لم يكن رجل الأعمال الإماراتي حسين بن عبد الرحمن خانصاحب، أحد الأسماء البارزة في رحلة التطور التي شهدتها الإمارات على مدار عدة عقود فحسب.
بل كان أحد أكبر رواد البناء والتعمير في الإمارات الذين أسهموا في تشييد وتطوير البنية التحتية في الدولة سواء على صعيد الطرق الخارجية والداخلية بين الإمارات أو في مجال الجسور والأنفاق وبناء المشاريع الحكومية والمراكز التجارية والملاعب والمنشآت الأخرى، إلى جانب المساهمة في حركة التطوير والتنويع عبر مسيرة حافلة من التوسع الاستثماري، والإسهام في تعزيز مكانة الدولة على الصعيد الاقتصادي.
وكان خانصاحب، ضمن ألمع الأسماء في العمل الخير والإنساني وأحد أبرز رواد بناء المؤسسات الخيرية التي أسهمت بدعم مختلف فئات المجتمع، إلى جانب جهود المساعدات الخارجية.
وفي عام 1935 تأسست شركة خانصاحب، على يد جد حسين الأكبر وهو أحد كبار تجار دبي ويدعى حسين بن حسن عماد الذي حصل على لقب «خانصاحب» للدلالة على المكانة الرفيعة.
وبدأ حسين خانصاحب أول خطواته الوظيفية عبر البوابة الأساسية لسوق العمل في الإمارات، وهي مجال النفط والغاز، حيث عمل مترجماً مع عدد من المراكز وشركات التنقيب، فيما كانت الخطوة الأبرز في مرحلة بناء خبراته عندما انتقل عام 1948 للعمل في البنك البريطاني لإيران والشرق الأوسط.
مكانة متنامية
وراكمت تلك الفترة مهاراته وخبراته العملية والوظيفية التي كانت سنداً مباشراً له بعد ذلك نحو خطوته الأساسية في تحول مسيرته ودخوله نادي رجال الأعمال ليتولى تطوير شركة خانصاحب عام 1954 متولياً رئاسة مجلس إدارة الشركة، التي تبوأت في تلك الفترة مكانة متنامية في سوق الإنشاءات بالدولة عقب إنجازها عدداً من المشاريع المهمة ومنها إنشاء طريق الشارقة رأس الخيمة، إلى جانب بناء مستشفى آل مكتوم، وبناء جسر المقطع الشهير، وهو أول جسر يربط جزيرة أبوظبي بالبر الرئيسي.
باقة المشاريع
وأسهمت خبرات حسين خانصاحب في رسم مسيرة تطوير أعمال الشركة لتسهم في أبرز المشاريع الإنشائية على مدار 40 عاماً تقريباً شملت بناء مطار الشارقة ونفق المركز التجاري ومحطة تزويد وقود الطائرات التابعة لشركة بريتش بتروليم، إلى جانب مشروع دوار برج الساعة الشهير في قلب دبي، ومنها مشاريع حديثة مثل الأعمال الرئيسية في بناء مول الإمارات، إلى جانب عشرات المشاريع التطويرية التي أسهمت بشكل مباشر في إرساء البنية التحتية والمرافق الحيوية بالدولة.
وطوع حسين خانصاحب خبراته ومسيرته المثمرة في توسع أذرع الشركة وتنويع محفظة أعماله بما يلائم التطور الاقتصادي الذي تعيشه الإمارات فعمد عام 1996 إلى تأسيس شركة «خانصاحب للاستثمار» لتوسيع نطاق الأعمال والاستثمار في العديد من المشاريع والشركات الجديدة.
الأعمال الخيرية
عقب ذلك بدأ الراحل مرحلة جديدة في رحلة العطاء التي خاضها، حيث طوّع مسيرة الجهود والأعمال الخيرية والمجتمعية التي صاحبت أعمال شركته الأساسية، منذ انطلاق أعمالها في ثلاثينيات القرن الماضي، حيث أعلن في عام 1999 عن تخصيص 20 مليون درهم لإنشاء مؤسسة خانصاحب للأعمال الخيرية ومساعدة المحتاجين.
وذلك عبر آلية اقتصادية متطورة تسهم في دعم الموارد المالية للأعمال الخيرية من خلال استثمار رأس المال في عدد من كبريات الشركات العالمية وتخصيص العائد بشكل مباشر للإنفاق على المشاريع الخيرية التي تقوم بها المؤسسة.
وضمت الأعمال التي تم تطويع العوائد الاستثمارية لها إنشاء مساكن لأصحاب الدخل المحدود إلى جانب المبادرات الصحية والتعليمية ومساعدة الأسر محدودة الدخل والمعسرين وفئات الطلاب المختلفة.
ولم يتوقف عطاء الراحل عبر مؤسسته الخيرية على النطاق المحلي بل تخطت ذلك للمساهمة بأعمال مباشرة منها بناء دور رعاية الأيتام وإنشاء المساجد في العديد من الدول.
