«تحدي القراءة العربي» مبادرة تثري ثقافة الأجيال وتعزز تقدم مجتمعاتنا

أكد مسؤولون وعدد من أبطال الجاليات وأبطال الدول، المتسابقون في «تحدي القراءة العربي»، أهمية المبادرة التي نجحت دبي من خلالها في تحويل القراءة إلى عادة متأصلة في نفوس الأجيال، موضحين أنها رسخت لديهم حب اللغة العربية، وحققت تجاوباً كبيراً تمثل في الأرقام الاستثنائية المشهودة والمتزايدة عاماً بعد عام، وشددوا على أن التحدي يرسخ علاقة الأجيال بالقراءة والمعرفة.

وأوضح الدكتور فوزان الخالدي، مدير إدارة البرامج والمبادرات في مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، لـ«البيان»، أن مبادرة «تحدي القراءة العربي»، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، هي أكبر مبادرة قرائية ثقافية حول العالم، مشيراً إلى أن الدورة التاسعة تشهد أرقاماً استثنائية في أعداد المشاركين من مختلف أنحاء العالم؛ إذ بلغ عددهم أكثر من 32 مليون طالب وطالبة يمثلون 50 دولة، كما وصلت نسبة المشاركين في المبادرة من طلاب الوطن العربي إلى 40%.

وقال: «إن توجيهات ورؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد تقضي بأن نصل إلى عدد أكبر، أي ما يصل إلى 100% من طلاب الوطن العربي، واليوم هدف المبادرة هو تعزيز اللغة العربية والإسهام في إنشاء جيل جديد متمسك بهويته وثقافته، وهذا الهدف ممكن من خلال التعاون مع وزارات التربية والتعليم في مختلف الدول العربية، وبالفعل هناك تجاوب كبير من قبل وزارات التربية والتعليم في هذه الدول، وسبق أن تم التعاون معها، وسيتم العمل على تعزيز التعاون للوصول إلى هذا الهدف».

وأشار الدكتور عامر الجعفري، عضو لجنة التحكيم في التحدي، إلى أن المشاركات هذا العام فاقت التوقعات من حيث المستوى والأداء ومعرفة الطلاب ما المطلوب منهم، مؤكداً أن غالبيتهم يكادون يعرفون الأسئلة التي ستوجه إليهم قبل أن نسألهم، فكانوا على أهبة الاستعداد لكل نقاشات اللجنة، وهذا المستوى المتقدم من الطلاب القارئين يفرض تحديات كبيرة، حيث يصبح الاختيار صعباً جداً بسبب التقارب الكبير بين مستويات المشاركين.

موسيقى الحروف

وخلال جولة بين المتسابقين من أبناء الجاليات لمعرفة استعداداتهم وطموحاتهم وآمالهم فيما يتعلق بالتحدي وبمستقبلهم أيضاً، قالت الطالبة ريم عادل الزرعوني، بطلة تحدي القراءة على مستوى الدولة، وتبلغ 13 عاماً، في تصريح لـ«البيان»: «أنا أهيم بعشق الضاد، ومتيمة بالقصائد وأعشق اللغة العربية، وأعيشها بكل تفاصيلها؛ لأنها موسيقى الحروف التي تحتضن في أعماقها قاموس المشاعر، فعندما نقول: أحبك، فإن لها إيقاعاً مختلفاً ولحناً جميلاً، وكذلك عندما نعبر عن الحزن. فاللغة العربية ساحرة».

وأشارت الزرعوني إلى أن مشاركتها هي الرابعة في التحدي، وأن قصتها مع هذا التحدي استثنائية بالفعل، فمنذ طفولتها وهي متفوقة في اللغة العربية، وكان حلمها دائماً أن تلتقي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، خصوصاً بعدما قرأت كتاب سموه «قصتي» وهي في التاسعة من عمرها، فلطالما أحبت هذا القائد الملهم، مؤكدة أنها شاركت في التحدي وهي مصرة على الفوز لتلتقي سموه وتفرحه بإنجاز بنت الإمارات.

وأضافت أن هذا ما تحقق لها بالفعل؛ إذ شكرت سموه على هذه المبادرة التي غيرت مجرى حياتها، ليجيبها سموه بأنه يفخر بها، مردفة: «من هذا المنبر أقول لسموه: في كل ركن ترى من مجدنا أثر، لا شك سيرتنا الياقوت والدرر».

تحدٍّ وإصرار

وأوضح الطالب نجم الدين رشيد نعمة، بطل تحدي القراءة من المملكة المتحدة، الذي يشارك للمرة الأولى، أنه سعيد جداً بالمشاركة في هذا التحدي، وأنه راضٍ عن كل النتائج مهما كانت، وإن كان يتمنى حصد اللقب، مؤكداً أنه قام بكل ما يجب عليه، ومستعد -إن لم يوفق- للمحاولة من جديد بطريقة مختلفة.

وقال نجم الدين: «أملك جمعية خيرية في بريطانيا هدفها تعليم اللغة العربية بين أبناء الجالية العربية في بريطانيا، لأني وجدت أن أبناء الجاليات العربية في بريطانيا بدؤوا ينسون لغتهم الأم، ولكي أحافظ عليها أنشأت هذه الجمعية بمساعدة عائلتي، لذلك في المرة المقبلة سأشجع بقية الطلاب في الجمعية لنشارك جميعنا في التحدي، وأقول لأقراني: طفل بلا لغة.. كبير بلا هوية»، مشيراً إلى أنه يقرأ أكثر من 6 ساعات يومياً، ويحب الجلوس وحده في غرفته مع الكتب والإبحار بين السطور، وأكثر ما يحبه كتب العلوم والتاريخ والشعر، ويحلم بأن يصبح شاعراً وكاتباً مشهوراً.

حماس وسعادة

وأعربت الطالبة مريم الشامخ، من موريتانيا، التي تشارك للمرة الأولى في التحدي، وقرأت أكثر من 100 كتاب برغم أن عمرها لا يتجاوز 8 سنوات، عن سعادتها الشديدة بالتجربة، وحماسها للوصول إلى التصفيات، موضحة أنها تحب قراءة السيرة النبوية كثيراً، وتقرأ يومياً ما يعادل ساعتين، تشعر بثقة كبيرة في الفوز باللقب، وهو بالفعل ما تسعى إليه.

وأكدت الطالبة مريم عمر أديب، من الدنمارك ويبلغ عمرها 15 عاماً، أنها تشارك في التحدي للمرة الثالثة دون أن ينفد صبرها أو تيأس، وأنها تهوى قراءة الروايات، وتحب أعمال الكاتب محمد العمري، معربة عن إعجابها الشديد بكتاب «لأنك الله»، الذي يعد أحد أكثر الكتب التي تحبها.

وقالت: «هذا الكتاب أهداني الكثير من الأسرار عن أسماء الله الحسنى، وكيف يمكننا الاستفادة منها في حياتنا إذا ما رددناها ونحن نعرف معانيها وندرك أهميتها»، موضحة أنها تحلم بأن تصبح طبيبة جراحة أو صحفية، وأنها تخصص يومياً ما يقارب 12 ساعة للقراءة، وتزيد على ذلك في الإجازات.

الطالبة سندس الهندي، من سوريا، وتمثل إيرلندا، وتشارك للمرة الأولى في التحدي، ذكرت أنها تهوى قراءة الروايات، وتخصص ما يقارب الساعة يومياً للقراءة والمطالعة، وتسعى إلى تحقيق حلمها في الوصول إلى لقب بطل تحدي القراءة في هذه الدورة، مؤكدة أن هذه التجربة أسهمت في تغيير حياتها بشكل كبير وإيجابي، فأصبحت تهوى القراءة لدرجة أنها لم تحصِ عدد الكتب التي قرأتها.

مفتاح النجاح

ونصحت الطالبة ألما محمود المعطي، من سوريا وتمثل سويسرا وتشارك للمرة الأولى، كل أقرانها بضرورة القراءة؛ لأنها برأيها «مفتاح النجاح والمعرفة، بل أهم ما في الحياة»، وتضيف إليها كل يوم متعة جديدة وكلمات ومرادفات لم تكن تعرفها، مشيرة إلى أنها تهوى كل أنواع الكتب، وخصوصاً العلمية منها. وتمثل أستراليا في التحدي الطالبة تقى عبدالخالق، التي تبلغ 16 عاماً، وتقول إن هذه هي مشاركتها الأولى، مبينة أنها توازن بين حياتها الدراسية ومحبتها للقراءة، وتخصص من ساعة إلى ساعتين للقراءة يومياً، كما تؤكد أنه يجب على كل الطلاب حول العالم تخصيص وقت للقراءة، سواء قبل النوم أو قبل الذهاب إلى المدرسة، ما من شأنه أن يوسع المدارك ويمد الإنسان بالعلم والمعرفة .

وتقول: «نصيحتي لأقراني أيضاً أن يتمسكوا بجذورهم، فنحن عرب وهذه لغتنا لغة الضاد، لا بد أن نتمسك بها لأنها هويتنا، فلا بد من أن نحفظ لغتنا ولا ندع مجالاً لأن تغيب عن حياتنا وتحل محلها لغة أخرى مثل الإنجليزية».

الطالبة نورسين شرفي (14 عاماً)، من أصل جزائري وتمثل تركيا في التحدي، أشارت إلى أنها قرأت أكثر من 300 كتاب في مجالات متنوعة، منها الدينية والثقافية والعلمية والاجتماعية، وأنها تعلمت منها الكثير، وأضافت: «لو قدر لي أن أترك الحبر والقلم يوماً لألخص تجربتي مع هذه الكتب فسأقول إني قرأت اكثر مما كتبت، ومؤكد أن كل كتاب قرأته لم يضف لي معلومة جديدة فقط، بل شكل بداخلي ملامح إنسان».

وبينت نورسين أنها تشتري الكتب العربية في كل مرة تسافر فيها كي يكون لديها مخزون كاف منها، بالإضافة إلى اشتراكها في العديد من التطبيقات التي تتيح لها قراءة ما تشاء من الكتب وقتما ترغب.