن الإمارات تطور قدراتها الرائدة في التحول الرقمي، وباتت مركزاً بارزاً للابتكار والتكنولوجيا والبلوك تشين والتكنولوجيا المالية، وتشتهر أيضاً بمنظومتها القوية للشركات الناشئة، وحضور كبرى الشركات التقنية العالمية، وبيئة أعمال مؤاتية لاستقطاب الكفاءات والاستثمارات.

ويشهد قطاع مكاتب إدارة الثروات العائلية نضجاً متزايداً مدفوعاً بعمليات نقل الثروات بين الأجيال وارتفاع الطلب على الحوكمة المهنية، ومن المتوقع انتقال ثروات بقيمة تريليون دولار خلال العقد المقبل في منطقة الخليج، مع توجه العائلات بشكل متزايد نحو أساليب استثمار مؤسسية الطابع.

وتواصل دبي ريادتها كمركز دولي لإدارة الثروات في المنطقة، مدعومة بالبنية القانونية القوية لمركز دبي المالي العالمي ومواءمته مع المعايير العالمية، إلى جانب بروز مكانة سوق أبوظبي العالمي، خصوصاً في مجالات مثل رأس المال الخاص وصناديق التحوط والتمويل المستدام.

وتعمل هذه المنصات، إلى جانب الدور الاستراتيجي للمؤسسات السيادية، على ترسيخ موقع الإمارات كبوابة موثوقة لرؤوس الأموال العالمية، وهذه الخطوة ليست مجرد جزء من هدف وطني، بل استراتيجية لترسيخ موقعها الريادي عالمياً في إدارة الثروات وتعزيز القيمة الاقتصادية في المنطقة.

واليوم نلاحظ أن العملاء قد أصبحوا أكثر تطوراً ويتمتعون بخبرة أوسع وأعمق وأكثر احترافية في الاستثمار والتعامل والتداول، والبنوك التي تتميز بقدرات استشارية متقدمة هي الأقدر على الازدهار وتلبية احتياجاتهم المتنامية في مجال الخدمات المصرفية الخاصة.

أعلنت حكومة دبي مؤخراً عن قبولها العملات المشفرة كوسيلة دفع للخدمات الحكومية، كيف تقيمون هذه الخطوة؟ وما نظرتكم العامة لهذا النوع من الأصول؟

يمثل قرار دبي بقبول مدفوعات العملات الرقمية المشفّرة مقابل الخدمات الحكومية خطوة محورية في مسيرة التحول الرقمي للإمارة، وتستهدف استراتيجية دبي للتحول إلى مجتمع غير نقدي الوصول بنسبة المعاملات غير النقدية في القطاعين العام والخاص إلى 90 % بحلول 2026.

ويعكس هذا الإعلان مستوى متقدماً من النضج التنظيمي، وخطوة لجعل تداول العملات المشفّرة الكبرى جزءاً من النظام المالي الرسمي.

كما يعزّز انضمام حكومة دبي للاتجاه العالمي نحو دمج الأصول الرقمية بدعم أو تبنٍّ حكومي من استعداد البنوك والمؤسسات المالية الخاضعة للرقابة للتكيّف عبر تقديم خدمات حفظ وتسوية متوافقة مع الأطر التنظيمية.

وقد يشكل ذلك دعوة واضحة لجهات القطاع المالي للاستثمار في تطوير أو بناء بنية تحتية جديدة تتيح التشغيل البيني مع الأنظمة الموازية القائمة على تقنية البلوك تشين، وشبكات الدفع بالعملات المستقرة، وشبكات تسوية الأصول الرقمية.

ومع وجود أطر تنظيمية واضحة وإرشادات امتثال محددة، يمكن للبنوك والمؤسسات المالية إيجاد فرص أعمال جديدة ضمن منظومة أوسع وأكثر تطوراً لمدفوعات الأصول الرقمية والعملات المشفرة.

وحيث إن استخدام العملات المشفرة في المدفوعات التقليدية ما زال في مرحلة ناشئة، فقد يكون تبنيها بطيئاً أو محدوداً لدى بعض المستخدمين، ورغم أن قرار تمكين المدفوعات بالعملات المشفّرة لفواتير وخدمات القطاع العام ذو بعد استراتيجي واضح، فإن التوسّع في استخدامها وضمان استقرار المنظومة المالية سيعتمد على وجود ضوابط امتثال وحوكمة قوية في جميع مراحل سلسلة القيمة.