اكتشف فريق من علماء الآثار الغواصين قبالة ساحل الإسكندرية حطام سفينة عمرها حوالي 2000 عام، يُعتقد أنها كانت قاربا ترفيهيا فاخرا استخدمه النخبة في مصر البطلمية، ويعد هذا الاكتشاف من أهم الاكتشافات البحرية في المنطقة، إذ يلقي الضوء على الحياة اليومية والترف الديني والسياسي خلال فترة الانتقال من حكم البطالمة إلى الحكم الروماني.
وذكر عالم الآثار الفرنسي فرانك جوديو أن الحطام يتكون من عدة قطع خشبية محفوظة جيدا، يبلغ طول بعضها نحو 28 مترا، فيما كان طول القارب الأصلي يقارب 35 مترا وعرضه 7 أمتار، وفقا لـ livescience.
وأضاف أن السفينة قد تكون نوعا من القوارب المعروفة باسم "ثالاماغوس" أو "thalamegos"، وهو مصطلح يوناني يعني حرفيا "حامل الكبائن"، وكان يُستخدم لوصف القصور العائمة التي اشتهرت في مصر البطلمية.
وتم اكتشاف الحطام خلال عمليات التنقيب تحت الماء في موقع كان يُعرف سابقا بـ جزيرة أنتيرهودوس، التي كانت تضم معبد إيزيس قبل أن تغمرها مياه البحر بين القرن الرابع والثامن الميلادي، وكان المعبد قد دُمر على الأرجح نتيجة زلزال حوالي العام 50 ميلادية.
ويرى الباحثون أن القارب الترفيهي كان يحتوي على كبينة مركزية مزخرفة، ويُحرَّك بواسطة المجاديف، وهو ما يتوافق مع وصفات الكتابات القديمة والفن المصري الذي صور مثل هذه السفن.
ووفقا للجغرافي اليوناني سترابو في القرن الأول قبل الميلاد، كانت هذه القوارب الضخمة تنقل الأغنياء بين مواقع مختارة، وتُقام فيها الولائم وسط أزهار اللوتس المصرية وظلال أوراقها.
ولم يتضح بعد كيف انتهى القارب بالقرب من موقع المعبد الغارق، لكن يُحتمل أنه كان يستخدم في القنوات الداخلية للإسكندرية أو أنه تعرض للدمار أثناء انهيار الجزيرة والميناء.
ويشير جوديو إلى احتمال أن يكون القارب قد استُخدم في مراسم طقسية تعرف باسم "التنقل الاحتفالي لإيزيس"، حيث كان يُحمل قارب مزخرف يمثل السفينة الشمسية التي يستخدمها الآلهة في الأساطير المصرية عبر الشوارع المائية للمدينة.
ويؤكد الاكتشاف على أهمية الإسكندرية القديمة كمركز للحياة الثقافية والدينية والرفاهية في مصر البطلمية، ويعكس أيضا تأثير الانتقال إلى الحكم الروماني بعد معركة أكتيوم عام 31 قبل الميلاد، عندما هزم أوكتافيان الأسطول البحري لكليوباترا ومارك أنطونيو.
وقال عالم الآثار البحرية تيمي جامبين من جامعة مالطا، إن الحطام يمثل "اكتشافا مذهلا"، لكنه شدد على أن تحديد الاستخدام الدقيق للسفينة يتطلب مزيدا من البحث والدراسة العلمية.
ويعد هذا الاكتشاف فرصة فريدة لدراسة الحياة والدين والترف على ممرات مصر الرومانية المبكرة، وقد يوفر نموذجا فريدا لفهم الفن والعمارة البحرية في فترة البطالمة، فضلا عن الطقوس الاحتفالية المرتبطة بالآلهة المصرية.


