في تطور لافت للحرب في أوكرانيا، فجّر سقوط مسيرات على أراضي بولندا تنديداً أطلسياً وأوروبياً واسعين، عبر اتهامات لموسكو بتعمد الاستهداف، والتجاهل الصارخ للسلام، وتعهد مشترك بالدفاع عن كل شبر من أراضي «الناتو»، وسط توجه أوروبي واضح لاستخدام فوائد الأصول الروسية المجمدة لإقراض كييف.

وقالت قيادة العمليات بالقوات المسلحة البولندية في ساعة مبكرة من صباح أمس، إن بولندا استخدمت أسلحة لإسقاط طائرات مسيرة فوق أراضيها بعد انتهاكات متكررة لمجالها الجوي خلال هجوم روسي على أوكرانيا.

وذكرت القيادة في بيان على منصة إكس: «خلال هجوم اليوم الذي شنته روسيا على أهداف في أوكرانيا، انتهكت طائرات مسيرة مجالنا الجوي بشكل متكرر.. بناء على طلب القائد العملياتي للقوات المسلحة، استُخدمت أسلحة والعمليات جارية لتحديد مواقع الأهداف التي أُسقطت».

وذكرت وزارة الداخلية البولندية، أنه تم العثور على 7 طائرات مسيرة أو قطع من حطام من هذه الطائرات في بولندا، في أعقاب انتهاكها للمجال الجوي البولندي الليلة الماضية.

وتم العثور على 5 طائرات بدون طيار في إقليم لوبلين شرق بولندا، طبقاً لما ذكرته ناطقة باسم الوزارة، فيما تحطمت إحدى الطائرات بدون طيار فوق إقليم لودز بوسط بولندا وطائرة أخرى فوق إقليم فارميا-ماسوريا شمال شرق البلاد. كما تم العثور على حطام قذيفة مجهولة المنشأ.

وعلى الفور، أكد الجيش الروسي، أنه لم يستهدف مواقع بولندية أثناء هجوم بالمسيرات على أوكرانيا. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان: لم تكن هناك أي نوايا لضرب أي أهداف في أراضي بولندا، من دون تأكيد أو نفي دخول مسيراتها المجال الجوي البولندي.

واتهمت موسكو، بولندا، بنشر خرافات والافتقار إلى الأدلة. وقالت الخارجية الروسية إن الحقائق الملموسة تدحض بالكامل الخرافات التي تنشرها بولندا مجدداً لتصعيد أزمة أوكرانيا.

وأفادت السفارة الروسية في وارسو، بأن بولندا فشلت في تقديم أدلة على المصدر الروسي للأجسام التي دخلت المجال الجوي البولندي. ورفض الكرملين التعليق على اختراق مسيرات الأجواء البولندية، وقال الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، للصحافيين: نفضل عدم التعليق.. الأمر ليس من اختصاصنا، إنه من اختصاص وزارة الدفاع.

وعندما سئل عن الاتهامات الموجهة إلى روسيا بإطلاق مسيرات عمداً عبر بولندا كاستفزاز، قال بيسكوف، إن زعماء الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي يتهمون روسيا بالاستفزاز يومياً ولا يحاولون حتى تقديم أي مبرر.

وأفاد رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، بأن وارسو أسقطت 3 مسيرات روسية على الأقل ورصدت ما لا يقل عن 19 انتهاكاً لمجالها الجوي. وأضاف أن بولندا ستجمع حلفاءها في حلف شمال الأطلسي لإجراء محادثات عاجلة.

واستدعت بولندا القائم بالأعمال الروسي، أندري أورداش، للحصول على تفسيرات، وفق ما ذكرت وكالة ريا نوفوستي. وقال أورداش إنه لم يتم تقديم أي دليل على أن المسيرات أتت من روسيا.

في السياق، قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن 8 مسيرات روسية كانت موجهة نحو بولندا في الهجوم الذي أطلقت خلاله موسكو من 400 مسيرة وصاروخاً على أوكرانيا.

وصرح زيلينسكي: لم يكن الأمر مجرد مسيرة يمكن أن نقول إنها حادث، بل ما لا يقل عن 8 مسيرات هجومية كانت موجهة نحو بولندا، معتبراً أن ذلك يمثل سابقة خطرة لأوروبا.

وأضاف: اقترحت منذ فترة طويلة على شركائها إنشاء نظام دفاع جوي مشترك لضمان تدمير المسيرات والصواريخ الروسية. وقالت روسيا البيضاء، إنها أسقطت طائرات مسيرة انحرفت عن مسارها بسبب التشويش الإلكتروني خلال تبادل الضربات بين روسيا وأوكرانيا، مشيرة إلى أن مينسك أبلغت بولندا وليتوانيا باقتراب تلك الطائرات المسيرة.

موقف

على صعيد متصل، أكد حلف شمال الأطلسي، أن دفاعاته الجوية أسهمت في التصدي للمسيرات. وقالت الناطقة باسم الناتو، أليسون هارت: دخلت الكثير من المسيرات المجال الجوي البولندي خلال الليل وواجهتها الدفاعات الجوية البولندية والأطلسية.

مشيرة إلى أن الأمين العام للحلف، مارك روته، على تواصل مع وارسو. وأفاد قائد الناتو في أوروبا، الجنرال الأمريكي، أليكسوس غرينكويتش، بأن التحالف استجاب للوضع بشكل سريع وحاسم.

وقال الأمين العام للحلف، مارك روته، إن التحالف الدفاعي الغربي يقوم بتقييم كامل بعد إسقاط أكثر من 12 طائرة مسيرة روسية بعد دخولها المجال الجوي البولندي. وقال روته: سواء كانت عن عمد أم لا، فهي متهورة للغاية وخطيرة للغاية.

وأضاف في رسالة موجهة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين: أوقف انتهاك المجال الجوي للحلفاء، وأعلم أننا على استعداد، وأننا حذرون، وأننا سندافع عن كل شبر من أراضي الناتو.

وفي وقت لاحق، أشار الرئيس الأمريكي، إلى انتهاك طائرات روسية مسيرة المجال الجوي لبولندا. وقال ترامب في منشور على منصته تروث سوشال: ما قصة روسيا وانتهاكها المجال الجوي البولندي بطائرات مسيرة؟، ها نحن نبدأ من جديد!.

بدوره، أكد السفير الأمريكي لدى حلف شمال الأطلسي، ماثيو ويتاكر، وقوف واشنطن إلى جانب حلفائها بعدما خرقت مسيرات المجال الجوي لبولندا. وقال ويتاكر على إكس: نقف إلى جانب حلفائنا في الناتو في مواجهة هذه الانتهاكات للمجال الجوي وسندافع عن كل شبر من أراضي الناتو.

كما قالت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إن روسيا ارتكبت أخطر انتهاك للمجال الجوي فوق بولندا منذ بدء الحرب.

وأضافت كالاس أن الدلائل تشير إلى أن الأمر كان متعمداً وليس عرضياً، داعية إلى زيادة الضغط على موسكو وزيادة الاستثمار الدفاعي للاتحاد الأوروبي.

موجة إدانات

وأدان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اختراق المجال الجوي البولندي، واصفاً الواقعة بأنها غير مقبولة. وكتب ماكرون عبر منصة إكس: أطالب روسيا بإنهاء هذا الاندفاع المتهور.

وأعرب ماكرون عن تضامنه مع الشعب البولندي وحكومته. كما أدان رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، الانتهاك الصارخ وغير المسبوق للمجال الجوي البولندي ولحلف شمال الأطلسي.

مؤكداً دعم المملكة المتحدة لبولندا وأوكرانيا. وقال ستارمر في بيان، الهجوم الذي وقع هذا الصباح على أوكرانيا والانتهاك الصارخ غير المسبوق للمجال الجوي البولندي وحلف الناتو من قبل طائرات بدون طيار روسية أمر مقلق للغاية، مضيفاً:

كانت هذه خطوة متهورة للغاية من قبل روسيا ولا تخدم إلا في تذكيرنا بتجاهل الرئيس فلاديمير بوتين الصارخ للسلام والقصف المستمر الذي يواجهه الأوكرانيون الأبرياء كل يوم.

وأعرب رئيس وزراء التشيك، بيتر فيالا، عن تضامنه مع بولندا، مشيراً إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يهدد أوروبا كلها ويختبر بشكل منهجي إلى أي مدى يمكنه الذهاب. وأضاف: بوتين لن يتوقف حتى نوقفه يداً بيد من خلال فرض أشد العقوبات.

وأدان وزير الدفاع والخارجية الألمانيان، اختراق أجواء بولندا، ففيما شدد وزير الدفاع، بوريس بيستوريوس، على أن الطائرات المسيرة وجهت عمداً إلى هذا المسار، أشار وزير الخارجية يوهان فاديفول، إلى أن روسيا أقدمت باستخفاف على تصعيد خطير من خلال هذا الفعل.

فوائد أصول

على صعيد آخر، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، أن الاتحاد الأوروبي سيستخدم الفوائد على الأصول الروسية المجمدة لمنح قرض تعويض جديد لأوكرانيا، ولكن من دون المساس بالأصول نفسها. وقالت فون دير لايين في كلمة أمام البرلمان الأوروبي:

نحن بحاجة إلى العمل بشكل عاجل لإيجاد حل جديد لتمويل مجهود أوكرانيا الحربي انطلاقاً من الأصول الروسية المجمدة، وبفضل الأرصدة النقدية المرتبطة بهذه الأصول، يمكننا منح أوكرانيا قرض تعويضات، لن تمس الأصول نفسها.. إنها حرب روسيا.. لذا فإن روسيا هي التي يجب أن تدفع الثمن.