التتبع الرقمي سلاح ماكدونالدز لإحياء «مونوبولي» بعد أكبر فضيحة احتيال تسويقي

 بعد عقد من الغياب وفضيحة هزت عالم التسويق، أعلنت شركة ماكدونالدز عن العودة المرتقبة للعبة مونوبولي (Monopoly) الترويجية الشهيرة يوم السادس من أكتوبر 2025.

لكن هذه العودة ليست مجرد حدث ترويجي؛ فهي تمثل محاولة علنية لدفن ذكرى فضيحة "ماك-مليونز" سيئة السمعة، التي كلفت الشركة 24 مليون دولار من الجوائز المسروقة وحرمت الملايين من الفوز الشرعي.

لأكثر من عشر سنوات، وتحديداً في الفترة من 1989 إلى 2001، كانت لعبة مونوبولي، التي كانت تَعِدُ بجوائز كبرى تصل إلى مليون دولار، مُزورة بالكامل.

فقد قاد المؤامرة جيروم بي. جاكوبسون، ضابط الأمن المتقاعد ورئيس الأمن في الوكالة المسؤولة عن طباعة وتوزيع القطع الرابحة.

استغل جاكوبسون منصبه الحساس لسرقة القطع الثمينة مباشرة من سلسلة التوزيع، ثم باعها لشبكة واسعة شملت أقارب وأصدقاء وعناصر إجرامية، ضامناً بذلك عدم فوز أي شخص شرعي بالجائزة الكبرى، وهي التفاصيل التي كشف عنها تقرير وثائقي لشبكة HBO في عام 2020.

انتهت المؤامرة في عام 2001 بعد بلاغ مجهول وصل إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي. الذى بدوره  أطلق عملية سرية باسم "الجواب النهائي"، حيث تنكَّر العملاء كفريق إنتاج تلفزيوني لإجراء مقابلات مع الفائزين المزعومين.

هذا التكتيك الذكي أوقع المحتالين، حيث اضطروا لتقديم روايات كاذبة ومختلفة عن كيفية فوزهم أمام الكاميرا، مما أدى إلى إدانة أكثر من 50 شخصاً من شبكة "العم جيري".

ورغم حجم الجريمة، فإن محاكمتهم، التي بدأت في سبتمبر 2001، غابت عن العناوين الرئيسية بسبب تزامُنها مع هجمات 11 سبتمبر.

في محاولة واضحة لطي صفحة الماضي وضمان الشفافية الكاملة، تعود ماكدونالدز بنسخة تعتمد كلياً على التحصين الرقمي في عام 2025، على عكس النظام القديم الذي كان يعتمد فقط على القطع المادية القابلة للتلاعب.

أكدت الشركة أن اللعبة ستستمر في تقديم قطعها على أكثر من 30 صنفاً من قائمة الطعام، إلا أن القواعد تغيرت جذرياً: تم فرض الرقمنة الإلزامية؛ حيث يجب مسح وتتبع جميع قطع اللعبة، مادية كانت أم رقمية، حصرياً عبر تطبيق ماكدونالدز (McDonald’s app)، مما يضيف طبقة أمنية مركزية لمنع التلاعب اليدوي.

علاوة على ذلك، أصبحت الجوائز النقدية الكبرى، مثل فرصة الفوز بمليون دولار، متاحة فقط عبر ميزة "اللعب الإضافي" (Bonus Play) داخل التطبيق.

هذه الإجراءات الأمنية الواسعة، المدعومة بعمليات تدقيق مستقلة، هي رهان ماكدونالدز الأخير لاستعادة ثقة المستهلكين وتقديم "مونوبولي" آمنة للأجيال الجديدة، كما يهدف هذا التحول إلى تعزيز برنامج الولاء الرقمي للشركة، حيث يمنح التسجيل المسبق في التطبيق العملاء نقاط مكافأة إضافية وفرص لعب إضافية.

على الرغم من تاريخها المليء بالخداع والجدل الذي أصبح مادة للأفلام الوثائقية، تدرك ماكدونالدز القوة التسويقية الهائلة للعبة مونوبولي في جذب العملاء، خاصةً في وقت تسعى فيه سلاسل الوجبات السريعة لتعزيز برامج الولاء وتوفير قيمة إضافية.

يتوقع المحللون أن هذا المزيج من الحنين إلى الماضي والفرصة للفوز بجوائز نقدية كبرى، إلى جانب الأمان الرقمي المُعزَّز، سيحقق نجاحاً مدوياً، لا يقتصر فقط على زيادة مبيعات الأصناف التي تحمل قطع اللعبة، بل سيعزز أيضاً قاعدة مستخدمي تطبيق الشركة لسنوات قادمة.

فهل يكفي هذا التحول الرقمي لإقناع الجمهور بأن شبح "العم جيري" قد ولى إلى الأبد؟