بين الفكرة الإبداعية والمشروع الاستثماري الناجح طريق حافل بالتحديات التي تعرقل مسيرة المبدعين، بدءاً من صعوبة الحصول على التمويل، وصولاً إلى ضعف الخبرة في الجوانب التجارية.
هنا تتجلى جهود حكومة دولة الإمارات ودورها في صياغة سياسات للاقتصاد الإبداعي تعمل على تذليل العقبات، وتوفير بيئة محفزة تساعد المبدعين على تحويل أحلامهم إلى واقع مربح.
وها هي دبي تكرّس الملتقيات الثقافية لإنشاء منصات تجمع بين المبدعين ورجال الأعمال والمستثمرين، ما يتيح لهم تبادل الخبرات وبناء علاقات استراتيجية، وذلك من خلال الجلسات الحوارية وورش العمل التي تشكّل فرص تواصل لاكتساب المهارات وتطوير الأفكار.
جهود ملموسة
وأكدت الفنانة عائشة العبار، مؤسِّسة غاليري «عائشة العبار»، في تصريح لـ«البيان»، أن حكومة دولة الإمارات بذلت جهوداً ملموسة في سبيل دعم استثمار الإبداع وتحويله إلى مشروعات ربحية ناجحة، مشيرة إلى أن الفعاليات الثقافية المشهودة في هذا السياق دليل ساطع على التوجهات السديدة في استقطاب المبدعين في شتى المجالات.
وأوضحت أن ثمة تحديات ما زالت تعترض طريق الفنانين نحو استثمار أعمالهم، أبرزها ضعف الوعي لدى فئة من الشركات والأفراد تجاه قيمة العمل الفني، ومن ثم عدم إقبالهم على شرائه، لافتة إلى ضرورة نشر الثقافة بأهمية ما يقدمه الفنان، وحجم الظروف والمستلزمات التي تكلفه أعباء باهظة من أجل إبداع عمله، ما يسوّغ المردود المادي المستحق.
ونوهت بالحراك الجاري والسعي لتوظيف الفنون في الملتقيات الثقافية المختلفة، مثل: «أسبوع دبي للتصميم»، ومعرض «آرت دبي»، و«آيكوم دبي 2025»، إضافة إلى المتاحف التي يتم افتتاحها بين الحين والآخر، مشيدة بالتعاون الحاصل بين الجهات الحكومية والشركات الخاصة، والمتابعة المستمرة لاحتياجات المبدعين.
رهان استراتيجي
ولفتت بثينة كاظم، مؤسِّسة «سينما عقيل»، إلى أن المنتديات الثقافية التي تحتضنها دبي، على وجه الخصوص، كـ«منتدى القوز للريادة الإبداعية»، تعكس نظرة بعيدة المدى واستراتيجية تراهن على الصناعات الإبداعية، واصفة الإمارة بأنها «مدينة تحتفي بالكفاءات والطموحات الإبداعية عربياً وعالمياً».
وقالت: «آن الأوان أن يتم توفير الدعم اللازم لتمويل مشروعات المبدعين، وأن تكون هناك أساليب للاستمرارية والتعاون في هذا المسار»، مشيدة بالسياسات التي يجري انتهاجها لترسيخ مفهوم الاقتصاد الإبداعي، مثل برنامج الإقامة الذهبية الذي حفّز المنتجين السينمائيين وغيرهم من المبدعين على اختيار دبي وجهة أساسية للصناعة الإبداعية.
وأوضحت أن قطاع صناعة الأفلام يتسم بالتعقيد الذي يكمن في ارتباطه بنشاط تجاري وأساليب توزيع معينة وتحولات عصرية مع كونه ذا طابع فني، ما يحول دون سهولة استفادته من التشريعات الداعمة على النحو المتحقق في مجالات أخرى تحظى بتمكين أكبر لسهولة الآليات المتعلقة بها، وإمكانية تطبيق السياسات عليها بصورة أسرع.
نقطة أولى
من جانبها، رأت الشيف أروى لوتاه أن أبرز التحديات التي تواجه المبدعين في طريقهم لتحويل العمل الإبداعي إلى مشروع استثماري عدم إدراك المبدع المجال المناسب لإبداعه أو النقطة الأولى التي عليه الانطلاق منها في مسيرته، مبينة أن المبدع إذا أحاط نفسه بشخصيات تتمتع بالتفكير ذاته في مجالات مختلفة سيتحقق له ما يطمح بطريقة عفوية.
وأكدت أن حكومة الإمارات تحرص على دعم الشباب الموهوبين من كل الجنسيات، وتبحث عن الشخص المتفرد في مجاله بطريقة إبداعية، وتوفر له الدعم اللازم داخلياً وخارجياً، مشيدة بالدور الذي يحققه «منتدى القوز للريادة الإبداعية»، الذي تحتضنه دبي، بهدف تعزيز تواصل المبدعين مع الشركات ودفعهم إلى الخطوة الأولى في مشوارهم.
وأشارت إلى أن الوعي نما بصورة إيجابية تجاه الإبداع في مجال الطهي، ويؤيد ذلك تزايد عدد الطهاة الإماراتيين خلال السنوات الأخيرة، واحتكاكهم بالطهاة من جنسيات أخرى، وأن المجتمع بدا أكبر ويسع ثقافات متنوعة، منوهة بما ينتج عن ذلك من تعارف أكبر بين الشعوب.




