برج الشيطان... صرح غامض عمره 50 مليون عام يثير دهشة العلماء

يعدّ "برج الشيطان" (Devils Tower) في ولاية وايومنغ الأمريكية أحد أكثر المعالم الطبيعية غموضا وإثارة في البلاد، إذ يجمع بين الأساطير القديمة والحقائق الجيولوجية العجيبة. هذا التكوين الصخري الشاهق، الذي يبلغ ارتفاعه أكثر من 200 متر، تشكل — وفق تقديرات العلماء — قبل نحو 50 مليون عام، لكنه لا يزال حتى اليوم محاطا بالأساطير ومثارا للجدل العلمي والروحي على حد سواء.

ويقول الجيولوجيون إن البرج نتج عن اندفاع الحمم البركانية من باطن الأرض، التي بردت وتصلبت لتكوّن هذه الكتلة الصخرية المذهلة، غير أن السكان الأصليين لأمريكا يقدمون تفسيرا مختلفا تماما، ففي رواياتهم أن مجموعة من الفتيات كنّ يلعبن بالقرب من المكان، عندما طاردتهن دببة عملاقة، فاستجاب الله لصلوات إحداهن وارتفعت الأرض بهن لتشكّل الجبل، فيما خلفت مخالب الدببة الشقوق العمودية البارزة على سطحه، وتقول الأسطورة إن الفتيات تحوّلن في النهاية إلى الثريا التي تلمع في السماء حتى اليوم، وفقا لموقع starsinsider.

يُعتبر الموقع أيضا مكانا مقدسا لدى العديد من القبائل الأمريكية الأصلية، التي لا تزال تؤدي طقوسها الدينية هناك في أوقات محددة من العام، لكن هذا الجانب الروحي يقابله اهتمام من نوع آخر، إذ أصبح البرج وجهة مفضلة لعشاق المغامرة، وخصوصا متسلقي الصخور. وتعود أول محاولة لتسلقه إلى عام 1893، إلا أن الطريق إلى القمة لم يكن يوما خاليا من المخاطر.

ففي سبتمبر 2024، لقي متسلق أمريكي يبلغ من العمر 21 عاما مصرعه بعد سقوطه أثناء النزول بالحبال، في حادثة تعدّ الثامنة من نوعها خلال أكثر من قرن. وأعادت هيئة المتنزهات الوطنية إثر الحادثة التذكير بأهمية الالتزام بإجراءات السلامة، والتحقق من حالة الطقس ومسارات التسلق قبل الشروع في المغامرة. ومع ذلك، لا يزال كثير من المتسلقين يؤكدون أن منظر القمة الخلاب يستحق المجازفة.

إلى جانب الواقع والأسطورة، كان لبرج الشيطان حضوره في عالم السينما، إذ اختاره المخرج ستيفن سبيلبرغ موقعا رئيسيا لتصوير فيلمه الشهير "لقاءات قريبة من النوع الثالث" (1977)، الذي عزّز بدوره الاعتقاد الشعبي بارتباط البرج بالكائنات الفضائية. ويؤمن بعض الباحثين في الظواهر الغامضة بأن الموقع قد يكون نقطة هبوط للأجسام الطائرة، في حين يراه آخرون مجرد رمز لتداخل العلم بالخيال في الثقافة الأمريكية.

يُذكر أن "برج الشيطان" حاز مكانته التاريخية كـ أول نصب وطني في الولايات المتحدة حين أعلنه الرئيس ثيودور روزفلت كذلك عام 1906، ليبقى شاهدا على تلاقي الأسطورة والتاريخ والطبيعة.

واليوم، يستمر هذا الصرح الغامض في جذب الزوار والباحثين والمغامرين، مذكّرا بأن بعض أسرار الأرض لا تزال عصية على التفسير، وأن الجمال — أحيانا — يكمن في الغموض ذاته.