التراث في دبي.. شواهد تاريخية تعكس روح المدينة وجواهرها

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

التراث ذاكرة المجتمع ونبض الماضي وروح الحاضر، وجسر يربط الأجيال القادمة بثقافتها الأصيلة. وتولي دبي التي تحتفل سنوياً باليوم العالمي للتراث الذي يصادف 18 أبريل من كل عام، اهتماماً كبيراً بصون تراثها الثقافي الغني، لأهمية دوره في تعزيز الهوية الوطنية في نفوس أبناء المجتمع، وبوصفه جزءاً مهماً من الصناعات الثقافية والإبداعية وداعماً رئيسياً للسياحة الثقافية في الإمارة، ما يجسد حكمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الذي قال: «نبحث في الماضي لنستكشف كنوزه ومكنوناته، ونحيي التراث لإحياء ذاكرة شعبنا ونحافظ عليه من الاندثار ليبقى شاهداً على ماضينا وقيمنا الإنسانية والمعرفية».

وتعمل هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة» من خلال مبادراتها ومشاريعها المختلفة على تعزيز حضور التراث المحلي على الخريطة العالمية، ورفع مستوى الوعي لدى أفراد المجتمع بأهمية التراث المحلي وتحفيزهم على المحافظة عليه إلى جانب إبراز تفاصيله وجمالياته، وذلك عبر تقديمها لسلسلة من التجارب الثقافية المبتكرة والورش التعريفية والفعاليات المتنوعة التي تتناغم مع مسؤوليتها الثقافية الهادفة إلى صون التراث المادي وغير المادي.

متحف الشندغة

وتدير الهيئة مجموعة من المواقع التراثية والتاريخية في دبي، والتي تعكس جوهر المدينة الغني وتراثها العريق، وهو ما يتجلى في متحف الشندغة، أكبر متحف تراثي في الإمارات، حيث يضم 22 جناحاً تحتضن 80 بيتاً تاريخياً متنوعاً، يُعبر كل منها عن تطور دبي ودولة الإمارات. ويتيح فرصة اكتشاف تاريخ إمارة دبي وثقافتها وتراثها العريق، بمجموعة من المقتنيات والمعروضات والأفلام والصور الفوتوغرافية القديمة بطريقة تفاعلية مبتكرة. ويعكس المتحف من خلال أجنحته نمط الحياة التقليدية التي كانت سائدة في دبي، منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى سبعينات القرن العشرين.

قطعة أثرية

ويضم متحف الشندغة الواقع في «حي الشندغة التاريخي»، «بيت خور دبي: نشأة مدينة» الذي يعرض أكثر من 150 قطعة أثرية وتاريخية وصوراً وأفلاماً تاريخية لإمارة دبي في منتصف القرن الـ20، متيحاً لزواره فرصة الإبحار في تاريخ الإمارة والتعرف على قصة نشأتها وتشكيل ملامح مجتمعها على ضفتي الخور، فيما يستعرض «بيت دبي المعاصرة» العوامل الثقافية والاقتصادية والتاريخية التي ساهمت في تطوير الإمارة، ويركز على أول طفرة نمو شهدتها دبي في القرنين التاسع عشر والعشرين، ويضيء أيضاً على التنمية الحضارية التي تشهدها الإمارة، كما يضم المتحف «بيت العطور»، الذي يبرز ثقافة العطور وتطورها وارتباطها بدبي، ويمنح الزائر فرصة استكشاف بعض المكونات المستخدمة في تركيب العطر الإماراتي، ويضم أكثر من 70 من المقتنيات أبرزها مبخرة يعود تاريخها إلى 3000 عام، حيث اكتشفت في موقع ساروق الحديد الأثري بدبي.

وتبرز مقتنيات «بيت الحرف التقليدية» الطرق التي اعتمدها الأجداد لتسخير موارد الطبيعة لصنع منتجات تتناسب مع احتياجاتهم وحياتهم اليومية، ويوفر «بيت الزينة والجمال» تجربة غنية لزواره، عبر تقديمه نماذج مختلفة من الزي الوطني المحلي، بوصفه جزءاً من الهوية الوطنية، ويعرض «بيت المجوهرات التقليدية» تشكيلة واسعة من الحُليّ المصنوعة من المعادن الثمينة والأحجار الكريمة واللؤلؤ، بهدف تعريف الزوار بمكانة المجوهرات في الثقافة المحلية وتاريخها وأنواعها وتصاميمها المختلفة المستلهمة من صميم البيئة المحلية، وغيرها الكثير.

رحلة معرفية

في حين يهدف برنامج متحف الشندغة العائلي إلى منح زوار المتحف فرصة استكشاف تفاصيل التراث البحري والبيئة الساحلية في دبي، والتعرف على تأثير البحر في الحياة المجتمعية، عبر مجموعة من الفعاليات والمسارات التي تأخذ العائلات في رحلة ثرية بالمعرفة بفضل ما تتضمنه من تجارب استثنائية تتيح للأفراد فرصة التجوال بين أروقة متحف الشندغة وأجنحته المختلفة.

ورش العمل

وتدير «دبي للثقافة» حي الفهيدي التاريخي الذي يمتاز بأزقته ومبانيه ذات البراجيل العالية والمشيدة بمواد البناء التقليدية، كما توفر لزوار «مركز تراث للحرف اليدوية التقليدية»، الذراع التعليمية لمتحف الشندغة، سلسلة من ورش العمل التفاعلية الهادفة إلى تمكينهم من التعرف على تفاصيل مجموعة من الحرف اليدوية واستكشاف أسرارها وتعلم تقنياتها، وإبراز أهمية الحرف ودورها في دعم قوة الصناعات الثقافية والإبداعية.

حرف تقليدية

ويركز المركز من خلال برنامج «الورش التعريفية» الذي ينظمه يومياً على سبع حرف تقليدية، هي: صناعة الفضة، وصناعة الدخون والعطور، وتطريز التلي، وصناعة القراقير وصناعة الحبال، وسف الخوص وقرض البراقع، ويقدمها ضمن ورش عمل تشرف عليها نخبة من الخبراء والمختصين في التراث والحرف وصناعة المنتجات التراثية، بهدف تعريف الأجيال القادمة على طبيعة هذه الحرف وإكسابهم ما يحتاجونه من خبرات ومهارات ومعارف تمكنهم من الإلمام بأساليبها وأنواعها وحضورها في الذاكرة المجتمعية.

حتا التراثية

وتشكل قرية حتا التراثية مركزاً تاريخياً في منطقة حتا، وتضم مجموعة مبانٍ وبيوت تجسد التراث المعماري للمنطقة، وتحتضن سنوياً فعاليات «ليالي حتا الثقافية» التي تنظمها «دبي للثقافة» بهدف توطيد علاقة الجمهور بالتراث المحلي وتمكينهم من استكشاف تفاصيل منطقة حتا وإمكاناتها التاريخية والطبيعية والثقافية، من خلال أجندة غنية بالفعاليات التراثية والعروض التي تسهم في إبراز عادات وتقاليد منطقة حتا، فيما يمتاز «مجلس غرفة أم الشيف» للمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، والواقع في منطقة جميرا بنكهته التراثية الخاصة، حيث يتيح لزواره فرصة معايشة أجواء مجالس الحكم وما كان يدور فيها من نقاشات، ويُتخذ فيها من قرارات مهمة ساهمت في تطوير دبي وترسيخ مكانتها العالمية.

كما تقدم الهيئة لرواد مكتبات دبي العامة من خلال مشروعها «مدارس الحياة» العديد من الجلسات وورش العمل التي تسلط الضوء على جماليات التراث المحلي.

إن التراث في دبي يحمل بين طياته الكثير من القصص التي لا تنسى، والعديد من الدلالات التي تبرز جمالياته وما يمتلكه من مقومات تحفز على السياحة الثقافية، وتعزز بصمة دبي ومكانتها على الساحة الدولية، كمركز عالمي للثقافة والإبداع .

Email