إعفاء رسوم الكهرباء في سوريا.. تخفيف للأعباء المعيشية ودعم تنافسية الصناعة

في خطوة غير مسبوقة، أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع مرسوماً يقضي بإعفاء استهلاك الكهرباء من جميع الرسوم المالية والإدارية التي كانت تصل إلى نحو 21.5% من قيمة الفاتورة، في مسعى لتخفيف الأعباء عن المواطنين ودعم القطاع الصناعي الذي يرزح تحت تكاليف تشغيل مرتفعة. القرار، الذي كشف تفاصيله وزير المالية محمد يسر برنية، يشمل الاستهلاك المنزلي والتجاري والصناعي على حد سواء، ويُنظر إليه كجزء من مسار أوسع لإعادة هيكلة قطاع الطاقة في البلاد.

ويمثل إعفاء استهلاك الكهرباء من الرسوم المالية والإدارية خطوة عملية في اتجاه تخفيف الأعباء عن السوريين ودعم عجلة الاقتصاد، لكنه أيضاً اختبار لقدرة الدولة على المواءمة بين تخفيف الضغوط الآنية، وبين الإصلاح البنيوي لقطاع الطاقة الذي يشكل ركيزة لأي تعافٍ اقتصادي واجتماعي مستدام.

الرسوم الملغاة، التي توزعت بين رسم مالي موحد بنسبة 10.5% ورسم إدارة مالية بنسبة 11%، كانت تشكل عبئاً ثقيلاً على الصناعيين، حيث تدخل الكهرباء بما يقارب 30% من كلفة الإنتاج، وبإلغائها، يحصل القطاع الصناعي على متنفس مهم يتيح خفض النفقات وتعزيز القدرة التنافسية أمام المنتجات المستوردة.

اقتصاديون يرون أن القرار سيسهم في تثبيت أسعار السلع، وتقليص الضغوط التضخمية، وفتح المجال أمام المصانع الصغيرة والمتوسطة لتوسيع إنتاجها بدل تقليصه.

مكاسب اجتماعية

على الصعيد الاجتماعي، يعد القرار بارقة أمل للأسر السورية التي تُنفق ما يقارب 15% من دخلها على الكهرباء، وهي نسبة تفوق المعدلات العالمية بأضعاف. وبما أن الإعفاء يخفّض الفاتورة بنحو الخمس، فإن شريحة واسعة من المواطنين ستشعر بانفراج مالي ولو محدود، يسمح بإعادة توجيه جزء من الدخل نحو احتياجات أساسية أخرى. ومع ذلك، يبقى أثر هذه المكاسب مرهوناً بمستوى توافر التيار، إذ ما زالت معظم المناطق تحصل على تغذية كهربائية لا تتجاوز أربع إلى خمس ساعات يومياً.

القرار لا يأتي بمعزل عن خطط أوسع لإعادة هيكلة قطاع الطاقة، حيث أعلنت وزارة الطاقة عن تأسيس شركتين قابضتين؛ الأولى للإشراف على النفط والغاز، والثانية للكهرباء عبر شركات فرعية تتولى التوليد والنقل والتوزيع. كما وقّعت سوريا مذكرات تفاهم لاستثمارات تتجاوز 7 مليارات دولار، تشمل بناء أربع محطات غازية ومحطة طاقة شمسية ترفع القدرة الإجمالية إلى 5000 ميغاواط، بدلاً من 1900 ميغاواط فقط الآن، وهو ما يفسّر استمرار التقنين القاسي.

من الناحية الاقتصادية، يعوّض القرار خسارة الخزينة من إلغاء الرسوم عبر تنشيط عجلة الإنتاج، ورفع القدرة التصديرية، وزيادة الإيرادات الضريبية غير المباشرة. أما اجتماعياً، فهو يوفّر متنفساً للأسر ويعزز القدرة الشرائية في زمن يطبعه تضخم وضيق معيشي. ومع ذلك، فإن فاعليته تبقى رهينة تحسّن التغذية الكهربائية نفسها؛ فالإعفاء من الرسوم لا يغني عن معالجة العجز المزمن في الإنتاج وضمان استقرار الإمدادات.