قصة صادمة.. أُعلنت وفاته فاستيقظ على طاولة الموت

في حادثة غير مسبوقة أثارت صدمة الأوساط الطبية في الولايات المتحدة، استيقظ رجل أعلن وفاته دماغياً على طاولة العمليات أثناء عملية استئصال أعضائه، ليكشف عن ثغرات خطيرة في نظام التبرع بالأعضاء.

كان أنثوني "تي جيه" هوفر الثاني، البالغ من العمر 36 عاما، قد نُقل إلى مستشفى بابتيست هيلث في ريتشموند، كنتاكي، في الولايات المتحدة الأمريكية إثر جرعة زائدة من المخدرات في أكتوبر 2021.

وبعد فحص شامل، أعلن الأطباء وفاته دماغيا لعدم وجود أي نشاط دماغي أو استجابات ملحوظة. كونه متبرعا مسجلاً، تم الإذن بتحضير أعضائه للتبرع، إلا أن ما حدث خلال العملية قلب الأمور رأسا على عقب.

وفقًا لتقارير NPR، بدأ هوفر خلال المراحل الأولى من عملية استخراج الأعضاء بضرب الطاولة بعنف، وانهمرت الدموع على وجهه بينما بدا وكأنه يبكي. لحسن الحظ، رفض طبيبان الاستمرار، وأوقفت العملية فورا، ما أنقذ حياته رغم إصاباته البالغة. اليوم، وبعد مرور ثلاث سنوات، يعيش هوفر مع أخته وولي أمره الشرعي، وما زالت تداعيات الحادثة تُثار في النقاشات الطبية والأخلاقية.

تُدار عمليات التبرع بالأعضاء في الولايات المتحدة عبر شبكة من منظمات الحصول على الأعضاء غير الربحية (OPOs)، التي تنسق مع المستشفيات لضمان إيصال الأعضاء لمئات الآلاف من المرضى المنتظرين.

وفقًا لشبكة الحصول على الأعضاء وزراعتها (OPTN)، هناك أكثر من 103,000 شخص حاليًا ينتظرون عمليات زراعة قد تُنقذ حياتهم.

لكن شهادة المبلغين عن المخالفات، التي قُدمت إلى لجنة الطاقة والتجارة في مجلس النواب في سبتمبر 2024، كشفت عن خطوط صدع في هذا النظام، تشمل مزاعم الضغط على الموظفين، وسوء التواصل، والثغرات المحتملة في رعاية المرضى.

في حالة هوفر، لاحظت ناتاشا ميلر، المتخصصة في الحفاظ على الأعضاء البشرية لدى جمعية كنتاكي للتبرع بالأعضاء (KODA)، أن المريض يتحرك أثناء التحضير للعملية، فقالت لإذاعة NPR: "كان يتخبط على السرير، ثم ذهبنا إليه ورأينا دموعه تنهمر. كان يبكي بوضوح".

ومع ذلك، طُلب منها البحث عن طبيب آخر لمواصلة العملية، ما دفع زميلة أخرى، نيكوليتا مارتن، للاستقالة لاحقًا قائلة: "هذا أسوأ كابوس يمكن أن يواجهه أي شخص؛ أن تكون على قيد الحياة أثناء الجراحة وأنت تعلم أن أحدهم سيخرج أجزاءً من جسدك".

الموت الدماغي بين الحقيقة والتشكيك

لطالما اعتُبر الموت الدماغي معيارًا طبيا قاطعا للوفاة، لكن أبحاثًا حديثة بدأت تثير التساؤلات حول وضوح هذا التعريف. دراسة نشرتها مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم سجلت نشاط موجات غاما، المرتبطة عادة بالمعالجة الواعية، في أدمغة مرضى في غيبوبة بعد توقف القلب، واستمر هذا النشاط لعدة دقائق بعد توقف الدماغ.

يرى بعض علماء الأعصاب أن هذه النبضات قد تشير إلى وعي أو ذكريات متبقية، بينما يراها آخرون مجرد آليات بقاء نهائية للدماغ، مما يشير إلى أن الموت عملية انتقالية تدريجية أكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد سابقًا.

هذه القضية أثارت جدلا واسعا حول موثوقية تشخيص الموت الدماغي. خلال جلسة استماع في الكونغرس، صرح الدكتور روبرت كانون، جراح زراعة الأعضاء في جامعة ألاباما، أن مريضا آخر بدأ بالتنفس بعد إعلان وفاته دماغيًا، وقال: "صُدمنا من قلة معرفة بعض الأطباء بما يعنيه الموت الدماغي، وكان الرد أن 'عليك المضي قدمًا'".

تحقيقات رسمية وردود الأفعال

أدت حادثة هوفر إلى فتح تحقيقات متعددة. ويجري مكتب المدعي العام في كنتاكي مراجعة القضية، بينما أعلنت إدارة الموارد والخدمات الصحية (HRSA) عن تحقيق داخلي في نظام زراعة الأعضاء. من جانبها، نفت منظمة KODA ارتكاب أي مخالفات مؤكدة أن "القضية لم تُعرض بدقة" وأن "لم يُضغط على أي شخص لجمع أعضاء من أي مريض حي"ـ وفقاً لصحيفة" الغارديان" البريطانية.

ومع ذلك، وصف جريج سيغال، مؤسس مجموعة "أورجانايز"، الحادثة بأنها ليست منعزلة، مشيرا إلى تلقيه ادعاءات مماثلة بانتظام، فيما حذر خبير الأخلاقيات الحيوية ثاديوس بوب من كلية ميتشل هاملين للقانون، مؤكدًا أن "هذه ليست حادثة فردية، بل وقعت مشابهات لها من قبل".

على الرغم من أهمية التبرع بالأعضاء، إلا أن الحادثة سلطت الضوء على حاجة ملحة لإعادة تقييم تعريف الموت الدماغي ومعايير التأكد منه، لتجنب وقوع كوارث أخلاقية ومرضية. وبينما تحذر منظمات الحصول على الأعضاء من تبعات المعلومات المضللة على الثقة العامة، يظل السؤال قائما: هل نحن مستعدون فعلاً للتعامل مع تعقيدات الموت والوعي البشري؟