تسعى مجتمعات دبي الإبداعية إلى تعزيز روح الهوية الوطنية والموروث الإماراتي عبر عصرنة الحرف والصناعات التقليدية وإحياء بصماتها وجمالياتها، واستطاعت الحرف والصناعات التقليدية أن تكون جزءاً من مشاريع العديد من الفنانين؛ كونها ترسخ في حضورها استدامة المواد والخامات البيئية، إلى جانب انعكاسها الإيجابي على حراك الاقتصاد الإبداعي ضمن محور الفنون البصرية المعاصرة.
وحول أهمية المشروعات والتي تسعى إلى دمج الحرف التقليدية ضمن حراك الفنون البصرية في دبي، تقول القيمة الفنية فاطمة المحمود: بالنظر للإرث الثقافي والحضاري لدولة الإمارات، واحتفاظها بتقاليدها المتوارثة مجتمعياً وإنسانياً، كان لا بد أن يمتد هذا التأثير ليشمل الممارسات اليومية في الشارع والبيت الإماراتي المنفتح على كافة الثقافات، والمعروف بكرم الضيافة وقدرته التفاعلية مع مختلف الجنسيات وتقديره للاختلاف، مما فتح الباب أمام الفنانين لتسليط الضوء على العديد من الحرف والصناعات التقليدية، وأدخلوا بصماتها ورونقها ضمن مشروعاتهم العالمية، ومنهم من أوجد كذلك نقاط الالتقاء والاختلاف في الأشكال أو العناصر، ومقارنتها بالإرث العالمي لبعض الشعوب، وستجذب بذلك الجمهور المتلقي أكثر إلى العوالم الخاصة للحرفيين وحرفهم وتقاليدهم، بما في ذلك الفخار، والسفيفة، والتلي، والسدو، وغيرها.
وفيما يتعلق بعصرنة الموروث في قطاع التصميم والمنتجات يقول القيم الفني والفنان سليم أحمد: تدعم بحوث توثيقية متنوعة من قبل الفنانين الإماراتيين الاستفادة القصوى من الصناعات التقليدية الغنية بالتفاصيل والسرديات، والتي باتت اليوم تشكل إضافة حقيقية، وحلقة وصل بين عوالم الفنون والثقافة الشعبية الإماراتية، ونشر تقاليدها عالمياً وإبراز دورها المعاصر كجزء من مشروعات الاقتصاد الإبداعي المحلي.
إرث عريق
وعن دور التجارب والمشروعات التي يطرحها الفنانون الإماراتيون والمواهب المحلية في تعزيز حضور الصناعات والحرف التقليدية ثقافياً وفنياً، يقول الفنان والقيم الفني عبيد السويدي: إن الأعمال والمعارض المشتركة التي تشرف عليها وتدعمها المؤسسات الثقافية في دبي تسهم في رفع الوعي بضرورة التجديد والالتفات للحرف والصناعات القديمة والعمل على مزجها ضمن قطاعات متنوعة ومنها التصميم والموضة، ما يعطي تفسيرات نوعية لعلاقة الإنسان بالبيئة المحلية.
وترجمت أعمال فنية تحمل بصمة الحرف والصناعات التقليدية ارتباط التراث والثقافة المحلية بذاكرة الفنان المعاصرة، ليصبح لدينا أعمال جديرة بالاهتمام والتشجيع.
ويشير الباحث في الفنون الشرق أوسطية والمخرج المسرحي جوليان موني، إلى أن الثقافة الإماراتية تمتاز بالتنوع الذي ينتصر لجذورها العربية والإسلامية، وبالتالي هي تتشارك بعض الصناعات والحرف اليدوية مع العديد من دول الخليج والعالم العربي، وخلال رحلة تتبعي أنا وفريق العمل لرحلة النسيج عالمياً اكتشفنا أن الكثير من التصاميم والأشكال التي تغزلها حرفة السدو تتشارك في نماذجها مع حرف الغزل والنسيج في بقاع مختلفة في أوروبا وأمريكا الجنوبية وحضارتها القديمة، كدليل على قيم التواصل الإنساني التي نمت وتشبعت عبر الأسفار والرحلات التجارية، واليوم تلعب دبي دوراً ريادياً في تمازج الثقافات والاستفادة من إنتاجاتها التي يقدمها المبدعون على أرضها من كافة الجنسيات.
اقرأ أيضاً:
الحرف التقليدية في دبي تثري المشهد الإبداعي المحلي والعالمي
مركز «تراث» في الشندغة يحتضن أسرار الحرف اليدوية بدبي
«دبي للثقافة» تكشف أسرار الحرف اليدوية