ويعزز هذا الأداء استقرار مالي واضح، تدعمه ميزانية اتحادية لعام 2026 تقدر إيراداتها بنحو 92.4 مليار درهم، إلى جانب تصنيفات ائتمانية سيادية قوية من كبرى وكالات التصنيف العالمية، ما وفر بيئة مثالية لجذب رؤوس الأموال العالمية الباحثة عن استثمارات آمنة ومستقرة.
فهؤلاء ينظرون إلى العقار كأداة استقرار طويل الأجل، ويفضلون الوحدات السكنية ذات العلامات التجارية لما توفره من ضمان للجودة، وخدمات فندقية متكاملة، ونمط «أغلق الوحدة وارحل» المدعوم بصيانة وخدمات خمس نجوم.
ويدفع المستثمرون في دبي حالياً علاوة سعرية متوسطة تبلغ 64% مقابل الوحدات ذات العلامات التجارية، وترتفع هذه النسبة بشكل ملحوظ في المشاريع المرتبطة بعلامات السيارات الفاخرة مثل «بوجاتي» و«لامبورجيني» ومع سعي المطورين لتعظيم العوائد، يتوقع السوق تسليم أكثر من 31.300 وحدة جديدة بحلول عام 2030، تشكل الشقق نحو 95% منها، على أن تستحوذ الوحدات ذات العلامات التجارية على قرابة 8% من إجمالي المشاريع السكنية الجديدة في الإمارة.
ومع 48,474 وحدة سكنية تحمل علامة تجارية موزعة على 144 مشروعاً، وأكثر من 5,500 وحدة سكنية جديدة تمت إضافتها في النصف الأول من عام 2025 وحده، تقود الإمارة تحولاً عالمياً في المعيشة الفاخرة يعكس الأولويات المتطورة لجيل جديد من مشتري العقارات.ولم تعد المساكن الفاخرة ذات العلامات التجارية، والمُطوّرة بالتعاون مع أسماء عالمية مرموقة، مقتصرة على شراكات مع شركات ضيافة عملاقة مثل فور سيزونز وريتز كارلتون.
ففي دبي، اتسع نطاق هذا المفهوم ليشمل دور أزياء عالمية مثل أرماني وميسوني، وعلامات سيارات رائدة مثل بوغاتي ومرسيدس بنز، ومبتكري أساليب الحياة العصرية مثل سيكس سينسز وسيبرياني.ويبدي المشترون استعدادهم لدفع أقساط تتراوح بين 40 % و60 % لهذه العقارات مقارنةً بمثيلاتها غير ذات العلامات التجارية، مدفوعين بوعود التجارب المميزة، والولاء للعلامة التجارية، وقيمة إعادة البيع المستقبلية.
ووفقًا لتقارير القطاع، شهدت المساكن ذات العلامات التجارية في دبي نموًا تجاوز 160% خلال العقد الماضي، متجاوزةً بذلك المتوسط العالمي بكثير، ومُعيدةً بذلك رسم ملامح المشهد العقاري في المدينة.ويرتبط النمو السريع لهذا القطاع بمزايا هيكلية تجعل دبي في وضع فريد للهيمنة.
فقد ضمنت السياسات الحكومية الاستراتيجية، واللوائح التنظيمية الملائمة للمستثمرين، والتخطيط العمراني الجريء، استمرار الإمارة في جذب الأفراد ذوي الملاءة المالية العالية الذين يبحثون عن أكثر من مجرد مساحة. وقد منحت مزايا مثل التملك الأجنبي الكامل، والإعفاء الضريبي على الدخل، والتأشيرات الذهبية طويلة الأجل، المستثمرين حوافز قوية، في حين تُوجّه خطة دبي الحضرية الرئيسية 2040 عجلة التنمية نحو نمو مستدام، يركز على الصحة العامة، ويخدم المجتمع.
ويتضح الإقبال على السكن الفاخر ذي العلامات التجارية من خلال بيانات المعاملات. ففي عام 2024 وحده، سجلت دبي بيع 13,000 وحدة سكنية فاخرة بقيمة 60 مليار درهم، ما يمثل 8.5% من إجمالي قيمة المعاملات العقارية في المدينة، وبزيادة سنوية قدرها 43%. ولا يعكس حجم النمو طلب المشترين فحسب، بل يعكس أيضًا اعتماد المطورين المتزايد على التعاون الاستراتيجي.
وقد أصبحت الشراكات السمة المميزة للقطاع، حيث أطلق مطورون مثل بن غاطي مشروع «بوجاتي ريزيدنسز»، وكشفت «أرادا» عن مشروع «أرماني بيتش ريزيدنسز»، وجلبت مجموعة «سيليكت» مشروع «سيكس سينسز ريزيدنسز» إلى دبي. وفي الوقت نفسه، تعمل أسماء رائدة مثل إعمار ومراس ونخيل على بناء أحياء سكنية كاملة ترتكز على علامات تجارية عصرية، مما يضمن إدماج العقارات الفاخرة ذات العلامات التجارية في النسيج الحضري للمدينة.
ويعكس هذا الطفرة تحولاً في سلوك المستهلك، حيث أصبح أسلوب الحياة وهوية العلامة التجارية يلعبان دوراً حاسماً بقدر أهمية الموقع. بالنسبة للعديد من المشترين، لا تقتصر هذه المنازل على الحصرية؛ بل تمثل مجتمعاً متكاملاً، ورفاهية، وتعبيراً شخصياً.
ويؤكد المحللون أن مزيج دبي العالمي من السكان والمستثمرين يجعلها السوق الأمثل لازدهار هذه المفاهيم. ويضمن ترابط المدينة العالمي، واقتصادها السياحي النابض بالحياة، وتركز سكانها الأثرياء، وجود قاعدة ثابتة من المشترين الذين يقدرون مزايا نمط الحياة الفورية وزيادة رأس المال على المدى الطويل.
ويتوقع التقرير أن يشهد عام 2027 تحولاً استراتيجياً في سوق العاصمة، مع توسع ملحوظ في مشاريع وحدات «نمط الحياة» غير الفندقية، التي يتوقع أن تمثل نحو 44% من المعروض الجديد، مدعومة بزخم المشاريع الترفيهية الكبرى، مثل الإعلان عن «ديزني لاند»، ما يحول هذا القطاع من توجه تدريجي إلى طفرة مكتملة الأركان.
ولا تقف طموحات النمو عند دبي وأبوظبي، إذ برزت رأس الخيمة كإحدى أسرع الأسواق نمواً بعد عملية إعادة تموضع شاملة حولتها إلى وجهة فاخرة أعيد تشكيلها بالكامل.وكان الإعلان عن منتجع «وين المرجان» بمثابة حجر الزاوية لهذا التحول، حيث يتوقع أن ترتفع مساهمة الوحدات ذات العلامات التجارية من 20% حالياً إلى 54% من إجمالي المعروض الجديد بحلول عام 2030.
وقد عكست المبيعات السريعة لمشاريع مثل «موندريان المرجان» —التي بيعت وحداتها خلال ساعات قليلة بقيمة 704 ملايين درهم— شهية قوية من المستثمرين الدوليين لعلامات تجارية تتجاوز الإطار الفندقي التقليدي، لتشمل أسماء عالمية في الموضة ونمط الحياة الفاخر.
